معاوية طفل سوري من درعا، عمره ١٣ سنة. عاد من المدرسة في يوم من عام ٢٠١١ مع أصدقائه كما يعود كل يوم. واليوم لم يكن كأي يوم.
الأجواء في الشرق الأوسط تنذر بتغيير كبير. الرئيس زين العابدين بن علي هرب من تونس، الرئيس حسني مبارك تخلى عن الحكم في مصر. ليبيا مشتعلة.
معاوية وأصدقاء المدرسة يتابعون ما يحدث على التليفزيون، تنقله الشاشات مقرونًا بألفاظ محببة: الشجاعة، الحرية، التغيير، الجيل الشاب، المستقبل، الأمل، الجديد.
وفي لحظة شجاعة طفولية وسط حماس الحديث يخرج معاوية علبة السبراي، ويرش بها على سور المدرسة جملة لم تكن متخيلة في بلاده “وأنت أيضا يا دكتور ستسقط”. الدكتور هو الرئيس السوري بشار الأسد.
تتوالى الأحداث. درعا أيضًا تظهر على شاشات العالم. مثلها مثل القاهرة وتونس وطرابلس. ليلها الطويل هي الآخرى .. سيصير نهارًا.
في ليل درعا تأتي المخابرات السورية.
تلقي القبض على معاوية وآخرين. يقضي ثلاثة وثلاثين يومًا في السجن.
يقضي ثلاثة وثلاثين يوما على شاشات الإعلام، رمزا للحرية. يصير في درعا المشتعلة شرارة “الثورة السورية”.
أبوه لا يريد هذا. يريده أن يخرج من السجن. ويركض خلف المعارف من أجل هذا الغرض.
يخرجه الأسد من السجن. يدخله أبوه إلى قبو. يخصص له هناك غرفة، لا يخرج منها إلا ليلا، يعبر دهليزا. يصعد إلى غرفة نومه. ينام. ينزل. يعبر دهليزا. يدخل غرفة في قبو.
سنة كاملة على هذا الحال. شرارة في الخفاء. لا يرى الشارع، ولا يلمحه من الشارع أحد.
ثم تطورت الأحداث وتصاعدت “الثورة” في سوريا. انفلتت درعا من سيطرة النظام. وانفلتت الشرارة من القبو، وعادت إلى هواء الشارع. عاد معاوية إلى الحياة خارج الجدران الخمسين التي “دارته” طوال السنة السابقة.
كلاس ريلوتيوس، نجم مراسلي دير شبيغل ذو الثلاثة والثلاثين عامًا، تتبع قصة معاوية حتى صار في العشرين من عمره:
قصة الحب المراهقة بينه وبين جارته،
مقتل أخويه وأبيه في قصف طال منزله،
ثم تحوله إلى مقاتل يحمل السلاح، ويرفض الجميع، الإرهابيين والنظام والولايات المتحدة.
كل هذا بسرد شاعري وبصري حي، بموهبة لا يعدمها صحفي كهذا، حصل من قبل على جائزة أفضل صحفي في ألمانيا، وجائزة الاتحاد الأوروبي، وجائزة سي إن إن.
قصته عن معاوية تجيب عن الأسئلة السياسية بعيون من يعيشون على الأرض، وترسم ملامح الدمار السياسي والميداني عبر ملامح دمار الطفولة، والحب، ومجهولية المستقبل. القصة نفسها سينال عنها، مرة إضافية إلى مراته السابقة، جائزة أفضل قصة صحفية في ألمانيا.
القصة لم تكن حقيقية. أخذ هيكلا ثم أضاف تفاصيل حولتها إلى قصة “أكبر من الحياة”، وأكثر حكمة من الأسئلة المستحيلة، وأعمق خبرة من الأحداث الجارية.
ولم يكتشف الجريمة أحد. الكشف جاء من خلال قصة بعيدة تمامًا. ستعرفونها.
