وزراء طاقة في سبع دول يدشنون في القاهرة منتدى غاز شرق المتوسط. قائمة المشاركين تضم إلى جانب مصر، إيطاليا، وقبرص، واليونان، والأردن، والسلطة الفلسطينية، وإسرائيل.
واكتشفت مصر وقبرص وإسرائيل كميات كبيرة من الغاز في مياه البحر المتوسط في السنوات الأخيرة، والعثور على المزيد مؤكد تقريبًا، ما يعني أن عمل الدول الثلاث معًا سيحل الكثير من المشكلات اللوجستية والسياسية لإيجاد أسواق للغاز، ويحقق صفقة مربحة لجميع الأطراف المعنية.
وتتفاوض نيقوسيا والقاهرة لمد خط أنابيب بين حقل أفروديت ومرافق الغاز المسال المصرية، بينما تتوقع وزارة الطاقة الأردنية وصول الغاز المصري هذا الشهر.
الاجتماع التأسيسي ضم وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، في زيارة نادرة لمسؤول إسرائيلي إلى القاهرة.
الاتفاقات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل كانت دومًا مثيرة للجدل، لكن العلاقات مؤخرًا تتوسع باضطراد، حسب وصف أسوشيتد برس.
المنتدى – حال اكتماله – سيمثل قوة متناسقة الجهود في اقتصاديات الغاز الطبيعي، إلى جانب المصدرين التقليديين كروسيا وقطر.
استغلالًا لبنيتها التحتية، وسوق الاستهلاك الكبير، تخطط مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، عبر تسييل الغاز، وتصديره إلى أوروبا.
وتراهن مصر على موقعها الإستراتيجي؛ قناة السويس، والربط البري بين آسيا وأفريقيا، وبنية تحتية تشمل شبكة خطوط أنابيب واسعة ومحطتي تسييل للغاز، للتحول إلى مركز للتجارة والتوزيع في المنطقة وخارجها.
وضمن جهود التنفيذ، وقعت دولفينوس هولدينجز ليمتد المصرية، في فبراير/ شباط 2018، اتفاقًا بقيمة 15 مليار دولار، يقضي بشراء 64 مليار متر مكعب من الغاز خلال 10 سنوات، من ديليك دريلينج الإسرائيلية، وشريكتها الأمريكية نوبل إنرجي.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تقول أسوشيتد برس إنه يشرف بنفسه على الجهود، يقول إن مصر “أحرزت هدفًا” بتوقيع الصفقة.
وزارة البترول المصرية تقول إن المنتدى الجديد يستهدف العمل على إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء بتأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد، وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية.
الوزارة أكدت أن الباب مفتوح أمام المنتجين، المستهلكين، أو دول العبور للانضمام لعضوية المنتدى.
الوزراء المشاركون قالوا إن الاكتشافات الجديدة والاستغلال الأمثل لها في حقول غاز شرق المتوسط سيكون لها بالغ الأثر على أمن الطاقة بالمنطقة.
ويخلق إنشاء مركز للطاقة فرص عمل جديدة في مصر، ويوفر مصدرًا ضروريًا لإيرادات الضرائب.
في حديثه بعد الاجتماع، أشاد شتاينتز بالمبادرة المصرية، قائلًا إن اكتشاف الغاز في شرق المتوسط، وتدشين منظمة لتنسيق إدارتها يساعد على تقوية الروابط بين الدول المشاركة.
وتعود آخر زيارة لمسؤول إسرائيلي إلى مصر إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، عندما شاركت وزيرة المساواة الاجتماعية جيلا جملئيل في مؤتمر متوسطي حول المساواة بين الرجال والنساء.
شتاينتز أعلن أيضًا أن إسرائيل ستبدأ تصدير الغاز إلى مصر خلال 3 أشهر.
الدفعات الأولى ستُضخ من حقل تامار، ينتقل خلال 10 أشهر إلى حقل ليفياثان، الذي سيفتتح في وقت لاحق هذا العام.
واشترت إسرائيل ومصر في سبتمبر/ أيلول 2018، حصة 39% في خط أنابيب شركة غاز شرق المتوسط، بما مهد الطريق لبدء صفقة تصدير الغاز.
مسؤول إسرائيلي مقرب من شتاينتز قال إن “الدعوة التي وجهت الى شتاينتز هي إحدى نتائج اتفاق الغاز”.
