الوهابية حركة دينية معنية بالأساس بالقضابا الدينية العقائدية والسلوكية خصوصا المتعلقة بالتصوف، مثل بناء القبور والسجود عليها، والقضايا الكلامية المتعلقة بالمذهب الأشعري والمذاهب السنية التقليدية والتوسل والاستغاثة بالأموات
لها في هذا سلف من الفقه السني التقليدي، الآراء التي نادت بها لها أصل في السلف وإن كانت اندثرت أو اختفت لدى المتأخرين.
فهي يمكن تصنيفها على أنها حركة سنية تقليدية تمثل امتداد للمذهب الحنبلي، ومن الممكن تشبيهها في هذا بالجماعات الدينية عند اليهود مثل الحريديم وهم اليهود الملتزمين بالنصوص الأصلية وينكرون بعض الأمور التي أضيفت إلى الدين، وفي المسيحية أيضا شبيهة بالمورمون.
المعضلة الأساسية لجماعات الإسلام السياسي، هو كون الفقه السني التقليدي أو ما نسميه فقه السياسة الشرعية أو الأحكام السلطانية، فقه سلطوي قائم في الأساس على تكريس سلطة الإمام القائم وبسط نفوذه، فنجد الآراء التي تحرم الخروج على الحاكم ويكون إعلان الجهاد من اختصاصه، كما يُمنع في ظل حكمه تشكيل جماعة معارضة أو أن يمارس أحد سلطة الأمر بالمعروف أو النهي المنكر.
الإسلام السياسي هنا اعتمد فكرة عدم التقيد بالمذاهب السنية التقليدية المتمسك بها السلف، ودعوا لفتح باب الاجتهاد، لكن تلك الدعوة يمكن اعتبارها “مغرضة”، أي أن دعوتهم للاجتهاد هنا لها هدف، ويتمثل في إعادة النظر في كثير من الأمور الفقهية التي تعيق هدفهم وهو الوصول للسلطة.
ومن الأمثلة على ذلك، مثلا فكرة الجهاد في الفقه السني التقلبدي لا تجوز إلا بسلطة ولي الأمر الموكل إليه سلطة إعلان الحرب. هذا النموذج هو الأقرب إلى الدولة الحديثة، فالدولة هي التي تحتكر قرار العنف والسلم والحرب.
ما فعلته جماعة الإسلام السياسي هو شيوع مفهوم الجهاد والاغتيالات السياسية وجعله فرض عين، وهو ما تؤكده رسائل حسن البنا، رغم عدم وجودها في الفقه السني التقليدي.
وأيضا مسألة الاستتابة، تمثل مشكلة لجماعات الإسلام السياسي، فالتكفير والقتل يلزم الاستتابة أولا، وهو ما يعيق أهدافهم، وللتغلب على تلك المشكلة اعتبروا الاستتابة مسألة غير ملزمة.
كما واجهوا مشكلة الشورى أيضا في الفقه السني التقليدي، وكسابقتها أعادوا النظر فيها.
الأمر يمكن تصنيفه على اعتباره من تناقضات الجماعات الإسلامية، حين تخدمه أفكار السلف يستخدمه مثل محاربة الدولة الحديثة ومظاهر الحداثة والتغريب وغيرها، وحين يعيقه عن أهدافه يلجأ إلى التأويلات كما أشرنا سابقا.
ما يحدث في الإعلام هو خلط شائع، أساس فكرة الوهابية كان الشيخ محمد بن عبدالوهاب في قضايا مثل التوحيد والنذور والقبور وما شابه، ما يحدث هو خلط شائع لدى العامة، حركة طالبان على سبيل المثال لا علاقة لها بالوهابية، وهي حركة حنفية بالأساس ويعتبرون من الصوفيين ولديهم أضرحة.
وأيضا في مصر جماعة الجهاد، لا تعتبر وهابية بالأساس، اعتمدوا فقط على مسألة كتاب تحكيم قانون التترية، أما علاقتهم بالوهابية فهي صفر.
المظهر وممارسة العنف يسببان الخلط، وأيضا يمكن إعادة الأمر إلى “تنظيم القاعدة”، ولأن العرب كانوا المسيطرين على التنظيم فأي حركة جهادية تنشأ تنسب إلى الوهابية، وهناك سبب آخر يتعلق بالاختزال أو الاستسهال في إطلاق وصف الوهابية على أي حركة إسلامية إرهابية.
أفخاخ الإسلاميين في دقائق (9) – فخ الفقه الحركي | هاني عمارة
موضوعات متعلقة
نسخة للطباعة