دير شبيغل أكبر المجلات الأسبوعية في ألمانيا. مجلة تنتمي إلى الليبرالية اليسارية التي صارت مهيمنة في عالم تشكيل الوعي عبر الإعلام. فهل يمكن أن تمر عليها قصص مفبركة على مدار سنوات؟ كيف؟
قبل أن نجيب عن هذا السؤال يجب أن نتذكر معًا صحيفة أخرى من أبرز صحف اليسار الليبرالي، صحيفة الجارديان البريطانية. التي وإن كانت لا توزع عددًا مهولًا من النسخ بين القراء، إلا أن انتشارها بين النخبة الإعلامية يضاعف أثر ما تكتب. بعض البريطانيين يصفون بي بي سي بأنها “جارديان الإعلام المرئي”. لأن القصة الحاضرة في الجارديان، حاضرة بالتأكيد في اجتماع التحرير الصباحي في كل قسم.
فضيحة مشابهة ضربت الجارديان بعد أن اكتشفت أن أحد العاملين غير الدائمين لديها، جوزيف مايتون، كان يفبرك قصصا أو يزيفها. دأب على اختلاق شخصيات وأحداث وتصريحات ليس لها أصل.
مايتون أقام في القاهرة وكتب مقالات للجارديان بدءًا من ٢٠٠٩، ثم انتقل إلى أمريكا ليراسل الجريدة البريطانية مرة أخرى بدءًا من مايو ٢٠١٥.
الجارديان أكدت أنه لم يكتب لها من مصر سوى مقالات، كان آخرها عام ٢٠١٠. وهذا صحيح.
لكن صحيح أيضًا أن ١٤ من هذه المقالات وردت ضمن قائمة القصص التي اكتشفت الصحيفة البريطانية اليسارية المشهورة أنها تعرضت للتزييف أثناء وجوده في مصر.
هذا التاريخ الذي توقف فيه عن الكتابة للجارديان مهم؛ فهو للوهلة الأولى يستبعد اعتمادها عليه في تغطية أحداث الربيع العربي. لكن بمزيد من البحث، نكتشف أن الكاتب لم يختف خلال الفترة التي لم يكتب فيها للجارديان، بل راسل غيرها. القصد: لقد منحته الجارديان المصداقية اللازمة لكي يراسل إعلامًا عالميًا، ويكون عينيه على فترة من أهم الفترات في تاريخ المنطقة الحديث.
موقع “قنطرة”، وهو منحة مشتركة لمعهد جوته الألماني ومركز الحوار مع العالم الإسلامي، اعتمد على مايتون في كثير من القصص التي لا تزال موجودة على الموقع الناطق بعدة لغات، والذي لم يكلف نفسه عناء رفعها أو الإشارة إلى الشك الذي ألم بمصداقية كاتبها حتى لحظة كتابة هذه السطور.
كلا الصحفيين إذًا عمل في منطقة الشرق الأوسط لتغطية أحداث الربيع العربي، ثم ذهب إلى أمريكا لتغطية “أمريكا ترامب”.
هل هذه مصادفة؟
في القادم من المقال سنطرح إجابة. لن تجدها في التغطيات الأخرى. لأنها إجابة خاصة بمنطقة الشرق الأوسط.
بدأنا المشهد الأول مع دير شبيغل الألمانية ومراسلها كلاس ريلوتيوس.
في المشهد الثاني عدنا إلى الوراء قليلًا، وتحدثنا عن الجارديان البريطانية ومراسلها غير الدائم جوزيف مايتون.
هنا، في المشهد الثالث، سنأخذ فرصة استراحة. نجلس على الكنبة، ونشاهد قصة سجلتها هوليود في فيلم أنتج عام ٢٠٠٣. قصة حقيقية هي الأخرى. بطلها – الذي اكتشف الفبركة – يعمل الآن كاتبًا في صحيفة الواشطن بوست. أما بطلها – الشرير – فقد ترك الإعلام برمته.
الصحفي المزيف الذي يروي الفيلم قصته اسمه ستيفن جلاس. التشابه الجزئي في الاسم مع الصحفي الألماني مجرد صدفة. هذا الصحفي يعمل في مجلة أمريكية، ويتميز بقصصه خفيفة الظل الكاشفة عن عالم لا نراه بأعيننا. الأحداث تدور عام ١٩٩٨ مع تصاعد الإنترنت والاستعداد للاستقبال الألفية الثالثة. الصحفي الأمريكي يكتب قصة بديعة عن النجوم الجدد في العالم الجديد. مراهق في عمر الرابعة عشرة اخترق شبكة شركة كبيرة، ولم تجد الشركة مهربًا من هجماته إلا بتعيينه أمينًا على ملفاتها على الإنترنت.
بالنظر إلى تاريخ القصة، فهذا خيال عظيم، واستشرافي، سيحدث لاحقًا في عالم الشركات.
قصة بهذه الكفاءة تثير غيرة مجلة منافسة تلوم مراسلها لأنه لم يأت بمثلها. فيبدأ هذا الملوم البحث خلف القصة، ليكتشف أنها بلا أساس، بطلًا بطلًا ومشهدًا مشهدًا. لا الشركة الكبيرة موجودة، ولا المراهق موجود، ولا القاعة التي احتفل فيها مع أقرانه بهزيمة الشركة واضطرارها لطلب خدماته موجودة، ولا العشاء الذي اصطحب إليه المقربين من أصدقائه وعائلته موجود.
كل واحد من تلك المشاهد كان مكتوبًا بتفصيل يجعل من الصعب تخيل أنه مختلق. موهبة عظيمة.
بمجرد اكتشاف الفبركة ينفرط العقد.
بعيدًا عن المصادفة في تقارب حروف الأسماء، هناك تشابهان كبيران في قصة الأمريكي ستيفن جلاس، والألماني كلاس ريلوتيوس.
كلا الصحفيين يفبرك قصصًا أو تفاصيل في القصص، بموهبة في الكتابة والصياغة.
الأسلوب الذي اعتمده كلا الصحفيين لكي يمرر قصصه على الزملاء.
الصحفي الأمريكي التزم بشخصية متواضعة، ساخرة من النفس، تظهر عدم الطموح وتقلل من شأن إنجازاتها. شخصية لا تثير حفيظة الآخرين ولا تستفزهم للصدام. كان حريصًا على مجاملتهم، وطلب المساعدة منهم، والتأكيد على أنه لولا تلك المساعدة ما خرجت القصة، حتى لو كانت المساعدة تافهة. تذكر مناسباتهم وهاداهم بأشياء أعربوا في أحاديث عارضة عن إعجابهم بها.
لقد حرص على نيل إعجابهم الشخصي.
الصحفي الألماني في دير شبيغل، والكلام ينطبق على صحفي الجارديان أيضًا، حرص على نيل الإعجاب “الفكري” لزملائه. لم يكن ليتحدى الفكرة التي يعلم أنها في أذهانهم عن تغطياته للربيع العربي، وتغطياته لأمريكا ترامب. لم يكتب موضوعًا يثير “حفيظتهم الفكرية والسياسية”.
السفير الأمريكي في ألمانيا التقط هذا الخيط في فضيحة دير شبيعل، فلم يعفها من المسؤولية، ولا اعتبر أن اعتذارها المطول – ٢٣ صفحة كاملة – وصرامتها في التعامل مع مراسلها كافيان.
أشار إلى “انحياز مؤسسي” يدفع في اتجاه “مناخ يشجع على هذا التفلت”. في ظل هذه السردية المهيمنة من المتوقع أن “المراسلين يستجيبون لما تريده القيادة”.
كلام السفير الأمريكي، ريتشارد جرينيل، صحيح. سنفهم وجهة نظره حين نعرف تفاصيل القصة التي اكتشفت فيها الفبركة، وكيف اكتشفت.
أطلق الصحفي الألماني، كلاس ريلوتيوس، خياله إلى أقصاه في قصته عن بلدة فيرجس فولز Fergus Falls الأمريكية، وهي بلدة صوتت لترامب بنسبة كبيرة في الانتخابات. واختارها الصحفي مكانا مثاليا في تغطيته للجدار الحدودي مع المكسيك.
الصحفي وصف يافطة مكتوبة بخط اليد على مدخل البلدة تقول “ابتعدوا أيها المكسيكيون”.
اليافطة ليس لها وجود. ولم يكن لها أبدًا وجود.
ذكر أن طلبة مدرسة جون إف كندي العليا رسموا صور الشخصيات التي يرون أنها مثلهم العليا، “فصل رسم أوباما، فصلان رسما جون دي روكفيللر، وبقية الفصول رسمت ترامب”.
هذا غير صحيح. بل القصد منه رسم تاريخ شخصي مزيف لأهل البلدة،
أما القصة التي فتحت الثغرة الأولى في كشف تزييفه فكانت على الحدود الأمريكية مع المكسيك، حيث ادعى أنه التقى برجلين من ميليشيا أمريكية. القصة أثارت شكوك زميله المصور. وبالتدقيق خلفها وجد أن ما ورد في التقرير محض زيف.
في قصة صحفي دير شبيغل وصحفي الجارديان سنلحظ نمطًا لا يمكن التغاضي عنه:
أن كليهما فبرك قصصا في الشرق الأوسط لمدة ست سنوات، لكنه انكشف في الولايات المتحدة في خلال عام واحد من عمله هناك.
شر البلية هذا الدرس.
حين تفبرك قصصًا في الشرق الأوسط، ويكون زيفك متماشيًا مع “الأغراض النبيلة” والأفكار المسبقة لحلف الليبراليين الزائفيين (اليساري) العالمي لن يدقق في حقيقة ما تقول أحد.
ربما بسبب حاجز اللغة.
ولكن بشكل أكبر بسبب “التعالي المستتر” في سلوك اليساري الأوروبي؛ هذا الذي يعتقد أنه يأخذ بيدك إلى الشاور لكي تستحم وتنظف. هذا الذي ينطلق في اهتمامه بالمنطقة من الاعتقاد أنك تحتاج إلى “معاملة خاصة”، لأنك “حالة ذات احتياجات خاصة”.
حتى المحاولات القليلة من جانب بعض المتصلين بالإعلام الغربي، ممن يحاولون لفت الانتباه إلى عدم دقة التغطية، وإلى أنها تعتمد معايير لا ترضاها الصحافة الأوروبية لنفسها ولمواطنيها، تقابل بالاستهانة والإهمال. يغذيهما الاتهامات الجاهزة التي تنقلها إليهم دائرة معارفهم من نشطاء المنطقة وأنبيائها المصدقين، المستفيدين من ترويج الإعلام الغربي لوجهة نظرهم هم فقط.
في الإعلام عنصر اسمه “قائمة الضيوف” أو الـ Guest List، وهي قائمة من الأشخاص الذين تتصل بهم المؤسسة للاستيضاح والتعليق على الأحداث.
القائمة الخاصة بالشرق الأوسط اخترقت منذ زمن ضمن جهود مشروع إعلامي معين استطاع أن يسيطر على آذان الإعلام الغربي.
هذه القائمة أيضًا لن تغضب منك، ولن تدقق في ما تقول، طالما نلت إعجاب القائمين عليها، فكريا وسياسيا، بل سيروجون اسمك مشفوعًا بالتبريكات. لكن إن تحديتهم أو أثرت حفيظتهم، فسوف يستبعدونك من جنة الصحفيين “العالميين”. العاملون في الشرق الأوسط من الإعلاميين الغربيين والناطقين بالعربية فهموا هذا جيدًا.
العوامل السابقة مجتمعة ولدت تراخيا في عنصر أساسي من عناصر العمل الإعلامي الغربي وقيمه الراسخة. العنصر المشار إليه هو تدقيق الحقائق أو الـ Fact Checking. وهو في الإعلام الغربي عملية معقدة وصارمة. أو هكذا كان قبل أن يعجز عن ملاحقة السوشال ميديا ومنافستها، فأنهكته.
حين تكون منهكًا، ستحتفظ بما لديك من طاقة على التدقيق لكي توجهها إلى القصص الخاصة بالمجتمعات التي تهمك، التي لا تريدها أن تفقد الثقة فيك، وإلا تأثرت مبيعاتك. لن توجهها إلى قصص الشرق الأوسط.
لكن العادة تحولت إلى كرة ثلج.
وظن بعضهم أنه قادر على الفبركة في أمريكا نفسها. لا. تعالى يا حلو.
الآن، كما سنرى، بدأت أصوات في كبريات المؤسسات تحذر من مغبة سيطرة التوجه السياسي على العملية الإعلامية. بي بي سي الإنجليزية نفسها لم تسلم من الانتقاد.
السفير الأمريكي يشكو بالذات من التراخي في “تدقيق الحقائق” حين يتعلق الأمر بمن تراهم المؤسسة خصوما طبيعيين. المؤسسة تخلق المناخ الملائم لهذا.
بملاحظة طبيعة المواد التي تعرضت أكثر من غيرها لمشكلة تزييف كبرى لا نستطيع أن نلومه. وبملاحظة طبيعة المؤسسات التي شهدت زيفا ندرك جوهر المشكلة. اليسار العالمي المهيمن على مؤسسات الإعلام يخدم ما يعتبره أغراضًا نبيلة.
حين يكون الغرض “نبيلًا” لا يمانع أن يطعمه ويغذيه ويسرب إليه ما ليس حقيقيًا. والسفير الأمريكي لا يقف وحيدا في تبنيه هذا الرأي.
“الكذاب النبيل” اسم كتاب صدر حديثًا لروبين أيتكين، وهو إعلامي مخضرم عمل في بي بي سي ٢٥ عامًا.
عنوانه الجانبي: “كيف ولماذا تشوه بي بي سي الأخبار لكي تروج أجندة ليبرالية“.
لفظ ليبرالية هنا يستخدم على غير ما يستخدم في الدول الناطقة بالعربية. المقصود به هو اليسار الليبرالي الأوروبي. والكتاب يستعرض أحداثًا تمتد منذ أيام مرجريت ثاتشر إلى قضايا اليوم.
تعبير “الكذب النبيل” يوجز ببلاغة ما نتحدث عنه هنا. نحن لا نتحدث عن الكذب الإعلامي. لا نتحدث عن ما يقدمه الأراجوزات الذين لا يخجلون من الكذب العلني على الناس. لا نتحدث عن الإعلام الرخيص معدوم الثقل في العالم. هذا كذبه واضح. أغراضه معروفة، وأنفه الطويل مطأطئة إلى أسفل، وأصحابه يتعثرون في مشيتهم، ويثيرون السخرية. وهيروحوا النار.
أما الكذب النبيل الذي نتحدث عنه فأنفه الطويلة محلقة إلى السماء. يعتقد أصحابها أنهم مسوا الحقيقة العلوية. أن مايكل أنجلو رسم صورهم على سقف كنيسة سيستين. كل من يجادلهم إما جاهل أو متسلق أو رجعي. هؤلاء عالقون في مشيتهم. يثيرون الحيرة واللخبطة وتشويش التفكير. وهيودوا ناس طيبين النار.
الكذب النبيل يضيع مهنة الصحافة.
والكذب النبيل يضيع الغرض نفسه، والقضية التي تسعى إليها ذاتها. يلقي ظلال الشك على عشرات التقارير والمعلومات الأخرى، الصحيحة، التي بذل زملاء لك جهدًا في جمعها. ويفقد الناس الثقة فيها.
لقد رأينا تغيرات عالمية كبرى خلال الأعوام الماضية. الكذب النبيل لم ينجح في إيقافها. بل قلل الثقة في الإعلام المؤسسي. وما حدث في دير شبيغل، بعد ما حدث في الجارديان، لن يمر بلا أثر. ولن يكون الأخير.