أعتقد أن هذا هو أهم تعاون اقتصادي بين مصر وإسرائيل منذ التوقيع على معاهدة السلام قبل 40 عامًا – يوفال شتاينتز
الاتحاد الأوروبي يسعى للحد من اعتماده على الغاز الروسي، وبالتالي يشجع على تطوير طرق إمداد جديدة.
ويشعر الزعماء الأوروبيون بالقلق إزاء الحاجة للاعتماد على استيراد الغاز من روسيا، والمخاطرة المتمثلة في استغلال بوتين الأمر لصالحه في أي نزاع سياسي، بخلاف الطلب المتزايد في الصين والهند.
ويسعى الاتحاد الأوروبي لسد احتياجاته من الغاز بطرق جديدة، اعتمادًا على إسرائيل. التطور سيعيد تشكيل المنطقة كمزود للطاقة، ويضعف هيمنة روسيا على السوق الأوروبي، وقد يحد الطموحات الإيرانية في استخدام سوريا كبوابة لشرق المتوسط.
بين المشروعات المقترحة استيراد الغاز الإسرائيلي عبر اليونان وإيطاليا وقبرص، وهو ما يسمح لإسرائيل وقبرص بتصدير احتياطاتهما إلى إيطاليا، وصولًا إلى بقية أوروبا، لكنه يمثل تحديًا تقنيًا هائلًا، إذ يمتد بطول 2200 كيلومتر، على عمق ثلاثة كيلومترات تحت البحر المتوسط. يحتاج لسبع سنوات، وتكلفة لا تقل عن 7 مليارات دولار، بحسب هآرتس.
الرهان الأفضل لكل الأطراف هو الاعتماد على مصر. وكان للاتحاد الأوروبي مقعد في اجتماع القاهرة.
“كانت هناك مشاركة مهمة للغاية للمفوض الأوروبى للطاقة ، مع رسالة مهمة جدًا إلى إسرائيل ومصر وقبرص. أوروبا تنظر لشرق المتوسط كبديل لبحر الشمال (طريق الغاز الروسي)”.
ربما لم يكن المنتدى في نسخته الأولى قادرًا على تحقيق نتائج ملموسة، لكن المشاركين وافقوا على الاجتماع مجددًا في أبريل/ نيسان ومايو/ أيار.
وزير الطاقة الإسرائيلي يعتبر الاتفاق على عقد اجتماعات منتظمة “إنجازًا بذاته”، يبعث برسالة “مهمة ومشجعة للغاية” للعالم.
تحليل لـ هآرتس، نشرته في سبتمبر/ أيلول الماضي، يقول إن أعمال الطاقة تقدم فوائد اقتصادية كبيرة دفعة واحدة لكل المعنيين، لكنها قد لا تصل إلى أي شيء إذا تدخلت تقلبات السياسة في المنطقة.
مخاطر أخرى تتعلق بتركيا؛ إذ أعلن أردوغان صراحة أن بلاده “لن تقبل” محاولات استخراج الموارد الطبيعية، سواء “في بلادنا أو قبرص أو في شرق البحر المتوسط”.
وهددت أنقرة مرارًا باستخدام القوة ضد سفن كانت متجهة إلى شرق المتوسط للتنقيب عن الغاز لصالح اليونان. وهو ما نفذته في فبراير/ شباط الماضي.
مصر حذرت تركيا في وقت سابق من المساس بحقوقها الاقتصادية في المنطقة، بموجب اتفاقية أبرمتها مع قبرص لترسيم الحدود البحرية عام 2013، وتعترض عليها تركيا.
مشكلة أخرى تدور بين إسرائيل ولبنان حول التنقيب عن الغاز في منطقة الامتياز 9 شرق المتوسط، لكن الولايات المتحدة تحاول التوسط لحل الأزمة.
تقديرات دولية تشير إلى أن احتياطات منطقة شرق المتوسط تصل إلى نحو 122 تريليون قدم مكعب من الغاز.
حقل ظهر المصري أكبر حقول الغاز في المنطقة، إذ تقدر احتياطاته بنحو 30 تريليون قدم مكعب، لكن الحقول تشمل أيضًا ثلاثة حقول إسرائيلية، هي تامار “10 تريليونات”، وليفياثان “17 تريليونًا”، وتنين “1.2 تريليون”، وأفروديت القبرصي “8 تريليونات”.