ترتبط إسرائيل رسميًا بمعاهدتي سلام، وبالتالي علاقات دبلوماسية كاملة، مع مصر والأردن. عدا ذلك، استمرت غالبية العواصم العربية على موقفها المعلن من مقاطعة إسرائيل، لكن متغيرات جديدة طرأت على الساحة مؤخرًا.
إسرائيل كاتس، وزير المخابرات الإسرائيلي، قال لرويترز، الخميس، بعد زيارة إلى عمان إن على بلاده ودول الخليج العربية التعاون في مجال أمن الطيران ومجالات مدنية أخرى.
كاتس، الذي يشغل أيضًا منصب وزير النقل، زار العاصمة مسقط، الأسبوع الماضي، لحضور مؤتمر عن النقل، طرح خلاله مقترحًا لإقامة خط سكك حديدة يربط إسرائيل بدول عربية، بعد أقل من أسبوعين من زيارة نادرة أجراها نتنياهو لعمان التقى خلالها السلطان قابوس.
لاحقًا، قال إيدي كوهين، الباحث في مركز بيغن السادات لشؤون الشرق الأوسط، إن نتانياهو سيجري زيارة إلى قطر قريبًا، داعيًا لاستقباله بحفاوة تشبه تلك التي استقبلوا بها رئيس الحكومة الراحل شيمون بيريز خلال زيارته السابقة للدوحة.
وفي ٢٥ أكتوبر الماضي، وصل وفد رياضي إسرائيلي إلى قطر للمشاركة في بطولة العالم للجمباز، التي بدأت في 25 أكتوبر حتى الـ3 من نوفمبر. ورفع علم إسرائيل في حفل افتتاح البطولة، كما عزف النشيد الإسرائيلي لأول مرة في مناسبة رياضية تنظمها دولة عربية.
ألدوحة
منتخب #إسرائيل للجمباز في بطولة العالم للجمباز في #الدوحة #قطر
المنتخب الإسرائيلي يشارك مع العلم الإسرائيلي
بالنجاح والتوفيق!נבחרת ישראל באליפות העולם להתעמלות מכשירים
בדוחא שבקטר.
התקבלו בחום, על בגדי הספורטאים מתנוססות האותיות ISR (ישראל)
(זוכים לאבטחה כבדה).בהצלחה! pic.twitter.com/yIi54HtoYN
— שמעון ארן شمعون آران (@simonarann) October 25, 2018
وبنهاية أكتوبر، استقبلت أبو ظبي وزيرة الرياضة والثقافة الإسرائيلية، ميري ريغيف، على رأس وفد رياضي، للمشاركة في بطولة دولية. على إثر ذلك، عزف النشيد الوطني الإسرائيلي للمرة الأولى في الإمارات.
بالتزامن، شارك وفد إسرائيلي، برئاسة وزير الاتصالات أيوب قرا، في مؤتمر المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات في دبي، ووضعت بطاقة تحمل اسم “إسرائيل” على الطاولة أمام الوفد.
وهذا الأسبوع، تلقت الخارجية الاسرائيلية دعوة رسمية لمشاركة وزير الاقتصاد والصناعة إيلي كوهين، في مؤتمر وزاري حول الريادة التكنولوجية، في البحرين، مطلع العام المقبل.
من بوابة الرياضة، شارك رياضيون إسرائيليون في عدة منافسات جرت مؤخرًا في دول عربية، كما تراجع رياضيون عرب عن موقف طالما انتهجوه بالانسحاب من أية مواجهات دولية تجمعهم بلاعبين أو فرق إسرائيلية.
تلك التقاربات ليست الوحيدة. أوفير جندلمان، المتحدث باسم نتنياهو، نقل في 6 سبتمبر/ أيلول الماضي عن الأخير قوله: “ما يحدث بعلاقاتنا مع الدول العربية غير مسبوق. لم يتم الكشف عن حجم التعاون بعد، ولكنه أكبر من أي وقت مضى، هذا تغيير هائل”.
س/ج في دقائق: “العقوبات مقبلة”.. كيف يحكم ترامب الحصار على إيران؟
منطقة الشرق الأوسط منقسمة الآن إلى ثلاثة كتل رئيسية. الكتلة الإيرانية التي بدأت في البروز بعد الثورة الإسلامية الشيعية عام ١٩٧٩، والتي مدت نفوذها إلى لبنان وسوريا والعراق على المستوى الرسمي، كما أنها تملك قوات نظامية أو ميليشيات تابعة لها في تلك الدول الثلاث، وإلى اليمن عبر ميليشيا الحوثي. قاسم سليماني القيادي في ميليشيات الحرس الثوري الإيرانية صرح سابقا بأن طهران تحكم الآن “أربع عواصم عربية”.
الكتلة الثانية هي “ألتحالف العثماني”، الذي حاول تنفيذ التمدد نفسه ليكون مركزه إسطنبول، ويضم قطر وجماعة الإخوان المسلمين وميليشيات سنية تابعة لها.
الكتلة الثالثة تحالف من دول وطنية، ليس لديها مشروع توسعي.
هذه التطورات فتحت الطريق أمام تقارب خليجي مع إسرائيل، يقوم على التعاون ضد الأخطار المشتركة، وهو ما عبر عنه نتانياهو نفسه في أكثر من مناسبة.
وفي 5 حزيران/ يونيو 2017، قطعت السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، علاقتها الدبلوماسية مع قطر.
وحافظت قطر على علاقات “دافئة”، معلنة أحيانًا وخفية في أحيان أخرى مع إسرائيل، منذ زيارة شيمون بيريز إلى الدوحة في 1996، والتي افتتح خلالها المكتب التجاري الإسرائيلي. كما تحتفظ تركيا بعلاقات رسمية كاملة مع إسرائيل.
متغير إقليمي آخر ساعد في تسارع تطور العلاقات بين إسرائيل والدول العربية؛ فالرئيس الأمريكي يسعى لتقديم رؤيته للسلام في الشرق الأوسط، والمعروفة إعلاميا بـ “صفقة القرن”. “يديعوت أحرنوت” تحدثت عن “جهد إسرائيلي كبير” لتطبيع العلاقات مع الدول العربية؛ تمهيدًا لإعلان الخطة.
وتسعى إسرائيل لإطلاق علاقات مع السعودية. إيدي كوهين، قال، في تغريدة مطلع نوفمبر، إن نتنياهو ينتظر الرد من الرياض حتى يزورها علانية.
الرهائن قطريون، المساوم إيراني، والثمن سوري
يوسف بن علوي بن عبد الله، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان قال، خلال قمة أمنية بالبحرين، إن “إسرائيل دولة موجودة بالمنطقة، وربما حان الوقت لمعاملة إسرائيل بنفس المعاملة، وأن تتحمل أيضًا نفس الالتزامات، ولديها من الإمكانيات ما يمكنها أن تستفيد وتفيد”.
وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، كتب في مجلة “ديفنس نيوز” الأمريكية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، معتبرًا أن تعزيز التعاون بين إسرائيل والسعودية سيكون مجديًا ضد إيران وفروعها بالمنطقة؛ باعتبارها تمثل التهديد الإقليمي الأكبر
وأضاف: “كلما وحدنا – نحن القوى البراغماتية في المنطقة – طاقاتنا لهزيمة أعدائنا المتعصبين، كلما كنا أكثر قدرة على توفير الأمن والاستقرار في المنطقة والنهوض بمصالحنا الوطنية”.
مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ألمح لنقطة أخرى تتعلق بـ “فتح الاقتصاد الإسرائيلي القوي للاستثمار والشراكات العربية”.
ولا ترتبط معظم الدول العربية بعلاقات اقتصادية معلنة مع إسرائيل، كما لا تتضمن سجلات التجارة الخارجية الاسرائيلية أية مؤشرات على ذلك، لكن معهد توني بلير للتغيير الدولي كشف عبر تحليل لتدفق المنتجات بين اسرائيل ودول ثالثة تنتقل عبرها هذه المنتجات الى البحرين، الكويت، عُمان، قطر، السعودية، والامارات، أن قيمة التبادل التجاري وصلت قرابة مليار دولار في 2016، وهو ما تعدى الصادرات الاسرائيلية إلى دول حليفة كروسيا واليابان.
#مقاطعة_وليست_حصار و الدليل وصول المنتجات الغذائية من اسرائيل الى #قطر #يا_اخوان#الحصار_المزعوم #الحصار_على_قطر
— إبراهيم بهزاد (@ibahzad) June 12, 2017
ويرى المركز البحثي في تحليله أن حجم التجارة بين إسرائيل وهذه الدول قد يتضاعف عدة أضعاف حال إحلال علاقات رسمية.
وكشفت إسرائيل في عدة مناسبات عن مخططات جاهزة لإعادة إحياء خط النفط والغاز بين العراق وميناء حيفا، ومخططات لبناء خطة سكك حديدية تمتد من إسرائيل عبر الأردن وصولًا إلى دول الخليج.
تظل القضية الفلسطينية إحدى الملفات المعلقة على طريق التقارب. حنان عشراوي، القيادية البارزة في منظمة التحرير تحذر من المسارعة نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل دون إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية؛ كونها تنسف مبادرة السلام العربية 2002، لكن نتانياهو له رأي آخر؛ إذ يرى أن السلام مع الفلسطينيين سيتحقق بـ”طريقة معاكسة”، وهي بالتقارب مع الدول العربية أولًا.