بعد سلسلة من الاضطرابات السياسية والأزمات الاقتصادية والحروب العرقية، تفككت جمهورية يوغوسلافيا. ترك هذا تأثيراته على المنطقة لسنوات طويلة تالية. إثيوبيا الآن تواجه مصيرًا مشابهًا.
ناشونال إنترست تقول إن إثيوبيا على مفترق طرق، يقود الدولة الأفريقية إلى نفس مصير يوغوسلافيا.. الموقع الأمريكي شبه رحيل مهندس الفيدرالية العرقية في إثيوبيا برحيل جوزيف تيتو في يوغوسلافيا والذي تبعه تفكك الاتحاد ثم انهياره.
وتمامًا كما حدث بعد انهيار يوغوسلافيا يتوقع الموقع تغييرات جذرية في المشهد الجيوسياسي والجيواقتصادي في القرن الأفريقي حال تفكك إثيوبيا..
خصوصًا مع ترك الساحة فارغة لتنظيم الشباب في الصومال للتمدد في المنطقة، ليمتد الخطر إلى أنحاء المنطقة.
فهل تسير إثيوبيا على خطى يوغوسلافيا فعلًا؟
ومن المسؤول عن ذلك؟
وماذا يعني اكتمال سيناريو التفكك؟
س/ج في دقائق
كيف تشكلت إثيوبيا بصيغتها الحالية؟
منذ عهد الإمبراطور مينليك، عامل حكام إثيوبيا شعب الأورمو – أكبر مجموعة عرقية في البلاد – بوحشية كمواطنين من الدرجة الثانية.
التعامل استمر تحت حكم الإمبراطور هيلا سيلاسي والديكتاتور الشيوعي منغيستو هايلي مريم، حتى أطاحت به الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بمساعدة الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا في 1991.
منذ ذلك الحين ولثلاثة عقود تقريبًا، قادت إثيوبيا الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، التي حلت مشكلة العرقيات بنظام الفيدرالية العرقية التي قسمت البلاد إلى تسع مناطق عرقية.
ووفقًا للمادة 39 من دستور إثيوبيا 1994، تتمتع الولايات الواقعة تحت مظلة الفيدرالية الإثيوبية بحق ملتبس لتقرير المصير والانفصال.
ناشونال إنترست تقول إن إثيوبيا على مفترق طرق، وأن أحد الطريق يقرب الدولة المهمة في منطقة القرن الأفريقي إلى نفس مصير يوغوسلافيا.
الـ GIf التالي يوضح لك تغير وضع أقاليم إثيوبيا في التاريخ الحديث.
خريطة تفكك يوغوسلافيا
يقول الموقع إن القبضة الحديدية التي حكم بها مهندس الفيدرالية العرقية ورجل إثيوبيا القوي ميليس زيناوي كانت مهمة لاستقرار بلاده، تمامًا كما كانت أهمية حكم جوزيف تيتو في يوغوسلافيا.
لكن رحيل زيناوي عن المشهد، ثم التحركات المغايرة التي يقودها رئيس الحكومة الفيدرالية الحالي “غير المنتخب” آبي أحمد قد تحفز مجموعات عرقية مختلفة للانفصال.
ترى ناشونال إنترست أن إثيوبيا وصلت فعلًا إلى مشهد الانقسام العرقي الذي قطع أوصال يوغوسلافيا.
وتتوقع أن تؤدي إطالة أمد حالة عدم الاستقرار التي صعدتها الحرب في تيغراي إلى وصول الأمور لنفس السيناريو.
لماذا آبي أحمد متهم بتمهيد الأرض لسيناريو تفكك إثيوبيا؟
تتهم ناشونال إنترست براغماتية أبي أحمد و”سذاجته السياسية الواضحة” بالتسبب في دفع إثيوبيا إلى حرب أهلية عرقية. تقول إن النزعات الانفصالية والتعامل على أسس عرقية طغيا على تغييراته للهيكل السياسي والاقتصادي في إثيوبيا.
يقول الموقع إن آبي أحمد شارك في ترسيخ التفكك العرقي بتفكيك الجبهة الثورية، وإنشاء حزبه الفيدرالي، بما أدى إلى تقطيع أوصال الجبهة الحاكمة، ثم شرع في المطاردة المتعمدة والمحسوبة لأعضائها من منطقة تيغراي فأدى إلى أضرار لا يمكن إصلاحها بين الإقليم والإدارة الفيدرالية، وزاد الأمر خطورة أنه ليس الوحيد الذي يملك القوة العسكرية في البلاد.
يضيف أن آبي أحمد أخطأ مجددًا عندما لم يدرك أن الحرب العرقية في إثيوبيا بدأت بالفعل مع بداية 2020 عندما حاول الجنرال المنشق من أمهرة، أسامينيو تسيغي، تنفيذ انقلاب بقتل رئيس أركان الجيش الإثيوبي وحاكم أمهرة للسيطرة على المنطقة.
الأخطر أن إثيوبيا – بحسب الموقع – تملك “وصفة الحرب الأهلية العرقية فعلًا” بسبب المظالم التاريخية بين شعبي أمهرة وأورومو.
إلى أي مدى تسرع تطورات تيغراي سيناريو يوغوسلافيا ؟
إنشاء تيغراي المستقلة كان مطروحًا بالأساس منذ 1976 مع فكرة تيغراي الكبرى. ورغم أن الوضع الحالي لن يسمح بإعادة إحياء المشروع، إلا أن الإقليم قد يصبح دولة مستقلة بذاته.
يقول الموقع إن تيغراي ليست وحيدة بهذا الطريق. إثيوبيا منقسمة عرقيًا وكانت تحكمها عشائر عرقية منذ إنشائها كدولة حديثة، لكن السخط العرقي الحالي يمهد الطريق أكثر لتفكيك أوصال الدولة، خصوصًا مع الاتجاه السائد مؤخرًا لتشكيل الميليشيات على أساس عرقي بين العرقيات الأكثر نفوذًا، بما يرفع تحذيرًا واضحًا على أن الحرب الأهلية العرقية ستكون شاملة.
تتوقع ناشونال إنترست أن تكون منطقة تيغراي أول من يعلن تطبيق المادة 39 من الدستور الإثيوبي إذا تحولت الحرب الأهلية العرقية الحالية إلى معارك بين القوميات المختلفة، وهو ما بدأ يحدث، وسيؤدي ذلك إلى اتباع مناطق أخرى لنفس جدول أعمال الانفصال.
إثيوبيا لديها ثاني أكبر عدد من السكان في أفريقيا، بعد نيجيريا، مع 115 مليون نسمة. تقع جغرافيًا في منطقة القرن الأفريقي، وهي واحدة من أكثر المناطق تقلبًا في العالم. إذا تكررت تجربة يوغوسلافيا في إثيوبيا بالفعل تتوقع ناشونال إنترست تغييرًا جذريًا في المشهد الجيوسياسي والجيواقتصادي للمنطقة.
الأخطار لا تتعلق بتعريض الاستقرار الإقليمي للخطر مع دول مجاورة مثل إريتريا والسودان، بل بمخاطر الشرق حيث الصومال، الذي دفعت الحرب في تيغراي إلى سحب 3,000 جندي من قوات مكافحة الإرهاب الإثيوبية من أراضيه، وهو ما يقرب من نصف قوام بعثة الاتحاد الإفريقي.
حال إطالة أمد الصراع، ستضطر إثيوبيا لسحب كامل قواتها التي نجحت في التصدي لحركة الشباب الإرهابية.
وكشفت تقارير حديثة عن انسحاب الجيش الإثيوبي بالفعل من مواقعه في جنوب غرب الصومال، وهي منطقة ذات حضور ملموس لحركة الشباب تستخدمها لشن هجمات على البلاد.
علاوة على ذلك، من المقرر أن تجري الصومال انتخابات رئاسية وتشريعية في أوائل 2021، وإذا استمر الانسحاب الإثيوبي فقد تنتهز حركة الشباب الفرصة لتعطيل العملية السياسية، مما يؤدي إلى إغراق البلاد في اضطراب سياسي.
وإذا طالت الحرب، واضطرت السودان وإريتريا للمشاركة، فإننا سنشهد انسحاب المزيد من القوات من عمليات مكافحة الإرهاب الحاسمة في الصومال، مما يمنح قبلة الحياة لتنظيم الشباب للسيطرة من جديد.