س/ج في دقائق: “الخوذ البيضاء”.. عمل أبطال أم عمل بطَّال؟

س/ج في دقائق: “الخوذ البيضاء”.. عمل أبطال أم عمل بطَّال؟

23 Jul 2018
الشرق الأوسط
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

قالت إسرائيل إنها أجلت عددًا من أعضاء منظمة الدفاع المدني السوري، المعروفة باسم “الخوذ البيضاء” من جنوبي سوريا عبر مرتفعات الجولان المحتل إلى الأردن، تمهيدًا لإعادة توطينهم في دول غربية، بينها كندا وبريطانيا وألمانيا، بطلب من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

من هم “الخوذ البيضاء”؟

تصنف “الخوذ البيضاء” نفسها كقوة عمل تطوعية تعمل لإنقاذ المتضررين في مناطق الاشتباكات بين قوات بشار الأسد ومعارضيه.

تأسست “الخوذ البيضاء” في 2013، وتضم نحو 3,700 متطوع، وتعمل في أكثر من 110 مناطق خارج سيطرة النظام.

أسس المنظمة الضابط البريطاني المتقاعد جيمس لي ميزوريه، الذي قال في حوار صحفي في 2015، إن الفكرة بدأت بتدريب 20 متطوعًا سوريًا في تركيا على إنقاذ المضارين من الحرب الأهلية، والذين ترفض الجهات الرسمية السورية التدخل لإنقاذهم.

يضيف “ميزوريه” أن عديد المتطوعين كانوا في الأصل خبازين وعمال بناء وسائقين ومدرسين، أجبرتهم ظروف الحرب على العمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

لماذا ميزوريه؟

يبقى دور الضابط البريطاني السابق في تأسيس “الخوذ البيضاء” علامة مهمة يبني عليها النظام السوري وحلفاؤه هجومهم على المنظمة.

وكالة “سبوتنيك” الروسية الرسمية تصف ميزوريه بموظف سابق في مخابرات الجيش البريطاني، وتقول إنه عمل بعدما ترك الخدمة لحساب منظمات تزاول “نشاطًا مشبوهًا”، معتبرة أن وجوده في تركيا وقت تأسيس المنظمة لم يكن صدفة، بل مخطط “مشبوه” لإيجاد مساحة جديدة للعمل على إسقاط الأسد، عندما انحسرت فرص إسقاطه.

ميزوريه يرد على ذلك بأن دوره كان إنسانيًا، إذ اجتمع مع متطوعين أتراك يعملون في مجال إنقاذ المضارين من الزلازل، لكنهم لم يعملوا مطلقًا في مناطق المعارك، وهو ما كان بارعًا فيه، لكنه لا يعرف شيئًا عن أعمال البحث والإنقاذ، فقرروا التعاون المشترك لتدريب متطوعين من حلب على إنقاذ المضارين تحت أنقاض المنازل التي هدمتها قنابل النظام السوري.

الضابط البريطاني السابق قال إنه تحرك من منطلق آية قرآنية “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا”.

كيف تعمل المنظمة؟

يبقى دور الخوذ البيضاء ساحة للجدل، يقولون إن دورهم إنساني بحت، لسد الفراغ الحاصل من امتناع أو عدم قدرة الأجهزة الرسمية على العمل في المساحات الخاضعة لسيطرة المسلحين، وأنهم لم يمتنعوا مطلقًا عن إنقاذ كل من يحتاج المساعدة، ويتداولون روايات عن تعرضهم لإطلاق نار من قناصة المعارضة خلال جهودهم لإنقاذ جنود سوريين أو حتى عناصر حزب الله علقوا في ساحات القتال،

ويقول النظام السوري إن المنظمة ذات أهداف مشبوهة، تشمل قتل الأطفال، وتصوير مقاطع فيديو مزيفة لتشويه سمعته، وفبركة أدلة تساعد على التدخل الأجنبي، والتمويه على الفظائع الإنسانية التي ترتكبها الجماعات الإرهابية، وعلاج جرحى المتطرفين، وتنفيذ أحكام الإعدام ضد ضحايا الإرهابيين، وسرقة جثث الموتى، وحمل السلاح ضد الجيش السوري.

المنظمة اعترفت –في حالات نادرة- بصحة الاتهامات الموجهة لعناصرها، لكنها دافعت عن نفسها بكونها أخطاءً فردية حاسبت مرتكبيها فور ظهور أدلة اتهام ضدهم.

اقرأ أيضًا:  س/ج في دقائق: ماذا يحدث في درعا؟

من يمول “الخوذ البيضاء”؟

تفتح المنظمة باب التبرع لتمويل أنشطتها عبر موقعها الرسمي، لكن أي من المصادر المتاحة لم يذكر حجم التبرعات “الشخصية” التي جمعت عبر هذا المورد.

دخلت المنظمة في شراكة مع منظمة “ميدي للإنقاذ” ومقرها في هولندا. جدير بالذكر هنا أن مؤسس المنظمة هو ميزورير نفسه.

تعرف “ميدي” نفسها بمؤسسة تعمل في المجتمعات غير المستقرة في مناطق الصراعات والحروب في العالم، عبر تدريب متطووعين محليين، وتزويدهم بالمعدات، لكن المؤسسة انطلقت في 2014، أي بعد عام واحد من تأسيس “الخوذ البيضاء”.

جدير بالإشارة أن فاروق حبيب، مدير عمليات “ميدي” في سوريا، هو نفسه مدير قسم العلاقات الدولية في “الخوذ البيضاء”.

وتتلقى المنظمة السورية تمويلًا من عدة حكومات غربية، بينها الولايات المتحدة، وخصوصًا وزارة الخارجية البريطانية عبر “ميدي”.

وبداية من 2016، بدأت “الخوذ البيضاء” في استقبال دعم وصفته بـ”الجزئي” من شركة كيمونكس إنترناشيونال، وهي كيان خاص مقره الرئيسي في الولايات المتحدة، وتعمل في مجال التنمية الدولية.

واتسع الدعم ليشمل برنامج الحكومة الكندية لتمويل عمليات إحلال السلام والاستقرار، والحكومتين الدنماركية والألمانية، ووكالة اليابان للتعاون الدولي، ووزارتي خارجية هولندا ونيوزيلندا، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وصندوق مواجهة النزاعات وتحقيق الأمن والاستقرار البريطاني، وهي في معظمها تمويلات تصل عبر “ميدي”، بخلاف تبرعات مباشرة لـ “صندوق بطل”، الذي أسسته “الخوذ البيضاء” لرعاية الجرحى وأسر الضحايا.

وتبلغ ميزانية المنظمة لعام 2018 نحو 18 مليون دولار.

اقرأ أيضًا:  س/ج في دقائق: سوريا وأصل الحكاية بين إسرائيل وإيران

كيف تأثر التمويل بوصول ترامب؟

في مايو الماضي، أشادت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت بأعضاء فرق الخوذ البيضاء “الناكرين لذواتهم”،، لكن الإشادة لم تمنع قرارًا مفاجئًا بوقف تمويل المنظمة، لتقرر إخضاع أنشطتها لـ”مراجعة واقعية”.

مدير المنظمة رائد صالح قال إنه لا يدري سببًا لتوقف الدعم الأمريكي، الذي يشكل نحو ثلث التمويل الذي تتلقاه المنظمة، محذرًا من تأثير التوقف على عمليات الإنقاذ، لكن مسؤولًا في الخارجية الأمريكية قال إن الوزارة تتوقع أن تواصل “الخوذ البيضاء” عملياتها لما تتلقاه من “تبرعات إضافية من جهات متعددة”، لتتدخل تركيا وقطر فورًا، وتوقعان عقود مشروعات جديدة للمنظمة.

في منتصف يونيو، تراجعت الإدارة الأمريكية عن القرار، لتعلن ناورت أن الرئيس وافق على تخصيص نحو 6.6 ملايين دولار لتمويل عمليات “الخوذ البيضاء”، مبدية دعمًا شديدًا للمنظمة التي قالت إنها أنقذت حياة أكثر من 100 ألف شخص منذ بداية النزاع، بمن فيهم ضحايا الهجمات الكيميائية للأسد.

اسم “الخوذ البيضاء” في الأخبار؟

لعبت “الخوذ البيضاء” دور البطولة في ثلاثة مشاهد رئيسية، أبرزها الهجوم على الغوطة الشرقية، إذ تعاملوا مع الضحايا، والتقطوا صورًا ومقاطع فيديو تشير لاستخدام السلاح الكيماوي، ما استندت عليه الولايات المتحدة في شن هجوم ثلاثي واسع وخاطف، ضم بريطانيا وفرنسا، على سوريا في أبريل الماضي.

كانت “الخوذ البيضاء” أيضًا موضوع فيلمين، أحدهما وثائقي قصير أطلقته خدمة نتفليكس في 2016، وفاز بجائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي قصير، والآخر أصدره المخرج السوري فراس فياض في 2017، وفاز بجائزة لجنة التحكيم الكبرى للأفلام الوثائقية في مهرجان صاندانس السينمائي.

رُشحت “الخوذ البيضاء” لجائزة نوبل للسلام في 2016، كما نالت في سبتمبر من العام نفسه جائزة رايت ليفيلهوود السويدية، المعروفة باسم جائزة نوبل البديلة، والتي تمنح سنويًا للعاملين في مجالات حقوق الإنسان والصحة والتعليم والسلام.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (1)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك