الجارديان: بعد 10 سنوات.. لماذا يلعن التوانسة محمد بوعزيزي والثورة التي أشعلها؟ | ترجمة في دقائق

الجارديان: بعد 10 سنوات.. لماذا يلعن التوانسة محمد بوعزيزي والثورة التي أشعلها؟ | ترجمة في دقائق

21 Dec 2020
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

نقلًا عن تقرير: – لقد دمرنا.. بعد 10 سنوات يلعن التونسيون محمد بوعزيزي الذي أشعل الربيع العربي” – الجارديان


فلاش باك.. قبل عقد من الزمن:

بائع فاكهة تونسي يدعى محمد بوعزيزي، 26 عامًا، يضرم النار في نفسه، احتجاجًا على “فساد ووحشية الدولة” لتندلع الثورة في تونس، ومنها إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط.

محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه سيدي بوزيد تونس

محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه – 2010 – سيدي بوزيد – تونس

المشهد الآن:

شارع في العاصمة التونسية يحمل اسم محمد بوعزيزي.. وفي مسقط رأسه في سيدي بوزيد يظهر في صورة عملاقة تواجه مقر السلطة المحلية.. لكن شخصه بات خارج الزمن، تمامًا كالثورة التي أشعلها.

قيس بوعزيزي – ابن عم محمد بوعزيزي – يقول إن لقب العائلة كان يومًا رمزًا للفخر في كافة أنحاء تونس. الآن، يشعر أنه لعنة.

لكن بلال غربي، 32 عامًا، صديق العائلة يعتقد إن السبب أن شخص محمد بوعزيزي، والثورة التي أشعلها، وحتى لقب عائلته تعرضوا للتشويه.

آخرون، منهم فتحية إيمان، 54 سنة، المارة في الشارع الذي يحمل اسمه، لا تجد حرجًا في لعن سيرته علانية، باعتباره “الشخص الذي دمر تونس”.

عربة محمد بوعزيزي باقية في المكان الذي أحرق نفسه فيه

تذكار بعربة محمد بوعزيزي باقية في المكان الذي أحرق نفسه فيه

عن الديموغرافيا القاتلة في الشرق الأوسط!

أسطورة الإجابة تونس

الأساطير حول تونس باعتبارها “مهد الربيع العربي – قصة النجاح الوحيدة بين الدول التي أطاحت بحكامها – حامل راية الديمقراطية العربية” تنهار كلما ابتعدت عن ساحل المتوسط إلى المناطق النائية المهملة التي غذى غضبها الإطاحة بزين العابدين بن علي.

ربما تتجلى ثمار الثورة بشكل أوضح في قصر باردو، ومتحف القرن الخامس عشر، والبرلمان في العاصمة، حيث ينظم المحتجون اعتصامات، ويتشاجر المشرعون تحت أسقف مزينة بورق الذهب، في العمارة التي تمزج بين الأنماط الرومانية والإسلامية والأوروبية.

ربما يشعر التوانسة أنهم أحرار أكثر من ذي قبل في انتقاد قادتهم. ربما انتخاباتهم نزيهة.

لكنهم يشعرون بالبؤس وخيبة الأمل، ويصدرون مقاتلين للتنظيمات الإرهابية أكثر من أي بلد آخر، ويشكلون غالبية المهاجرين المنقولين بالقوارب إلى إيطاليا في 2020.

إبراهيم العيساوي | رحلة منفذ هجوم نيس الإرهابي من إدمان الكحول للقتل باسم الله | الحكاية في دقائق

وعلى مشارف القيروان، تقول عائشة قريشي، 60 عامًا، إن الفساد الذي كان يميز عهد بن علي لا يزال يفسد حياتها. وبعدما وجهت الدولة المساعدات الخارجية إلى المنطقة لبناء أكشاك صغيرة من الطوب لها ولنساء أخريات لبيع الخبز على جانب الطريق، تقول إن معظم الأموال نفدت، بينما لا تزال هي تعمل في كشك مصنوع من الخشب والقماش المشمع.

بالنسبة لغالبية التوانسة، سببت الثورة انخفاضًا في مستويات المعيشة.

انخفض النمو الاقتصادي إلى أكثر من النصف منذ 2010، واتسع انتشار البطالة بين الشباب الذين يشكلون 85% من العاطلين. أشرف هاني، 35 عامًا، الذي رأى من كشكه عبر الطريق محمد بوعزيزي بينما كان يحرق نفسه يقول: “لم يتغير شيء.. الأمور تسير نحو الأسوأ”.

قريشي تقول: “ربحنا القليل من الحرية. لكن هل هذا يؤثر على حياتي؟”

عائشة قريشي تونس محمد بوعزيزي القيروان

كغيرها من التونسيات، البائعة الستينية عائشة قريشي لا تشعر أن الأحوال تحسنت بعد ثورة محمد بوعزيزي

هشام المشيشي لن يكون أوفر حظًا من الفخفاخ.. لماذا ستستمر أزمة الحكومة في تونس؟ | س/ج في دقائق

النهضة الخائفة من مصير إخوان مصر

المراقبون يروجون لامتزاج العصور والثقافات التي تشكل تونس الحديثة كأحد أسباب استمرار التجربة الديمقراطية. يشير المحللون أيضًا إلى جيشها الصغير البعيد عن السياسة، والمجتمع المدني الذي وجد طرقًا للازدهار على الرغم من الاستبداد، مما أعطى الأمة ثقلًا عندما سقط زين العابدين بن علي.

ساعدت الجغرافيا أيضًا. الباحث صفوان المصري يقول: “تونس بعيدة نوعًا عن مركز الثقل في المنطقة التي تراها أقل أهمية بسبب حجمها ونقص الموارد الطبيعية. لم تكن مهمة ضمن حيث الألعاب الجيوسياسية الأكبر”.

لكن آخرين يجادلون بأن الإفراط في الحديث عن “تفرد تونس” مبالغ فيه، وأن ما حفظ التجربة حقًا أنها وحدت من الحكمة ما يساندها في اللحظات الفارقة. رئيسة منظمة أرباب العمل التونسية وداد بوشماو، تقول: “بعد الاغتيال الأول، ثم الثاني، كنا خائفين من أن نفقد ثورتنا. كانت لتصبح حربًا أهلية، أو فوضي في كل مكان، وسنكون مثل ليبيا”.

بحلول منتصف 2013، أدى الخلاف بين حزب النهضة الإسلامي والعالمانيين إلى تجميد المحادثات حول دستور جديد. عندما اغتيل اثنان من القادة اليساريين على يد جهاديين مشتبه بهم، عجت تونس بالمحتجين الغاضبين. كانت حركة مماثلة في مصر قد أسقطت للتو حكومة الإخوان.

لكن، وإلى جانب ثلاثة من قادة المجتمع المدني الآخرين، طلبت بوشماوي من الخصوم السياسيين في البلاد الجلوس حول طاولة لإجراء مفاوضات اللحظة الأخيرة. تقول: “لأكون صريحة معك، ما ساعدنا هو الوضع في مصر. كانت حركة النهضة تخشى أن يتكرر ما حدث هناك (مع الإخوان) عندنا”.

تونس محمد بوعزيزي اغتيال شكري بلعيد

اغتيال شكري بلعيد كاد يغرق تونس في سيناريوهات أخرى

المؤسسات قبل الانتخابات | لماذا لن تجلب الانتخابات استقرارًا في ليبيا؟ | جمال أبو الحسن

الاقتصاد الضائع في زحام الثورة

لكن سنوات من القتال حول هوية تونس لم تترك سوى القليل من الأكسجين لمعالجة المشكلات الاقتصادية التي قادت الثورة.

سيدة الونيسي، 33 عامًا، وزيرة التشغيل السابقة عن حركة النهضة، تقول إن تنفيذ الإصلاحات في بلد حر صعب. تتذكر اجتماعًا مع مستشارين دوليين دفعوا تونس إلى تعويم عملتها كما فعلت مصر في 2016 لجذب الاستثمار الأجنبي. تتذكر الونيسي قائلة: “قالوا إنها ضربت المصريين بشدة في البداية، لكن الآن بعد عامين، بدأت تؤتي ثمارها”.

تقول: “قلت لهم، لا يمكننا تحمل تكاليف السنتين. نحن دولة ديمقراطية. لا يمكن للسلطة السياسية أن تتخذ قرارًا وهي تعلم أنه سيكون صعبًا جدًا على غالبية السكان، لأن هناك انتخابات في هذا البلد. يمكن للناس التظاهر”.

الأموال الأجنبية أيضًا لا تحب “ديمقراطية بالمخاطر”. المراقب يوسف الشريف يقول إن مستثمرين كثرا يهربون إلى الخارج، وينظرون إلى أماكن مثل المغرب أو مصر التي تقدم نفس القوة العاملة الماهرة الرخيصة ولكن مع مشكلات أقل، ومطالب اجتماعية أقل.

تونس – كندا – أمريكا – إسرائيل – بريطانيا.. العالم في ظل ديمقراطية الشلل | الحكاية في دقائق

هل تلحق الديمقراطية بالاقتصاد؟

إقبال الناخبين في سيدي بوزيد يتراجع منذ أول انتخابات حرة في 2011.

الناشط هشام عمري يقول إن المدينة لم تتأثر حتى الآن بالنظام ، ولكن ليس للأسباب التي تكتسب رواجًا في بعض الأحيان في العواصم الغربية. “ما تعاني منه الديمقراطية التونسية ليس التعارض الجوهري مع الإسلام، ولا التوتر السلطوي في السياسة العربية. بدلاً من ذلك ، يقول، إنه شيء أصبح له صدى أكبر في واشنطن ولندن على مدى السنوات العشر الماضية: الشعور بأن الديمقراطية كما تُمارَس لا تصلح إلا لنخبة في تونس وعلى طول الساحل، دون الوصول إلى ما يكفي مجتمعات مثل سيدي بوزيد لإعطاء الناس رأيًا في القوى التي تشكل حياتهم.

يقول العامري: “هناك ديمقراطية الشكل وديمقراطية العمق. في تونس نمارس ديمقراطية الشكل. في جميع أنحاء العالم، الفجوة بين المنتخبين والمواطنين شاسعة. وتونس جزء من هذا العالم”.

إحباط الواقع السياسي في مجتمعاتنا العربية.. متى ننصت لصوت العقل؟ | حيدر راشد


 

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك