هل امتلكت مصر في تاريخها سلاح حقيقي اسمه صواريخ ظافر وقاهر أصلًا؟
بالتأكيد. ليس هناك أي درجة شك بخصوص تلك النقطة. عندما هدد السادات باستخدامهم لضرب العمق الإسرائيلي كان يتحدث عن حقيقة عسكرية، وعندما ذكرها عبد الناصر فهو كان أيضًا تحدث عن واقع.
هنا، نحن نتحدث عن تقريبًا 400 صاروخ بعيدة المدى، تيقن الموساد أن صواريخ ظافر وقاهر كانت قادرة على هزيمة إسرائيل ومحوها تمامًا من على الأرض.
كيف امتلكت مصر سلاح مثل هذا في تلك الفترة الصعبة؟
بدأ الأمر قبل يوليو 52.
ففي عام 1945 عندما سقطت ألمانيا النازية ٍوبدأ السباق العالمي على اقتناص خبرات العلماء الألمان في مجالات بينها الصواريخ.
في هذا الوقت حاول مصطفى النحاس أن يقتنص لمصر جزء من التورتة بصفقة ملخصها أن تمنح مصر لألمانيا الحماية والأموال والاستضافة في القاهرة، مقابل بناء المؤسسة العسكرية المصرية ونقل تكنولوجيا الصواريخ المتقدمة.
ثم حدثت ثورة يوليو 52 واتخذ الاهتمام بالعلماء الألمان شكل منظم أكثر، خصوصًا مع نقل الملف لزكريا محيي الدين، الذي خلق قاعدة صناعية يمكنها أن تنتج صواريخ وطائرات بتكنولوجيا ألمانية متقدمة تسمح للمصريين بخوض معارك حتى في عمق إسرائيل.
حصل صراع استخباراتي، والنتيجة إن في حين كانت إسرائيل تعتقد أنها قضت على البرنامج تمامًا، فوجئت بتجارب ناجحة لإطلاق الصاروخين في يوليو 62، وتلك كانت – رغم نجاح التجربة – نقطة سلبية جدًا في طريق البرنامج.
نقطة النجاح إن مصر تمكنت فعلًا من امتلاك صواريخ ظافر وقاهر ولم تقف عند هذا الحد، لكن أيضًا أطلقت خطة طموحة جدًا لتوطين صناعة المحركات، سواء للطائرات أو الصواريخ الحربية أو مستقبلًا للفضاء.
مثال بسيط، نموذج صاروخ القاهرة اتنقل فيما بعد لوكالة ناسا شخصيًا، بالإضافة إلى أن نسخة الطيارة التي تطورت في مصر آنذاك وُصفت في وثائق رسمية بإنها أحد أكثر المقاتلات كفاءة وتقدمًا في ذلك الوقت.
كل هذا كان يُدار بسرية. واحتاج أن يبقى سرًا؛ لاستكمال العمل بدون عقبات. لكن عبد الناصر وعبد الحكيم عامر رأوا أن في جميع الأحوال أمريكا تتجسس بالأقمار الصناعية، وبالتالي من الأفضل أن تعلن مصر عن امتلاك صواريخ ظافر وقاهر بنفسها.
وهنا جاء الإعلان عن التجربة ثم ظهورها في عرض عسكري رغم تحذيرات المخابرات في ذلك الوقت.
والمفاجأة هنا أن إسرائيل لم تكن تعلم مدى تطور تلك الصواريخ؛ لذا أطلقت عملية استخبارات لاغتيال وترهيب العلماء الألمان وعائلاتهم داخل مصر وخارجها، بإشراف الجاسوس فولفجانج لوتز.
رغم سقوط الجاسوس في وقت لاحق، كانت الرسالة وصلت للعلماء الذين غادروا القاهرة وذهبوا لأماكن أخرى لاستكمال أبحاثهم.
صحيح البرنامج توقف، وبالتالي لم يحدث التطوير المطلوب، لكن الصواريخ التي أنتجت فعلًا كانت موجودة في المخازن، حتى وقت حرب أكتوبر كانت صالحة للاستخدام.
حتى الأشخاص الذين شككوا في تهديد السادات خلال الحرب باستهداف العمق الإسرائيلي باستخدام يقتنص صواريخ ظافر وقاهر ، ومنهم، مثلًا: سعد الدين الشاذلي كما ذكر في مذكراته، قال إنهم كانوا موجودين فعلًا.
النقطة الأهم هنا كانت المناورة، التهديد نفسه بحسب وثائق إسرائيلية وشهادات عسكريين مصريين أجبر القيادة الإسرائيلية على إنهاء حرب كانت ترغب في استكمالها بداية من معركة المنصورة الجوية في محاولة لنقل المعارك للعمق المصري.
سواء باستخدام صواريخ ظافر وقاهر أو غيرها، فإن المعلومات التي وصلت تل أبيب وقتها كانت تؤكد امتلاك مصر لتلك الصواريخ، وهذا ما دفع ودا أثر فعلًا على صنع القرار فيما يخص تقصير مدى وزمن الحرب.