ناقد فني
لن نبالغ لو قلنا إن اختيار عنوان الفيلم فن قائم بذاته. في المثل الشعبي “الجواب يظهر من عنوانه”. هذا الجواب ربما يكون القصة، أو الصراع، أو الشخصية، أو الجونرا.
هناك ألف طريقة لتوضيح محتوى فيلم ببضع كلمات، من أبسط تلك الطرق كلمة تشرح ما قبلها بالنعت أو الإضافة، وهي أكثر الطرق شيوعًا: “شفرة دافينشي”، “نادي القتال” “أجنحة الرغبة”، “جاذبية مميتة”، “سائق تاكسي”، “سواق الأوتوبيس”، “الأيدي الناعمة”،”أحلام حقيقية، “أيامنا الحلوة”.
هناك الطريقة الأبسط، باختيار اسم الشخصية الرئيسية للفيلم عنوانًا له، “إيرين بروكوفيتش”، “اللمبي”، “جيري ماجواير”، “المنسي”، “فوريست جامب”، “حسن اللول”، “باري ليندون”.
الطريقة السابقة تصبح أكثر تركيبًا بوضع اسم الشخصية داخل سياق ما: “ملف سامية شعراوي”، “أن تكون جون مالكوفيتش”، “زمن حاتم زهران”، “الحالة الغريبة لبنجامين بوتون”، “البحث عن سيد مرزوق”، “كل شيء عن إيف”.
وبالطبع اسم المكان الذي تدور به الأحداث: “مانهاتن”، “الكيت كات”، “روما”، “الباطنية”، “صانسيت بوليفارد”، “ناتينج هيل”، وتصبح الطريقة أكثر تركيبًا بإضافة سياق للمكان، “إسكندرية .. ليه؟”، “باريس، أحبك”، “في شقة مصر الجديدة”.
وهناك عناوين أفلام تقوم على السخرية من عناوين أعمال سبقتها: “حبيبي نائمًا”، “الموظفون في الأرض”، “أحلام الفتى الطائش”، “الجاسوس الذي تركني”.
أكثر من تميز في تقديم عناوين الكلمة الواحدة كان “ألفريد هيتشكوك” بأفلام مثل Psycho وVertigo وFrenzy. خاصة وأن كل كلمة منهم لها تعريف مثير.
في كل حقبة زمنية تظهر كلمة بعينها تسيطر على عدد من عناوين الأفلام، ففي الأربعينيات والخمسينيات انتشرت كلمة “قُبلة” kiss، في عناوين أفلام النوار والرومانسية الكوميدية بهوليوود: “قبلة القاتل”، “قبلة الموت”، “قبلني حتى الموت”، “قبلني أيها الغبي”، “قبلة ما قبل الموت”، “القبلة العارية”، “الغرباء يمكن تقبيلهم”، “قبلة منتصف الليل”.
في عقود أحدث، انتشرت كلمة “التنين” في أفلام القتال والكونج فو. وفي الأفلام العربية انتشرت كلمة “امرأة”، في أفلام السبعينيات والثمانينيات: “العذاب امرأة”، “جبروت امرأة”، “الشيطان امرأة”، “خدعتني امرأة”، “المرأة الحديدية، “امرأة واحدة لا تكفي”.
هل خلود الفن معيار لجودته؟ خمس ثغرات لهذه النظرية | أمجد جمال | دقائق.نت
10 مشاهد صنعت أمجاد هوليوود عام 2018
هل تستعيد الأكاديمية شرفها؟! قراءة في أوسكار 2019 | أمجد جمال | دقائق.نت
ما فرص رامي مالك في الفوز بالأوسكار؟ | حاتم منصور | دقائق.نت
أهم أفلام 2019.. 20 فيلمًا ينتظرها الجمهور بحماس
أهم أفلام 2019.. 20 فيلمًا ينتظرها الجمهور بحماس – (جزء 2)
BIRD BOX.. ظاهرة سينمائية أم مجرد فقاعة؟ | أمجد جمال | دقائق.نت
المثير أن معظم أفلام هوليوود تدخل مرحلة التصوير بعناوين مؤقتة أشهرها Untitled Project (مشروع غير معنون)، وتتغير لاحقًا مع اقتراحات العاملين على إنتاج الفيلم، والكثير من العناوين النهائية لا يكون مصدرها مؤلف الفيلم. هناك حوادث مشهورة لأفلام اختلفت عناوينها النهائية عن العناوين المبدئية، ومن الممكن مقارنتها.
الفيلم الكوميدي American Pie كان مقررًا له عنوانًا آخر هو Teenage Sex Comedy That Can Be Made For Under $10 Million That Your Reader Will Love But The Executive Will Hate. (كوميديا سكس مراهقين، يمكن صناعتها بأقل من عشرة ملايين، ستعجب المشاهد وسيكرهها التنفيذي). وكاد يكون واحد من أطول عناوين الأفلام على الإطلاق، وأكثرها طرافة.
رغم ذلك فالعنوان النهائي يتفوق ببروزة أشهر مشاهد الفيلم، ولعله أكثرها مرحًا في حقبة التسعينيات بأكملها، ما يجعل المتلقي يسترجع كمّ الضحك بمجرد ذكر العنوان، لذلك فهو العنوان الأفضل.
فيلم Annie Hall للمخرج والكاتب والممثل ذو الأصول اليهودية وودي آلن، والذي يصنف كشبه سيرة ذاتية، كان عنوانه المبدئي Anhedonia وهي حالة نفسية معناها عدم القدرة على الاستمتاع بأي شيء، ثم تغير إلى عنوان آخر It Had To Be Jew، في تلاعب ساخر بعنوان الأغنية الرومانسية It Had to Be You، كما يعبر عن قصة الفيلم الرومانسية والبطل المصاب بعقدة الاضطهاد على أساس الديانة، ويحتوي المفارقة. لذلك فهو أفضل.
فيلم Begin Again كان عنوانه المبدئي ?Can A Song Save Your Life، بينما فيلم The Edge Of Tomorrow كان عنوانه المبدئي All You Need Is Kill، (تلاعب بعنوان أغنية البيتلز الشهيرة All You Need Is Love)، وفي الحالتين تفوقت العناوين المبدئية على العناوين النهائية، بصنع المفارقة وإثارة الفضول.
فيلم Pretty Woman كان عنوانه المبدئي 3000، وهو الأجر بالدولار الذي تتلقاه بطلة الفيلم مقابل ممارسة الجنس مع الغرباء، لكنه مجرد رقم مجرد وغير معبر عن أي شيء، ولا يثير الفضول أو يصنع المفارقة، بالتالي هو الأضعف.
كذلك فيلم Goodfellas كان عنوانه المبدئي Wiseguy، وفيلم As Good As It Gets كان عنوانه المبدئي Old Friends، وفي الحالتين السابقتين تفوقت العناوين النهائية على العناوين المبدئية؛ ولنفس الأسباب.
الثابت أنه لا توجد نظرية واحدة لتسمية الأفلام. يحبذ مثلًا أن يحتوي العنوان على خبر أو معلومة ما، وينبغي لهذه المعلومة أن تكون مفتاحًا للفيلم، لكن بشرط ألا تعطي الكثير عنه أو تحرقه. ولو كان العنوان سؤالًا فهو يثير الفضول.
العناوين الأكثر جاذبية دائمًا هي التي تظهر نوعا من الصراع، أو الاشتباك بين طرفين. وهناك التناقض السهل، وهناك التناقض المركب، وهناك أدوات البلاغة كالسجع والجناس، وهناك المفارقة. والمثير أن هناك عناوين استطاعت تجميع كل ما سبق.