ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان.. هل تنازلت القاهرة عن حقوقها كيدًا في تركيا؟ |س/ج في دقائق

ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان.. هل تنازلت القاهرة عن حقوقها كيدًا في تركيا؟ |س/ج في دقائق

13 Aug 2020
بحر إيجه تركيا مصر
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان أثار القلق في تركيا التي عاودت الهجوم على اليونان بعد هدنة لم تدم طويلاً، وواصلت أذرعها الإعلامية اتهام مصر بالتفريط في مساحات شاسعة من حقوقها المفترضة في ثروات شرق المتوسط..

فما حقيقة ذلك؟

وكيف كانت تركيا بأسلوبها غير القانوني سببًا في إتمام الاتفاق الذي تعثر لحوالي 15 عامًا بين مصر واليونان؟

س/ج في دقائق


كيف سرعت تركيا ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان ؟

الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان استغرق 15 عامًا عبر 13 جولة تفاوض حاول خلالها الطرفان دون جدوى حل الخلافات الترسيمية.

لكن تزايد القلق من مد تركيا نفوذها في شرق المتوسط، وخصوصًا الإعلان عن مسح زلزالي ​​من المحتمل أن يعتدي على المياه التي تطالب مصر فيها بحقوقها الحصرية، حرك المفاوضين في مصر واليونان للإسراع بتوقيع الاتفاق.

صحيفة أحوال تركية تقول إن حكومة رجب طيب أردوغان اعتقدت لسنوات أن الوصول إلى تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان سيكون صعبًا وسيستغرق وقتًا طويلًا، بعدما قضى البلدان 15 عامًا من التفاوض دون جدوى، فحاولت ترسيخ سفنها في بعض المناطق الرمادية المختلف عليها بين البلدين.

الآن، وفي خطوة مفاجئة، سافر وزير الخارجية نيكوس ديندياس سرًا إلى القاهرة لإبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان. الاتفاق يعزز بشكل فعال حقوق البلدين في التنقيب عن الاحتياطات غير المستغلة واستكشافها في مئات الأميال في شرق المتوسط.

حكومة اليونان قالت بوضوح إن الاتفاق يستهدف مقاومة نفوذ تركيا المتنامي في المنطقة قبل أن تصدر أنقرة تراخيص جديدة للتنقيب عن النفط، وربطت بين سرعة إتمام الاتفاق وبين مذكرة تفاهم تركيا مع حكومة فايز السراج في طرابلس الليبية، والتي زعمت أنقرة لنفسها من خلاله حق التنقيب عن الغاز والنفط في نفس المنطقة، بما في ذلك داخل مياه اليونان على سواحل الجزر اليونانية مثل جزيرة كريت.

وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس اعتبر أن ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان من شأنه أن “يلقي بالاتفاق التركي الليبي في سلة القمامة”، مؤكدًا أن الاتفاق معاكس تمامًا لـ “التفاهم الباطل وغير القانوني بين أنقرة وطرابلس”؛ إذ يؤكد ويحمي حقوق جزر اليونان ويشهد على عزم اليونان ومصر التصدي لنفوذ تركيا في المنطقة.

الصحيفة التركية وصفت الاتفاق بأنه أغلق جميع الأبواب المفتوحة المتاحة أمام تركيا بعدما سد بشكل فعال عددًا من الثغرات التي سعت أنقرة إلى الاستثمار في تعزيز علاقاتها مع حكومة السراج في ليبيا، وبعثر بشكل أساسي العديد من الأوراق التي سعت تركيا إلى الاستيلاء عليها بالقوة في شرق المتوسط.

إردوغان والسراج.. قشة اليائس | خالد البري


هل تنازلت مصر عن حقوقها خلال ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان ؟

الرؤية التركية للتعامل مع القاهرة كانت تعتمد محاولة إغراء القاهرة بأن اتفاقها مع تركيا لا اليونان يضمن لها منطقة اقتصادية أكبر في شرق المتوسط.

تفترض تركيا أن مصر – نكاية فيها – تنازلت عن أجزاء ضخمة من حقوقها البحرية مرتين؛ الأولى بالتنازل عن 11,500 كيلومتر مربع من جرفها القاري في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص في 2003، والثانية بفقدان ولايتها البحرية على 21,500 كيلومتر مربع عبر ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان والتي جارت أيضًا على حقوق ليبيا التي تزعم تركيا أنها أدرجتها في اتفاقيتها مع رئيس حكومة طرابلس فايز السراج.

لكن أزمة الرؤية التركية تكمن في حقيقتين: أنها لا تعترف بالاتفاقيات الدولية الخاصة بترسيم الحدود البحرية، وأن معاهدة لوزان منحت السيادة على الجزر “المتحكمة في تقسيم المياه” إلى اليونان.

تزعم تركيا أن مصر واليونان لا تمتلكان حدودا بحرية مشتركة بالأساس. وأن التقسيم كان يفترض أن يجمع القاهرة مع أنقرة بدلًا من أثينا، وبالتالي، والكلام للديلي صباح، فإن مصر فرطت في حقوقها نكاية في تركيا.

لكن أزمة تركيا الحقيقية تكمن في خلافات الجانب الآخر من البحر المتوسط.

الحسبة التركية لتنازل مصر عن مساحتها تنطلق من عدم اعترافها باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي أكدت على أن من حق الجزر، على غرار البر، المطالبة بجرف قاري ومنطقة اقتصادية خالصة تمتد إلى 200 ميل بحري.

الخلاف متعلق تحديدًا بجزيرة كاستلوريزو، والتي تبتعد عن ساحل تركيا بكيلومترين تقريبًا.

مساحة كاستلوريزو 11.98 كيلومتر مربع ، وعدد سكانها بالكاد 500 شخص. منحتها معاهدة لوزان لإيطاليا، التي تنازلت عنها لليونان في معاهدة باريس 1947.

حسب المنطقة الاقتصادية الخالصة في اليونان، فإن الخط البحري الممتد عبر جزيرة كريت رودس كاستيلوريزو هو الأساس لترسيم مياهها الإقليمية. ما يعني أن الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة التركية يقتصران تلقائيًا على نقطة مفتوحة في البحر الأبيض المتوسط ​​في خليج أنطاليا.

وانيس كورانتيس، السفير اليوناني السابق في أنقرة، يقول إن قرب كاستيلوريزو الجغرافي من تركيا ليس له أي تأثير على المكانة الممنوحة لها بموجب المعاهدات الدولية. يضيف: “إذا اتبعنا طريقة التفكير التركية، فربما تدعي فنزويلا أو جمهورية الدومينيكان أن المارتينيك وجوادلوب أقرب إليهما من فرنسا – التي ينتميان إليها – على بعد عدة آلاف من الأميال، وبالتالي ينبغي أن تتمتع بحقوق محدودة المناطق البحرية”.

تحركات تركيا والإخوان في البحر المتوسط.. كيف تؤثر اقتصاديًا على المواطن المصري؟ س/ج في دقائق


لماذا وجدت اليونان نفسها مجبرة على تسريع الاتفاق مع مصر؟

أزمة العقلية التركية في التعامل مع الأزمة تتمثل في اعتمادها على عقيدة “مافي فاتان” التي تزعم أن البحر المتوسط وبحر إيجه والبحر الأسود نطاق للنفوذ التركي وإرث للإمبراطورية العثمانية.

وفق العقيدة، وباعتبار أن اليونان أقرب الجيران، وجدت أثينا نفسها مهددة على طول الخط، عمليًا عبر اتفاق أردوغان – السراج الذي تعتبره باطلًا وبلا قيمة قانونية، والذي أتبعته تركيا بالإعلان عن خطط للتنقيب عن الثروات البحرية في المناطق التي يفترض أن تتبعة سيادة اليونان، بخلاف تصاعد التصريحات الرسمية التركية التي تحمل نبرة عدائية متصاعدة ضد أثينا.

منطقة شرق المتوسط تتمتع بأهمية للاتحاد الأوروبي؛ حيث ستوفر أكثر من 10% من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي؛ ولذلك يمول الاتحاد مشروعات للغاز في المنطقة،  كما تدعمها الولايات المتحدة بقوة سعيًا لموازنة صادرات الطاقة الروسية إلى أوروبا.

هنا، يعتبر الاتحاد الأوروبي الوصول إلى مصادر الهيدروكربون وإمدادها دون عوائق نقطة حيوية لا تقبل معها استمرار “الضجيج المتبادل”، والتي تغذيها موجة مستمرة من التصريحات العدائية من أنقرة على جميع المستويات، وفقًا لوانيس كورانتيس، السفير اليوناني السابق في أنقرة.

وأملًا في الوصول إلى حل سلمي، تدفع بروكسل وواشنطن اليونان وتركيا للعودة إلى طاولة المفاوضات على أمل محاولة تسوية الخلافات القديمة.

كونستانتينوس فيليس، مدير معهد العلاقات الدولية في أثينا، يقول إن اليونان لم يكن لديها أية فرصة تذكر لتحقيق نجاح كبير في تلك المحادثات دون الاتفاق الذي أبرمته مع مصر.

يضيف أنه لولا اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان لكانت أثينا في وضع صعب للغاية. الآن، يمكن أن تأتي إلى طاولة المفاوضات وتتسلح بالاتفاقية وبالقانون الدولي، ليصبح الحل أمام تركيا هو اللجوء إلى المحكمة الدولية في لاهاي، والتي ستقضي بحق اليونان وفقًا لاتفاقية البحار.

تشخيص غربي أخيرا | إردوغان يعيد إحياء الإمبراطورية العثمانية.. ما الوسيلة؟ وما الثمن؟| س/ج في دقائق


هل هناك مزيد من المصادر لزيادة المعرفة؟

يمكن لمصر استعادة سلطتها البحرية المسروقة في البحر الأبيض المتوسط (الديلي صباح)

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك