صباح اليوم التالي لوفاة زعيم الثورة الإيرانية روح الله الخميني، في 4 يونيو 1989، عقد مجلس خبراء القيادة اجتماعًا طارئًا لتصعيد علي خامنئي – رئيس الجمهورية منذ 1981 – مرشدًا جديدًا. منذ ذلك الحين، عانى الجيران الناطقون بالعربية ويلات التدخلات الإيرانية، فتغيرت أنظمة وانهارت دول وتفتت مجتمعات، لكن إيران بقيت عصية على التغيير، مع تحول في ميزان القوى داخل النخبة الإيرانية إلى مزيد من الغموض.
حالة الغموض في العملية السياسية ومراكز صنع القرار في إيران تظهر جلية في ظاهرة “الاثنينية” التي يتسم بها النظام. لكل مؤسسة ظل يعمل مباشرة تحت إمرة المرشد الأعلى، ولكل شخص من مجموعة محدودة تتناوب على المناصب السياسية والمراكز القيادية دورًا يلعبه حتى مع تغير الوظائف والألقاب، فيما يشبه لعبة الكراسي الموسيقية.
فهم أساسيات النظام الإسلامي وأركان قوة ولاية الفقيه في إيران يحتاج لإلقاء نظرة على رجالات النظام وأعمدة الدولة والعائلات السياسية داخل المجتمع الإيراني، في ظل سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالبنى الهيكلية داخل الطبقة السياسية الشيعية التي حققت ثرواتٍ طائلة على حساب باقي الفئات والطوائف الأخرى، فضلًا عن فرض حالة من الوصاية الوجدانية على الشعب، والتحكم في تصوراته ومنطلقاته الدينية والشخصية بما يشبه الاعتقال الفكري داخل منظومة مشبوهة من القيم والتعاليم الدينية.
إنفوجرافيك| تعلموا على يد “الشيطان الأكبر” وأسلموا إيران | دقائق.نت
على رأسهم الأب الروحي علي أكبر ولايتي. كاتم أسرار المرشد ومحل ثقته، وأحمد جنتي، ومحمود أحمدي نجاد، وعائلة لاريجاني التي وصفتها مجلة التايم الأمريكية بـ “النسخة الإيرانية من آل كينيدي”، وتنتمي للتيار المتشدد. تحظى بثقة المرشد الأعلى لثقلها السياسي والديني، وتمسك بمفاصل القضاء والبرلمان، ولها أنشطة اقتصادية واسعة في إيران. تضم:
كان قائدًا في الحرس الثوري خلال الحرب العراقية الإيرانية. وفي عام 1994 ترأس هيئة الإذاعة والتليفزيون بعد ترشيحه من المرشد الأعلى علي خامنئي للحد من تأثير القيم الغربية على الشباب فيما يشبه غسيل الأدمغة.
وفي أغسطس 2004 أصبح المستشار الأمني للمرشد الأعلى، ثم ترشح لانتخابات الرئاسة 2005. فاز أحمدي نجاد، فأصبح لاريجاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي ليحل محل – الرئيس الحالي – حسن روحاني. أشرف على المفاوضات حول القضايا الرئيسية للسياسة الخارجية، وأبرزها البرنامج النووي الإيراني. وأدار لشهور المفاوضات على درجة كبيرة من الحساسية مع خافيير سولانا، الذي كان ممثل الاتحاد الأوروبي حينها. وفي مارس 2008 ترشح للانتخابات البرلمانية، وفاز عن دائرة قم. وفي مايو 2008، انتخب لرئاسة مجلس الشورى الإسلامي. ثم أعيد انتخابه لرئاسة البرلمان 2012، وأعيد انتخابه في 2016. ويخطط للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
صادق لاريجاني: رئيس السلطة القضائية السابق، والذي وصفه خامنئي لدى تعيينه رئيسًا للسلطة القضائية بعدما كان عضوًا في مجلس صيانة الدستور لتسع أعوام بـ “العالم الفاضل المجتهد الشاب الذي يمتلك طاقات استلهمها من أبرز الشخصيات العلمية في قم”. هو ذاته المصنف على قائمة العقوبات الأمريكية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. عينه المرشد في ديسمبر 2018 لرئاسة مجلس تشخيص مصلحة النظام خلفًا لمحمود هاشمي شاهرودي. ويعد أحد الخلفاء المحتملين لتولي منصب ولاية الفقيه، وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قد أشار في خطاب موجه إلى الأميركيين من أصل إيراني في يوليو 2018، إلى أن صادق آملي لاريجاني يستحوذ على 300 مليون دولار على الأقل من اختلاس الأموال العامة في حسابه المصرفي الخاص.
محمد جواد لاريجاني: معاون السلطة القضائية، ويرأس لجنة حقوق الإنسان التي تتهمها المنظمات الحقوقية بالتستر على الانتهاكات وتبريرها ومخالفة القوانين الدولية.
باقر لاريجاني: يشغل منصب رئيس وحدة أبحاث الغدد الصماء، ومستشار جامعة طهران للعلوم الطبية.
فاضل لاريجاني: موظف بوزارة الشئون الخارجية الإيرانية، متهم بملفات فساد مع شقيقه صادق لاريجاني.
إيران الخميني.. 40 عامًا من دوران الرحى حول نفسها | تايم لاين | دقائق.نت
الأب الروحي لهم حتي وفاته كان هاشمي رفسنجاني – أول رئيس جمهورية في عهد المرشد الحالي الذي عَدل الدستور وألغي منصب رئيس الوزراء وعزز سلطات رئيس الجمهورية إكرامًا له لدوره في انتخابه مرشدًا أعلى- وعائلته من أهم الأسر التي شاركت في الثورة، وكان لها دور بارز في رسم الخريطة الداخلية لإيران بعدها، وكذلك محمد خاتمي، ومحمود علوي، رئيس وزارة الاستخبارات والأمن الوطني، وإسحق جاهانجيري نائب الرئيس الإيراني حسن روحاني ومرشح الظل في انتخابات 2017، ولكليهما أشقاء يواجهون تهم فساد، حيث حُكم على شقيق روحاني الأصغر حسين فريدون بالسجن خمس سنوات بتهمة الرشوة، كما يواجه مهدي جاهانجيري قضية مماثلة.
رئيس المجلس الاستراتيجي الايراني للعلاقات الخارجية، ووزير الخارجية الإيراني الأسبق، وهو شقيق محسن خرازي عضو مجلس الخبراء، وعم سفير إيران السابق في باريس صادق محسن خرازي، ومحمد باقر خرازي، أمين عام حركة حزب الله الإيرانية ومرشح انتخابات الرئاسة في يونيو 2013، لكن مجلس صيانة الدستور رفض ترشيحه.
عالم وسياسي إيراني، كان وزير الداخلية بين 1981 و1985، ثم أصبح رئيس مجلس الشورى الإسلامي منذ 1992 حتى 2000، ومرشح رئاسي في 1997، ويعمل حاليًا مستشارًا للمرشد الأعلى علي خامنئي، وهو أيضًا عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام منذ تأسيسه، وتولى منصب المفتش العام في مكتب المرشد الأعلى منذ 1989.
لديه ابنان: مجتبى ناطق نوري: رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني ومصطفى ناطق نوري، سياسي ورجل أعمال كبير في إيران وهناك أحاديث عن استثمارات له في واشنطن، وبرز دوره جدًا أثناء الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن المنصرم، لقدرته على حشد الشباب من خلال خطابات سياسية.
إخوته أحمد ناطق نوري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران، ورئيس اتحاد الملاكمة الإيراني، وعباس علي ناطق نوري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران.
في ظل هذا الوضع الغامض لموقع العائلة على خريطة صنع القرار في إيران، تدور نخبة النظام السياسي في فلك هاتين المجموعتين، بشخوصهم وقياداتهم التي لا توجد تناقضات مفاهيمية وفكرية فيما بينهم، بقدر ما تحمله خلافاتهم من طبائع تكتيكية، تلزم الحركة والمناورة السياسية. ويعبر عن مجموعة متشابكة من التناقضات داخل النخبة الحاكمة الإيرانية، ما بين كبر سن أعضاءها، والضغط الخارجي المستمر على طهران، وتزايد السخط الشعبي على القيادات، والذي يظهر من حين لآخر في صورة احتجاجات متصاعدة، مما يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل الجمهورية الإسلامية بعد علي خامنئي.
إيران.. نافخ الكير | خالد البري
من المجرم الحقيقي في إيران والشرق الأوسط؟| خالد البري| رواية صحفية في دقائق
اقتحام السفارة الأمريكية | حمل يسوع الذنوب ندمًا.. وحملت إيران العقوبات أبدًا | الحكاية في دقائق
خيانة الخميني الأولى بدأت بصورة ولم تتوقف بعدها . ٤٠ عاما على الثورة الإيرانية | س/ج في دقائق