من التحرش إلى قضايا ازدراء الأديان .. التطرف لا يفنى ولا يستحدث من عدم | خالد البري

من التحرش إلى قضايا ازدراء الأديان .. التطرف لا يفنى ولا يستحدث من عدم | خالد البري

15 Mar 2021
خالد البري رئيس تحرير دقائق نت
مصر
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

عدة حوادث شهدتها وتشهدها وستشهدها مصر لفترة من الزمن. الصادم فيها أننا نعلم أنها لا تصدمنا.

حين أقول لا تصدمنا لا أعني المجموعات التي تتداول الموضوع على فيسبوك في دوائر معينة. وقراء دقائق غالبًا من هذه الدوائر. المهتمة بالحريات الشخصية، وبالمواطنة، وبالمساواة. والرافضة للتطرف الديني، والقمع الاجتماعي الذي يمارسه مواطنون على أندادهم من المواطنين. هذه الدوائر تنصدم، وتصرخ، وتستنكر، وتطالب.

وهذه الدوائر لا تعيش في فقاعات مجتمعية، ولا هي من السارحين في خيال التحولات السريعة. بل تعلم أن القامعين أب وأم وأخ وأخت. وتعلم أن بعض المنددين قامعون أيضًا.

كل هذا، على مأساويته، ليس الصدمة.

إنما الصدمة في النخب

الصدمة الكبرى تأتي من انعدام الأمل.

أن النخب التي تتطلع إليها في التغيير ترسل رسائل محبطة. نخبة القانون تحاسب شيخًا بالحبس لأنه فسر آية تفسيرًا لا يرضيها. ونخبة الصحافة والحقوقيين تحتفي بشخص دافع عن مطاردة البهائيين. ونخبة الفن تفرز من يتبرأ من الفن ويعلن أنه يؤجل التوبة حتى يكوِّن نفسه، أو تنحسر عنه الأضواء، أيهما أقرب.

أن جذور التطرف ليست منحصرة في ما نحصره فيه. ليست في العشوائيات، ليست في المساجد، ليست في الجامعات، ليست في القرى، ليست في الصعيد، ليست في وجه بحري، ليست في الشباب، ليست في الشيوخ.

أن التطرف صار بنودًا في القانون المدني. وصار بنودًا في القانون الجنائي. وصار بنودًا في الدستور. وصار يجري في بيانات هيئات رسمية.

أن التطرف صار فقرات في كتب الأطفال، وحوارات في المسلسلات والأفلام، وبرامج في التليفزيون.

أن التطرف صار ممدوحًا مكرمًا، نطلق عليه “القيم والثوابت”. ولا أحد يريد أن يرفع عينيه ليرى إلى أين أوصلتنا تلك. وكيف أنها المشكلة وليست الحل. وأنها هي السبب الكامن خلف تحرش الشارع، وقمع المرأة، وأكل حقوق الضعفاء في الميراث، وإشاعة الحقد والكراهية، والتدخل في شؤون الغير، وفي التعصب، وفي التفرقة بين المواطنين. في مقاومة التطور الاجتماعي، وفي حجزنا أن نعيش عصرنا.

السلطة من أسفل .. الزوجة الثانية في مواجهة الإسلام السياسي | خالد البري | رواية صحفية في دقائق

فهل من حل؟

تحويل الدين إلى قانون، أو السماح لمواطن بفرض معتقده وسلوكه على غيره، يقضي على فكرة الدولة الحديثة من الأساس. ويخلق وضعًا يجعل من الدين والقانون زوجين متنافسين، ومن الشعب أطفالًا يلعبون على الوترين.

أبسط مثال: إن جدفت في الدولة الدينية ستستتاب لتبرأ من الذنب الديني. أما في دولة قانون الدين ستحبس بجريمة “مدنية”.

إن أقمت علاقة في دولة دينية يكفيك أن تقول زوجتك نفسي، بلا أوراق. وأن تردع من يتهمك بالزنا بحد القذف. أما في الدولة الحديثة “الأمرة بالمعروف الناهية عن المنكر”، فسوف يحاكمك جيرانك ويقيمون عليك الحد وأنت في مكانك. وستحميهم “الثوابت”.

لا بد من دولة بقيم جديدة. تنتمي إلى الحاضر لا الماضي. وهذه القيم الجديدة منشؤها المسؤولية عن النفس، لا الغير. بدءا من الاقتصاد وانتهاء بالسلوك، فكلاهما مترابطان، يعلمان الانشغال بالذات.

منشؤها أن التعاقد بين المواطنين، وبعضهم، وبينهم وبين الدولة، على القانون لا العقيدة. حيث القانون وظيفته حماية الإنسان في هذه الحياة، لا تهذيبه للآخرة، ولا حمله إلى الجنة مقيدا بالأحكام، أو مساقا بعصا الجيران.

التحرش وﺍﻟﺼﺤﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ.. “ﻋﺸﺎﻥ ﺗﺒﻘﻲ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﻷ”| عمرو عبدالرزاق

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك