صورة البغدادي المضللة في كبريات صحف العالم مصدرها واحد.. قطر | رواية صحفية في دقائق

صورة البغدادي المضللة في كبريات صحف العالم مصدرها واحد.. قطر | رواية صحفية في دقائق

31 Oct 2019
محمد شوشة
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

تفاصيل متقاربة جدًا ضمنتها عدد من كبريات صحف العالم في تغطية مقتل مؤسس تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي.

وإن اختلفت الصياغة.

التغطية في بعض الصحف العالمية، مثل الواشنطن بوست، نالت حظًا وافرًا من السخرية كما الإدانة..

حولت الإرهابي أبا بكر البغدادي، الذي شارك في قتل واغتصاب وحرق بشر، إلى مجرد رجل متقشف زاهد.

تيمة تكررت في غيرها من “المرثيات” في وسائل الإعلام.

بملاحظة اللغة وتجاوز اختلافات الصياغة وضح أن مصدر التفاصيل الرئيسية واحد.

تقرير صادر في ٢٠١٥.

التقرير كتبه ويليام مكانتس، زميل في مركز سياسات الشرق الأوسط، ومدير مشروع العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي. أستاذ مساعد في جامعة جونز هوبكنز، شغل عددًا من المناصب الحكومية، بينها مستشار أول في وزارة الخارجية الأمريكية لمكافحة التطرف العنيف، ومدير برامج في مبادرة أبحاث منيرفا التابعة لوزارة الدفاع. لكنه يشغل منصبا إضافيا مهما للغاية:

مدير مشروع العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي في معهد بروكنجز الدوحة.. وهو الجهة نفسها التي نشرت هذا التقرير، وعنه نقلت وسائل الإعلام الأخرى.

التقرير يحمل عنوان:

“المؤمن.. كيف أصبح شخص انطوائي شغفه الدين وكرة القدم أبا بكر البغدادي زعيم الدولة الإسلامية”.

بروكنجز ليس مجرد مجموعة بحثية قد يكون طبيعيًا أن تتناقل منه وسائل إعلام عالمية معلومات عن شخصية كانت مجهولة تمامًا حتى سنوات قريبة.. المعهد مملوك بالكامل لمؤسسة قطر.

جيم هانسون رئيس مجموعة الدراسات الأمنية في واشنطن، يعد المعهد ضمن أذرع قطر للتأثير وضمان النفوذ في عملية صنع القرار في واشنطن..

وسائل الإعلام في حالتنا لم تتعامل مع بروكنجز بتلك الصفة.. استخدمت تقريره كمصدر مستقل وموثوق في قصصها الصحفية..

و”المؤمن” لم تكن الأولى.

ويليام مكانتس نفسه ظهر مجددًا في “رثاء” واشنطن بوست المثير للجدل.. والذي أظهر البغدادي كعالم دين متقشف، ذكي، قيادي، وضحية لغزو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للعراق في 2003.

رثاء واشنطن بوست – الذي أخذ الخط العام لتقرير بروكنجز – تجاهل تعريف مكانتس بمنصبه في المعهد القطري.

الخجول المؤمن

في سرده لرواية طفولة البغدادي، يقول معهد بروكنجز إن إبراهيم عواد إبراهيم البدري، المولود في 1971 في سامراء على الحافة الشرقية من المثلث السُني شمالي بغداد. كان نجلَ رجلٍ تقي يدرّس تلاوة القرآن الكريم في مسجدٍ محلي. أما إبراهيم نفسه، فقد كان منطويًا، قليل الكلام، وبالكاد يُسمع صوته عندما يتحدث. والجيران الذين عرفوه عندما كان مراهقًا يتذكرونه كشخصٍ خجول لا يختلط بالآخرين. وحتى عندما كان الناس يصطدمون به خلال مباريات ودية في كرة القدم، وهي رياضته المفضلة، كان يظلُّ محتفظاً بهدوئه ولا يبدو عليه أي انفعال. ولكن صوراً شخصية له من تلك السنوات تُظهر صفة أخرى مغايرة: حدةٌ صارمة في العينين الداكنتين تحت جبهةٍ سميكة مجعدة..

في وقتٍ مبكر، كانت كُنية إبراهيم هي “المؤمن”. وعندما لم يكن في المدرسة، كان يقضي معظم وقته في المسجد المحلي، منهمكاً في دراساته الدينية. وعندما يعود إلى بيته في نهاية اليوم، حسبما أفاد شامسي، أحد أشقائه، كان يُسارع الى وعظ أي شخصٍ يضلَّ الطريق ولا يتقيد بتعاليم الشريعة الإسلامية.. تضيف الرواية التي وجدت توصيفاتها طريقها إلى تقارير أخرى بعد وفاة زعيم داعش.

مقطع من تقرير بروكنجز

رثاء واشنطن بوست

فرانس 24

الديلي ميل

فويس أوف أمريكا

فويس أوف أمريكا

ميسي.. بوكا.. والزرقاوي

هذا الشخص الخجول الهادئ، كان يفقد أعصابه في حالتين فقط.. عندما يفشل في إحراز هدف – كان يعشق كرة القدم بحسب تقرير بروكنجز لدرجة تشبيهه بالمتوج أفضل لاعب كرة في العالم، الأرجنتيني ليونيل ميسي – وعندما يرى ما يخالف تعاليم دينه.. كانت دراسته في علوم الدين تسير بانتظام، لولا دخول التحالف الدولي إلى العراق، الذي دفعه لحمل السلاح.

بروكنجز

فويس أوف أمريكا

يورو نيوز

هنا جاء دور معسكر بوكا، الذي استمر خلاله في ممارسة هواية كرة القدم لدرجة تلقيبه بـ “مارادونا”.. لكن حشر عشرات الآلاف من المعتقلين، وبينهم جهاديون، فتح طريق البغدادي للقاء أبو مصعب الزرقاوي، قبل تأسيس داعش.

بروكنجز

بروكنجز

بروكنجز

فويس أوف أمريكا

يورونيوز

مشهد آخير.. الضحية

التقارير ذاتها بالمناسبة – وحتى تقرير بروكنجز – لم تغفل تمامًا الجانب الإرهابي من البغدادي.. لكنها سعت قدر طاقتها لخلق زاوية أخرى للصورة.. لتخفيف صورة الإرهابي أبي بكر البغدادي، ونقله من مربع القاتل الدموي الذي أزهق أرواحًا، وتسبب في مآسٍ في العراق وسوريا ومناطق أخرى نقل إليها أفكاره – وتنظيمه أحيانًا – في بقاع شتى من العالم، وإيجاد تفاصيل “مؤنسنة” أخرى” للشاب الذي تغير مصيره “دون إرادته”..

الصورة واضحة تمامًا في تحليل “ذا دايلي بيست”:

[su_box title=”” style=”glass” box_color=”#00C5D6″ radius=”1″]

[su_quote]

لم يكن هناك البغدادي ليخلق لو لم يغز بوش العراق 2003. الحرب خلقت فرصة للزرقاوي لبناء رافد للقاعدة أكثر تعشطًا للدماء مما خلقه بن لادن.. لقد استغل البغدادي الحرب الأهلية السورية وانسحاب أوباما عام 2011 من العراق لجعل الخلافة حقيقة فاشية وحشية.. لا ينبغي لأحد أن يعتقد أن سقوط الخلافة، ناهيك عن مقتل البغدادي، يعني أن الخصوم الجهاديين قد وصلوا لنقطة النهاية. ومهما كانت الحرب على الإرهاب، فإن تاريخها يظهر أنها تثمر عن أجيال أخرى من الجهاديين طالما أن هناك قوات أمريكية تصطاد المسلمين وتراقبهم وتقتلهم في جميع أنحاء العالم

[/su_quote]

[/su_box]

ليكف العالم يديه إذًا عن الإرهابيين، وليعتقد أنهم مجرد ضحايا للحرب على الإرهاب.. سيتوقفون عن إرهابهم، ويعودون لممارسة كرة القدم و”الدعوة إلى الله”، لو كف العالم “المتوحش” أيديه عنهم.


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك