بعض الكلمات مثل “الاقتصاد “توحي للناس بغير معناها. وبالتالي حين يسمعون عبارة “الاقتصاد سينهار” ينظرون إليها وكأنها “الدوري سيتوقف” أو “المترو سيتعطل”. لكن الاقتصاد Eco/nomy كلمة جامعة معناها إدارة المنزل، إدارة البيئة. والمعنى المقصود إدارة الحياة.
كلمة الاقتصاد تعني كل شيء. الطعام الذي نأكله، والمياه التي نشربها، ووسيلة المواصلات التي تقلنا إلى أعمالنا. تعني تحويل المادة الخام في الطبيعة إلى منتج نستطيع أن نستخدمه. هو الحبل السري الذي يصل البشر بالطبيعة الأم. حتى لو أردت أن تصطاد سمكة ستحتاج إلى سنارة معدنية، أو إلى شبكة وقارب فيه أخشاب ومسامير.
كل هذا. من أصغر شيء إلى أضخمه، يندرج تحت كلمة الاقتصاد.
أولئك هم الرابحون .. كيف يتفاعل الاقتصاد ونفسية المجتمع | خالد البري | رواية صحفية في دقائق
الاقتصاد في مواجهة كورونا فيديو جيم بعداد زمني. النظر إلى اللعبة وإطالة التفكير فشل ذريع. لا بد من قرارات، وموازنات، وحساب مصالح وخسائر. لا نبالغ إذا قلنا إن الخطر المميز لفيروس كورونا هو أنه يضعك أمام هذه المعادلة. نعم. تستطيع أن تجلس في المنزل فتمنع كورونا من نشر العدوى بقدر الإمكان. لكن إلى متى؟ إلى متى تستطيع أن تتحمل هذا دون أن ينقطع الإنتاج وتختفي السلع؟ بل إلى متى دون أن ينهار القطاع الصحي نفسه؟
البقاء في المنزل هو الحل الأصوب حاليًا، ولا بد أن نمتثل له. لكنه ليس الحل الأصوب بلا أجل. عند نقطة معينة، لو لم يظهر لقاح أو علاج، سنضطر إلى أن نخوض المعركة بشكل آخر، يختلف من دولة إلى أخرى حسب ظروفها، ولن نتمتع وقتها برفاهية هذا الخيار.
“صحة الناس أهم من الاقتصاد”، يقول أناس يستسهلون الكلام. يوحون في الجملة بأن الاقتصاد هو الأموال الفائضة، أو الثروات الشخصية، أو الرفاهية. ويوحون للناس أن الصحة شيء مستقل، وأن الاقتصاد شيء آخر مستقل. لكن الحقيقة أن الرعاية الصحية بكل أشكالها منتج اقتصادي، خاضع للوفرة والندرة، والإمداد والطلب. لو انهار الاقتصاد سينهار هذا المنتج الصحي. سيموت عدد أكبر. الاقتصاد كلمة جامعة.
ولكي تكتمل المسرحية الكلامية ستجد اقتراحات من قبيل التأميم أو الاستيلاء على الثروة. وكأن هذا هو الحل. للأسف: مكانش حد غلب. لو كان هذا هو الحل في مواجهة الموت فما أسهله. الثروة السائلة للأشخاص لا تساوي شيئا، ولن تعطي البشرية أسبوعًا إضافيًا على قيد الحياة لو ظل الناس في البيوت وتوقف الإنتاج. العقارات والأصول لا محل لها من الإعراب ولا القيمة لو انتشر وباء فتاك.
إعادة الحياة | ترامب يتحدى كورونا لإنقاذ الاقتصاد.. هل تنجح المغامرة؟ | س/ج في دقائق
المخاوف الاقتصادية من كورونا تتعدى المخاوف على الثروة والممتلكات بمراحل.
لو توقف الإنتاج وقل المعروض فكل الأموال السائلة في يدك، وإن كان نصيبك من الإعانات الحكومية آلاف الدولارات، ستصير بلا قيمة.
لو توقف الإنتاج وضعفت خدمات الشرطة فضحايا الجريمة وحدها سيكونون أعلى من ضحايا كورونا.
ثم إنه لن تنجو من هذا فئة. لو نزلنا إلى الحضيض واقتصرت المطالب على الغذاء فهذا يحتاج إلى جمع وتغليف ونقل وحفظ. لو انعدمت الأسباب التي تنقل هذا من الريف إلى الحضر لكان معناه انعدام الأسباب التي تنقل الرعاية الطبية من الحضر إلى الريف. حتى أهل الريف المحاطون بأساسيات الحياة سيعانون.
هذا المثال التبسيطي الذي اخترنا فيه أبسط احتياجات الإنسان. ينسحب إلى كل شيء آخر. حين يتحدث قائد سياسي عن الاقتصاد فهو لا يتحدث فقط عن الثراء، بل عن الحياة. عن مرحلة ما بعد الوباء وقدرة الناس على العثور على وظائف يتكسبون منها.
كورونا خطير لكن الذعر أخطر.. يضعف جهازك المناعي ويسقط الاقتصاد العالمي| س/ج في دقائق
لذلك، نعم، الاقتصاد عامل أساسي في رسم التوقيتات الزمنية لمكافحة كورونا. ومؤلم لكنه حقيقي أن خسائره تحسب في مقابل أرواح بشرية. إدخاله في حسابات المعركة دافعه الحرص على حياة الناس، لأن إهماله ستكون نتيجته خسارة أرواح المزيد.
أخيرًا. هذا نقاش في ما بعد ذلك. أما الآن. فعلينا الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وبالخطة الجماعية في بلدك كيفما كانت. نساعد أنفسنا ونساعد الأطباء والسياسيين بالالتزام بهذا. السلوك الاجتماعي طريقنا لاجتياز الأزمة في هذا الوضع الاستثنائي. وهو وحده ما يملكه المواطن العادي من أمثالنا لكي يخفف من الآثار الاقتصادية، فيخفف العناء.
ستكونين أنت الحذاء.. أزمة الاقتصاد المصري في أغنية المهندس حسام | رواية صحفية في دقائق
أقوى من الحرب التجارية.. خسائر مليارية تنتظر الصين والدول الصناعية بسبب كورونا | س/ج في دقائق
هل يمكن إتاحة لقاحات كورونا مجانًا؟ لا.. لهذه الأسباب | س/ج في دقائق