وصل جو بايدن إلى منصبه بتاريخ من العمل في السياسية الخارجية أكبر من أي رئيس آخر منذ جورج بوش الأب،
لكن إدارة بايدن تهمل القارة الإفريقية وقد ظهر ذلك بوضوح في تجمع مجموعة الساحل في شهر فبراير، واحتفال النيجر بأول انتقال سلمي للسلطة.
هناك 4 أزمات تهدد مصالح الولايات المتحدة في إفريقيا: انهيار إثيوبيا، والمواجهة المصرية الإثيوبية، ومشاكل الصومال، وانصياع جيبوتي للصين، لكن بايدن لم يتحرك لمنع انفلات الأمور من أيدي الولايات المتحدة في المنطقة.
إلى مزيد من التفاصيل عبر:
س/ج في دقائق
ما أولويات السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جو بايدن؟
وصل جو بايدن إلى منصبه بمؤهلات في السياسية الخارجية أكبر من أي رئيس آخر منذ جورج بوش الأب، لكن فريقه للسياسة الخارجية يتبع نهجًا مبعثرًا في تشكيل الأولويات.
من المؤكد أن تسريع المحادثات مع إيران يمثل أولوية قصوى لبايدن، ويمثل التصدي للعدوان الصيني المتزايد أولوية أخرى، يأتي بعدها قضية خارجية داخلية، وهي الهجرة.
لكن بعيدًا عن الغزو الصيني لتايوان أو الاختبار الروسي لدور الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في دول البلطيق، فإن الكثير من تركيز بايدن الحالي ينحصر في المواقف أو الإدارة فقط، في حين قد يأتي التحدي الحقيقي لإرث السياسة الخارجية لبايدن من من إفريقيا.
إهمال بايدن لإفريقيا قد ينذر بأن تكون سببًا في اشتعال العالم وسيكتب في التاريخ وقتها أنه ووزير خارجيته قد أهملاها.
ما المؤشرات على تجاهل إدارة بايدن الملف الإفريقي؟
كدليل على إهمال إدارة بايدن لإفريقيا عرضت ناشيونال انترست مثالين:
المثال الأول: بعد شهر واحد فقط من رئاسة بايدن، التقى ممثلو مجموعة الساحل الخمس في نجامينا بتشاد، لمناقشة المخاوف الاقتصادية والأمنية المتبادلة التي تؤثر على الدول الخمس: موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد.
في حين اكتفى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين بإرسال ملاحظات مسجلة مسبقة في فيديو مدته 5 دقائق ولم يرسل أي مسؤول كبير مكانه، أمضى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ثلاثة أيام في بوركينا فاسو قبل القمة، وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر الفيديو لكنه ظل منخرطًا في معظم أجزاء البرنامج عن طريق رابط الفيديو..
المثال الثاني: احتفلت النيجر بأول انتقال سلمي للسلطة بين الرؤساء المنتخبين، وعلى الرغم من إعلان بايدن أن “الدبلوماسية عادت”، فإن عدم إرسال بايدن ولا بلينكين وفداً رئاسياً للاحتفال يشير إلى عكس ذلك.
مثل إيريك ويتاكر، السفير الأمريكي المقيم، الولايات المتحدة، ولكن وفقًا للبروتوكول، جلس مع السفراء الآخرين بدلاً من الجلوس مع الوفود الرئاسية التي تحضر الاحتفال.
تقول ناشيونال انترست أن هذا الإهمال سيكون له ثمن باهظ، خصوصًا مع المشكلات التي قد تواجهها إدارة بايدن قريبًا.
احتمال تفكك إثيوبيا أبرز مشاكل إفريقيا حاليا .. كيف يتصرف معها بايدن؟
ترى ناشيونال انترست أن أبرز الأزمات الحالية في إفريقيا هي احتمال انهيار إثيوبيا، خصوصًا بعد إرسال الجيش الإثيوبي لتيجراي بالاشتراك مع القوات الإريترية وحدوث جرائم حروب.
كما يثير العنف في مقاطعة بني شنقول-جوموز الغربية، على بعد ثلاثمئة ميل من القتال في تيجراي، احتمالية أن تنحدر ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان إلى الفوضى في شكل خليط من الحركات الانفصالية وأن تفقد أديس أبابا السيطرة على جزء كبير من البلد.
ستكون تداعيات الانهيار الأثيوبي هائلة، فقد أدت الإبادة الجماعية في دارفور قبل عقدين من الزمان إلى إرسال قوة من الأمم المتحدة، ومبعوث أمريكي خاص، وفي نهاية المطاف، اتهام الرئيس السوداني السابق عمر البشير في المحكمة الجنائية الدولية.
يبلغ عدد سكان إثيوبيا أكثر من عشرة أضعاف سكان دارفور. وبينما أدت الإبادة الجماعية في دارفور إلى إرسال اللاجئين إلى تشاد، فإن الانهيار الإثيوبي قد يغمر منطقة القرن والبحر الأحمر بأكملها بالمهاجرين، الذين سيقوم العديد منهم بالرحلة شمالًا نحو البحر الأبيض المتوسط، وامتداد المجموعات الإثنية الإثيوبيّة عبر الحدود الدولية من شأنه أن يجلب دائمًا دولًا أخرى إلى النزاع.
إيفاد بايدن السناتور كريس كونز للقاء آبي أحمد يوحي بأن البيت الأبيض يدرك تداعيات أزمة تيجراي، لكن من غير الواضح ما إذا كان بايدن سيحافظ على هذه الدبلوماسية أو لديه خطة بديلة لن يتجاهلها أبي أحمد.
وما موقف بايدن من احتمال اشتعال حرب مصرية سودانية إثيوبية؟
مع تقدم إثيوبيا في ملء سد النهضة الإثيوبي الكبير، يتزايد التوتر بين إثيوبيا ودول المصب على مياه النيل، ونظرًا لاعتماد مصر بشدة على مياه النيل، فإن الحكومة المصرية تنظر إلى بناء السدود الإثيوبية، خاصة في غياب أي اتفاق مسبق، باعتباره تهديدًا وجوديًا لمائة مليون مصري.
تكهن البعض بأن النزاع قد يؤدي إلى حرب بين دولتين من أكثر دول إفريقيا سكانًا، بينما يشير البعض الآخر إلى أن مثل هذه الحرب قد بدأت بالفعل من خلال الحرب الحدودية بين إثيوبيا والسودان.
تقول ناشيونال انترست: لأن سد النهضة يقع على بعد أميال قليلة من الحدود السودانية الحالية، قد تكون مصر حرضت السودان على التحرك بشأن نزاع خامد منذ فترة طويلة حول المنطقة الحدودية: مثلث الفشقة.
أدى سقوط نظام سياد بري في عام 1991 بسرعة إلى انزلاق الصومال إلى الفوضى، وبعد عدة بدايات خاطئة، كان هناك تفاؤل دولي واسع بأن مقديشو قد تجاوزت الأزمة.
لكن وجود الرئيس محمد فرماجو وإداراته للبلاد ساهمت في أزمة الشرعية والأمن، لأن ميل فرماجو إلى إعطاء الأولوية للقتال ضد المعارضين السياسيين فوق القتال ضد إرهابيي الشباب أشعل البلاد.
إذا أهمل بايدن الصومال، واتبع سياسات تخلط بين المساعدات وتحقيق الاستقرار، فمن المحتمل ألا توسع حركة الشباب عملياتها وسيطرتها في جميع أنحاء البلاد فحسب، بل ستهدد كينيا المجاورة بشكل متزايد.
ما نتيجة هذا الإهمال الأمريكي لإفريقيا؟ من يملأ الفراغ؟
منذ خروج وزير الخارجية مايك بومبيو، تخلى العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين داخل مكتب الشؤون الأفريقية حتى عن التظاهر بإعطاء الأولوية لمنافسة القوى العظمى،
لكن خصوم الولايات المتحدة لا يلتزمون بمثل هذا التفكير، فرغم أن أهم منشأة عسكرية أمريكية في إفريقيا هي معسكر ليمونير في جيبوتي، إلا أن جيبوتي تضم أول قاعدة عسكرية خارجية للصين وتتلقى أيضًا استثمارات أكبر من بكين.
لذلك إذا سعت الصين في أي وقت لطرد القوات الأمريكية من جيبوتي، فلن يستغرق الأمر أكثر من مكالمة هاتفية من الرئيس شي جين بينغ إلى نظيره الجيبوتي إسماعيل جيي، ومن أجل هذه اللحظة فإن الولايات المتحدة بحاجة لدراسة بديل سريعًا، وليكن في مدينة بربرة الساحلية في أرض الصومال كمثال.