لأربع سنوات، كانت العلاقات المصرية الأمريكية في أوجها، بسبب تقارب وجهات النظر بين الرئيسين دونالد ترامب وعبد الفتاح السيسي.
مع الإعلان غير الرسمي لفوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020، بدأت جماعات الإسلام السياسي ونشطاء اليسار الاحتفال باعتبار أن فوز بايدن انتصار مباشر على النظام المصري.
فهل حقا ستسوء العلاقات بين البلدين بفوز بايدن؟
كيف سيتعامل بايدن مع مصر؟
وكيف ستتعامل مصر مع بايدن؟
س/ج في دقائق
لماذا قد تكون مصر أكثر قلقًا من خلافة جو بايدن لترامب؟
مصر بحاجة إلى الولايات المتحدة كحليف رئيسي في مجموعة متنوعة من الملفات، بما في ذلك أزمة سد النهضة الإثيوبي، الحرب الأهلية في ليبيا، المساعدات العسكرية والمالية المباشرة، دعم المساعدات والقروض من المؤسسات المالية مثل صندوق النقد الدولي، تطوير سوق الغاز الطبيعي، والتجارة.
وفي انتخابات 2020، لم تبد مصر انحيازًا رسميًا لدونالد ترامب أو جو بايدن وإن كان الجو العام أكثر ميلًا لترامب. وكانت بين أوائل مهنئي بايدن عالميًا، وأول مهنئيه في الشرق الأوسط.
الشاغل الرئيسي كان السياسة التي ينوي جو بايدن اتباعها مع مصر بعد تلميحاته السابقة عن زيادة الضغط في ملفات السياسة الداخلية.
وسائل الإعلام المصرية متخوفة من تعيين متعاطفين مع الإخوان في مناصب رئيسية في إدارته، أو استكمال نهج باراك أوباما في السعي للمصالحة مع جماعات الإسلام السياسي والمحاور الراديكالية على حساب المحور المعتدل، بالدرجة التي دفعت بعضها للتحذير من “منح جو بايدن للإسلاميين ربيعًا عربيًا ثانيًا”.
وهل مصر محقة في القلق من رئاسة جو بايدن ؟
نادرًا ما علق جو بايدن مباشرة على قضايا الشرق الأوسط أو مصر خصوصًا خلال حملته الانتخابية، لكنه، في مقال قدم فيه جو بايدن عقيدته السياسية نشرته فورين بوليسي في يناير 2020، وعد بتبني سياسة تقوم على حماية حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية.
تعريف “حقوق الإنسان – الديمقراطية” ربما يكون مختلفًا بين الأطراف. وعلى عكس ترامب، أعلن بايدن أنه لن يتعاون مع الأنظمة التي لا تحترم الأعراف الغربية. وندد في يوليو بـ “اعتقال نشطاء حقوقيين” في مصر، وحذر أنه “لن يكون هناك المزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل”.
اتجاه جو بايدن بهذا الصدد يحظى بدعم من بعض تيارات حزب الديمقراط في الكونجرس. المضي قدمًا في أي خطوات تصعيدية سيحتاج لدعم أكبر في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين.
إذا تصرف بايدن بناءً على تصريحات ما قبل الانتخابات، فمن المحتمل أن تعود العلاقات بين القاهرة وإدارة جو بايدن إلى الأجواء الباردة التي سادت خلال ولاية أوباما.
ولم يدع أوباما أبدًا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة البيت الأبيض، واعتبرت إدارته الإطاحة بالإخوان “انقلابًا ضد حكومة منتخبة”، وجمد 260 مليون دولار من المساعدات العسكرية لما يقرب من عامين، وعلقت التدريبات العسكرية المشتركة مع مصر في محاولة للضغط على القاهرة.
مواصلة التصعيد مع مصر – إن حدث – سيؤثر على 3 ملفات:
1 – تعليق بعض التمويل الأمريكي السنوي لمصر.
2- تبني مواقف أكثر ابتعادًا عن القاهرة في نزاع سد النهضة مع إثيوبيا، بعد أن اتهمت الأخيرة ترامب بالانحياز لموقف مصر.
3- إعادة توجيه سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر، وما سيتبعه ذلك من تغيير لموقف الاتحاد الأوروبي تجاهها. يميل الأوروبيون إلى مشاركة مخاوف بايدن، مما يعني إمكانية اتخاذ نهج أوروبي أمريكي لمطالبة القيادة المصرية بإجراء بعض التعديلات السياسية والتأثير على بعض قضايا حقوق الإنسان.
هل تملك مصر ما يكفي لتعطيل أسوأ قرارات جو بايدن بحقها؟
بعد تضييقات باراك أوباما، وتحت حكم عبد الفتاح السيسي، انتهجت مصر مبدأ تنويع الحلفاء. توقفت عن الاعتماد الحصري على الدعم الأمريكي، وطلبت بخطوات محسوبة الدعم من اللاعبين الأخرىن.
لعب هذا الموقف دورًا حاسمًا في قرار 2018 بشراء طائرات حربية من طراز Su-35 من روسيا رغم الاعتراض الأمريكي. بالإضافة، تحسنت العلاقات بين مصر والصين.
في ظل هذه الخطوات، من المحتمل أن تتعامل مصر مع إدارة جو بايدن عبر عدة طرق:
1- الاعتماد على الثقل الإقليمي المشترك مع محور الاعتدال (السعودية – الإمارات) للضغط على إدارة جو بايدن لمنع العودة لأخطاء أوباما التي قوت شوكة تيارات الإسلام السياسي. ولا سيما أن الترتيبات الجديدة تمهد لاعتماد القوى الإقليمية، ومن بينها إسرائيل، على نفسها في مواجهة التهديدات المشتركة.
2- تعزيز صورة مصر في دوائر صنع القرار الأمريكي باعتبار أن “حاجة الولايات المتحدة لمصر لا تقل عن حاجة مصر للولايات المتحدة” لأن القاهرة تساهم في تأمين المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، بما في الاستقرار الإقليمي والحرب على الإرهاب.
3 – قد تلوح مصر بعلاقات أوثق مع القوى العالمية، وعلى رأسها الصين وروسيا، دون الوصول لدرجة استعداء الولايات المتحدة، فحتى في ظل إدارة أقل صداقة، فمن شبه المؤكد أن مصر لن تعرض العلاقة الإستراتيجية للخطر.
4- قد تتخذ القاهرة إجراءات لتقليل القلق الأمريكي من قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك الإشارات التصالحية لواشنطن.
5- تكثيف جهود العلاقات العامة الهادفة لتحسين صورة مصر. وفي أكتوبر 2020، ناقشت اللجنة الدائمة العليا لحقوق الإنسان في مصر، في أكتوبر، مسودة أولية للاستراتيجية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان، حيث تحاول مصر الترويج دوليًا لمفهوم بديل لحقوق الإنسان يشدد على التسامح الديني والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مثل سبل العيش والغذاء والصحة والتعليم والأمن الشخصي، للتأكيد على أنها تسير في الاتجاه الصحيح.