يطلق على المتصيد مصطلح “ترول”، في تشبيه بالمخلوق القزم الأسطوري من الفولكلور الإسكندنافي، وهو مخلوق قبيح وقذر وغاضب يعيش في الأماكن المظلمة، مثل الكهوف أو تحت الجسور، في انتظار انتزاع أي شيء يمر لتناول وجبة سريعة.
أقزام التصيد الإلكتروني يمثلون نسخة حديثة من النسخة الأسطورية. يختبئون وراء شاشات الكمبيوتر، ويخرجون بنشاط لإحداث مشاكل على الإنترنت. مثل القزم الأسطوري، فإن قزم الإنترنت غاضب ومزعج بكل طريقة ممكنة – غالبًا بدون سبب حقيقي على الإطلاق.
في دراسة الناتو، التي أعدها مركز التميز الاستراتيجي للاتصالات، يقول الحلف إن الجهات الفاعلة من الدول والتنظيمات باتت تستخدم السوشال ميديا بشكل فعال لكسب الدعم لتحركاتهم على الأرض، وتجنيد أعضاء جدد، وخداع وترهيب الخصم، وحتى استخدامه للأنشطة العسكرية التقليدية مثل جمع المعلومات الاستخبارية، أو القيادة والسيطرة.
الدراسة قالت إن التصيد الإلكتروني يشمل استخدام الهويات والحسابات المزيفة لنشر الروايات من خلال السوشال ميديا والمدونات وتعليقات الويب من أجل التلاعب أو مضايقة أو خداع المعارضين.
مع ذلك، لا يزال التصيد الإلكتروني ظاهرة غير مستكشفة نسبيًا. تقول دراسة الناتو: “رغم تحديد هذه الأنشطة على نطاق واسع، لم يبدأ قياس آثارها، لا سيما بسبب صعوبة التمييز بين المتصيدين المدفوعين والأشخاص الذين يعبرون ببساطة عن آرائهم”.
نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فوكين يقول إن حالة المجمتع اليوم “تقترب مجددًا إلى ما يشبه الحرب الأهلية، باستثناء أننا كنا نخوض هذه الحروب بالسيوف والمسدسات، والآن بإعادة التغريد والميمات”.
وتقول دراسة الناتو إن تسخير التصيد الإلكتروني في حرب المعلومات يستهدف الحفاظ على دعم الموالين، وجذب المترددين، وتقويض المعارضة في الداخل، وفي الخارج إلى كسب دعم السكان الأصليين في مناطق القتال، ودعم الجبهات الداخلية للدول المتداخلة، ودعم المجتمع الدولي.
تخترق استراتيجية التصيد الإلكتروني جميع مستويات المجتمع بتكلفة منخفضة جدًا كونها لا تستهدف بالضرورة إيمان الجمهور بالمعلومات التي يزرعها المتصيدون، بل تكثيف المعلومات المضللة، لتحاصرك في كل مكان، بما يؤدي في حد ذاته إلى خلق حالة مستمرة من عدم الثقة في المعلومات التي تقدمها الجهات الرسمية أو وسائل الإعلام.
وفقًا لتوماس إلكير نيسن، خبير الاتصال الاستراتيجي في كلية الدفاع الملكية الدنماركية، فإن منصات السوشال ميديا أصبحت سلاحًا مفضلًا لنشر الفوضى على الأرض في أماكن الاشتباك، أو على الأقل خلق تأثيرات غير متناسبة فيما يتعلق بالاستثمار.
لكنه يضيف أن وكالات الاستخبارات تعلمت استخدام نفس السلاح لمصلحتها. فباستخدام الهويات المزيفة، باتوا قادرين على خلق وهم دعم الأفكار، بل وتحدي الأفكار السائدة على منصات السوشال ميديا من خلال إدراج الحجج المضادة ليبدو وكأنها تأتي من مستوى “القاعدة الشعبية”، بل وصل الأمر إلى استخدام التصيد الإلكتروني ببراعة لاصطياد البيدوفيليين والإرهابيين المحتملين.
– منصات السوشال ميديا: أيًا كانت المنصة، ستجد محترفي التصيد الإلكتروني في كل مكان.
– تعليقات المواقع الإخبارية: في بعض المدونات والمواقع الإخبارية الشائعة التي تسمح بإدراد التعليقات عليها، يمكنك في بعض الأحيان العثور على المتصيدين. هذا ينطبق بشكل خاص على المدونات التي تغطي موضوعات مثيرة للجدل.
– تعليقات يوتيوب: يوتيوب مشهور بسماحه ببعض أسوأ التعليقات على الإطلاق. اذهب وألقِ نظرة على تعليقات أي مقطع فيديو شائع، وستجد أنك ستجد بعضا من هذه التعليقات المسيئة، فكلما زاد عدد المشاهدات والتعليقات، كلما زاد عدد تعليقات التصيد الإلكتروني التي ستقابلك.
– المنتديات: إنشاء المنتديات يستهدف مناقشة موضوعات مع الأشخاص متماثلي التفكير. لكن من حين لآخر، سيأتي المتصيد لنشر التعليقات السلبية في كل مكان. إذا لم يقم المشرفون بحظرهم، فسيقوم الأعضاء الآخرون بالرد غالبًا، ويبدأ الاصطياد.
– البريد الإلكتروني: هناك الكثير من المتصيدين الذين يأخذون الوقت والطاقة بنشاط لكتابة رسائل بريد إلكتروني سلبية ردًا على الأشخاص الذين يختلفون معهم.
– الشبكات المجهولة: تعمل الشبكات الاجتماعية المجهولة أساسًا لتكون ساحة للتصيد. لأن المستخدمين لا يجدون دافعًا للقلق بشأن ارتباط هوياتهم بسلوكهم السيئ. يمكنهم أن يكتبوا ما يريدون بعجد الاختباء وراء اسم مستخدم دون تسجيل.
وقعت تركيا عقدًا مع بروسيرا نتوركس، وهي شركة ناشئة في وادي السيليكون، لاستخراج أسماء المستخدمين وكلمات المرور من مواقع الويب ضعيفة التشفير. هذا يمكن الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية الحاكم من استخدام المعلومات للتجسس على المعارضين السياسيين. الأمر متكرر هذه النقطة، لكن أحد موظفي بروسيرا السابقين قال لمجلة فوربس: “يمكن لهذا العمل أن يكون قاتلًا”.
مؤخرًا، انتقد معارضون أتراك، توجيه ما وصفوه بـ “جيش أردوغان الإلكتروني”، تهديدات بالقتل والاغتصاب إلى معارضيه عبر منصات السوشال ميديا، مما دفع الكثير منهم للهروب من تركيا.
الناشط الحقوقي التركي تونا بيكلفتش قال إنه تلقى تهديدات بالقتل، وباغتصاب والدته وزوجته، من مجموعة حسابات على تويتر، اتضح أنها تابعة لجناح الشباب في حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي ينتمي له رجب طيب أردوغان.
التغريدات “لا تعود لمستخدمين عاديين”، لأن جميعها ظهرت بشكل مفاجئ بعد ساعة فقط من تغريدة انتقد فيها الرئيس. شركة “تويتر” كشفت أن جميع الحسابات التي أرسلت رسائل التهديد كانت منسقة من “جناح الشباب“، على الرغم من نفي مسؤولي الحزب ذلك.
تويتر أغلق 7,300 حساب قال إنها استخدمت “لتضخيم الروايات السياسية المواتية لحزب العدالة والتنمية، وأظهرت دعمًا قويًا لأردوغان”.
لكن التليجراف تنقل عن نشطاء أتراك قولهم إن حملات التصيد الإلكتروني تتصاعد أحيانًا إلى عنف في العالم الحقيقي. بارباروس زانسال، أحد أشهر مصممي الأزياء في تركيا وناشط حقوق المثليين، يقول إنه تعرض للضرب من “بلطجية المؤيدين لأردوغان” بعد حملات تصيد إلكتروني وصفته بالخائن والكافر، ثم نشروا أرقام هواتفه وعناوينه عبر منصات السوشال ميديا.