في مايو 2018 أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق إيران النووي وأعاد فرض العقوبات. رد أوروبا كان مختلفًا، سعوا في يأس للحفاظ على بقايا الاتفاق حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر، عندها ربما يصل مرشح أكثر ميلًا للاتفاق من ترامب، بحسب فوربس.
وول ستريت جورنال ترى أن سياسيي أوروبا تردووا في دعم أحد طرفي نزاع إيران والولايات المتحدة بشكل علني؛ انتقدوا ضغوط ترامب الاقتصادية على طهران، وكذلك تدخل الجمهورية الإسلامية في شؤون دول الجوار.
كل ذلك بينما أوروبا تدرك أنها ليست بعيدة عن هجمات إيران. في 9 يناير 2019، قطع الاتحاد الأوروبي خطوة مهمة بإدراج إدارة الأمن الداخلي التابعة لوزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية واثنين من موظفيها على قائمة الإرهاب.
مع ذلك، ورغم توتر العلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي لفترات، لكنها لم تصل أبدًا لدرجة السوء التي تميز صلات طهران بواشنطن. خاصة مع شهود العلاقات الاقتصادية بين الجانبين قفزة هائلة منذ توقيع الاتفاق النووي.
إيران تلاحق معارضيها في أوروبا.. متى بدأت؟ وماذا تواجه؟ | س/ج في دقائق
كيف كشفت بريطانيا خلية حزب الله الإرهابية العالمية؟ ولماذا أبقت المؤامرة سرا؟! | س/ج في دقائق
رغم تحطم الأحلام الأوروبية، ما زال قادة أوروبا يتمسكون بأمل التخلص من التصعيد. بعد إعلان مقتل سليماني، دعا القادة في جميع أنحاء القارة إلى الهدوء، وقوبل كل منهم بنفس الرد الأمريكي.
وزير الخارجية مايك بومبيو قال إن أكبر القوى في أوروبا: فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة ـ يشاركون مخاوف الولايات المتحدة من العداء الإيراني. كان يأمل أن يُظهر جبهة موحدة؛ لكن هذا لم يتحقق في الواقع.
بومبيو أعرب عن خيبة أمله لأن زعماء أوروبا لم يرحبوا بمقتل قاسم سليماني. استغرب تحذيرهم من إثارة الخطوة لمزيد من العنف. قال إن الولايات المتحدة كانت تهدف للحد من العنف بمنع تهديد وشيك.
تردد القادة الأوروبيين في دعم واشنطن على الفور جزئيا لأنهم لم يتلقوا أي معلومات مسبقة عن الهجوم، ومن أدلة ذلك تصريح وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب لبي بي سي أنه لم يعلم بمقتل قاسم سليماني إلا بعد العملية.
دبلوماسي أوروبي في حلف الناتو قال إن الولايات المتحدة مطالبة حاليًا بتوضيح “التهديد الوشيك للشركاء في أوروبا ليكونوا أكثر قدرة على دعمها مما يظهر عليه الوضع الآن.
إخفاء الولايات المتحدة عملية اغتيال قاسم سليماني عن قادة أوروبا يكشف الخلاف في منتصف المحيط الأطلسي على سياسة الشرق الأوسط. أوروبا تريد التقارب مع إيران، مع الاعتراف بدورها في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي. على العكس من ذلك، ترى أمريكا في طهران تهديدًا جيوسياسيًا خطيرًا، وترغب في تقليل قوتها قدر الإمكان.
فوربس تقول إن مقتل قاسم سليماني كشف ضعف أوروبا؛ لم يستشرهم ترامب قبل الضربة، ولم ينجحوا في إقناعه بتغيير وجهة نظره تجاه إيران، ولم يغيروا من مواقف إيران العدائية، ما يعني أن قدرة أوروبا على العمل كحاجز عازل قلت، وستقل أكثر مع الوقت.
س/ج في دقائق: الاتفاق النووي مع إيران .. لماذا يختلف موقف أوروبا عن أمريكا
يريد الأوروبيون تجنب ضغوط الولايات المتحدة لدعم حملتها المناهضة لإيران التي يخشون أن تقسم القارة، واضعين أمام أنظارهم تجربة انحيازهم لقرار الرئيس السابق جورج بوش بغزو العراق في عام 2003.
راشيل ريزو، زميلة مساعدة في مركز الأمن الأمريكي الجديد، تقول إن الهجوم الأمريكي المفاجئ وضع الأوروبيين في موقف لا يحسدون عليه. “يريدون دعم الولايات المتحدة. يريدون علاقة قوية بين الولايات المتحدة وأوروبا، لكنهم وقعوا بين رئيس أمريكي لا يمكن توقع تصرفاته وإيران “.
ربما يكون مصير القارة، بحسب فوربس، أن تكون كالمتفرج العاجز الذي يراقب بخوف، بينما يتجه الطرفان نحو الحرب. الصراع ليس حتميًا. ترامب استعرض عضلاته، وقد يكون أكثر انفتاحًا للحوار، على افتراض أن انتقام إيران لا يزال متناسبًا. ولكن مع “الانتقام الشديد” فإن تهديد التصعيد سيكون خارج السيطرة. وقتها من الخطوط الجانبية، ستناشد أوروبا السلام، ولكن هل سيكون هناك شخص يستمع؟ الجارديان تحدثت عن المخاوف الأوروبية، وسردت مواقف السياسيين الداعية لتخفيف حدة الأزمة، لكنها أكدت أنها نداءات لن يهتم بها أحد.
فرنسا لجأت لروسيا، فاتصل ماكرون ببوتين طالبًا دعوة إيران للامتناع عن تصعيد الأزمة. لكنهما اتفقا على أن “العمل الأمريكي قد يؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة بشكل خطير”.
بريطانيا تحظر حزب الله بالكامل.. لماذا الآن؟ وماذا بعد؟ | س/ج في دقائق
احتجاز ستينا إمبيرو.. هل أمنت إيران عقاب بريطانيا؟ أم نجحت بريطانيا في استدراجها؟ | س/ج في دقائق
يمكن أيضًا إقحام الأوروبيين بشكل مباشر إذا كان الهجوم العنيف من إيران أو وكلائها سيثير نقاشًا حول حلف الناتو واتفاقية الدفاع المشترك، بحسب وول ستريت جورنال. مع العلم أنه لم يحتج أي طرف بالمادة الخامسة من المعاهدة التأسيسية لحلف الناتو إلا مرة واحدة ، بعد الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001.
ولدى الناتو مهمة تدريبية في العراق تضم نحو 500 شخص، تهدف إلى تقوية القوات التي تقاتل داعش. وقال مسؤول الناتو إن المهمة مستمرة، لكن أنشطة التدريب موقوفة مؤقتًا.
مسؤولون أوروبيون قالوا إن الأولوية على المدى القصير هي ضمان سلامة مواطنيهم وقواتهم في العراق. ولذلك أصدرت وزارة الدفاع البريطانية تعليمات إلى سفينتين حربيتين بريطانيتين في الخليج لمرافقة السفن التي ترفع علم بريطانيا في الممر المائي.
صراع الطاولة والشطرنج.. كيف غيَّر مقتل قاسم سليماني قواعد الاشتباك؟ | س/ج في دقائق