مصر تتحدث عن نفسها وترد أيضا على نفسها .. بصوت أعلى | خالد البري

مصر تتحدث عن نفسها وترد أيضا على نفسها .. بصوت أعلى | خالد البري

20 Jan 2021
خالد البري رئيس تحرير دقائق نت
مصر
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

تقدم مصر حاليًا نفسها للعالم على أنها أكثر سماحة من نسخة الإسلام المتشدد التي يتبناها فلول العثمانيين، بدرجاتهم المختلفة.

وعلى ذلك، فأي ما تكون الجهة التي تقف خلف ملاحقة البنات والنساء والحياة الخاصة، فالنتيجة الأولى التي تحققها هي تبديد أي انطباع بهذه السماحة. وإثبات أنها أكثر تشددا حتى على مستوى الحياة الشخصية من الإسلامجية.

هؤلاء، على كل ما نعرفه عنهم، وما عايشناه بأنفسنا في بيوتنا وشوارعنا وجامعاتنا، وما سمعناه بآذاننا من الميكروفونات. هؤلاء، على كل ضنك الحياة الشخصية الذي فرضوه علينا اجتماعيًا. فإنهم يقدمون أنفسهم للعالم الخارجي في صورة مختلفة تمامًا. في صورة من يدافع – قال إيه – عن الحريات. ومن يحترم – قال إيه – المرأة. بل يحترم – قال إيه – الخيارات الجنسية للأفراد.

هدف دبل كيك

نستطيع أن نقول إذن إن الغرض الأساسي تحقق إعلاميًا. وبالقانون والاستدعاءات الرسمية. وبالدليل والبرهان. الأمر ليس تصرف موظف جمرك، ولا غلاسة شخص في موقع سياحي. بل مؤسسي قانوني.

هذه الأخبار تتزامن في أكثر من مرة مع أخبار إيجابية، فتغطي عليها، وتصنع الصورة التي تزداد رسوخا عن مصر، فتمنع اكتمال جملة إيجابية عن مصر في أي مجال. وتربطها لفظة إيجبت دائما بمفردات سلبية..

تناقلت وسائل الإعلام العالمية أخبار الاكتشافات الأثرية في سقارة، والتي اعتبرتها ضمن أهم الاكتشافات الأثرية. لكن في الوقت الذي تتحدث فيه مصر عن نفسها بالماضي، فإن مصر أخرى ترد عليها فورا بالحاضر. بصوت أعلى من صوت مصر العظيمة. والعالم يهتم بها أكثر. هذا يختصر الكثير. ويهدر أيضا الكثير.

أحصينا في اجتماعنا التحريري صبيحة انتشار أخبار “تورتة نادي الجزيرة” 15 وسيلة إعلامية عالمية تنقل الخبر الغريب، الماستر سين الذي لا يخطر على بال كاتب سيناريو فيلم هزلي عن دولة تدس أنفها في كل شيء.

أما النتيجة الثانية المتحققة من هذه الأخبار فإثبات أن هذا هو الشعب المصري، وأن الموضوع لا يتعلق بسيطرة الإسلامجية ولا بغيره. فحتى في ظل غيابهم عن الصورة يدافع الشعب عن “ثوابته”. هذه رسالة موجهة إلى الداخل.

وهذا غرض تضطلع به علنا مؤسسات رسمية في الدولة. بلا مواربة. وتقدم نفسها على أنها حائط الصد ضد أي محاولة لتطوير الحياة الاجتماعية. وتلاحق بنفسها شخصيات لم تفعل شيئًا سوى تقديم وجهة نظرها في التاريخ التراثي. كالباحث إسلام البحيري. والباحث أحمد عبده ماهر.

نعلم نحن المصريين أن ادعاء الثوابت هذا ادعاء منافق. جولة على أفراح المناطق الشعبية ستجعلك ترى الصورة من وجهيها . جولة في شوارعنا وألفاظنا وحوادث التحرش فيها تقدم لك وجه عملة النفاق الآخر. نقابة مهنية تدخلت للدفاع عن عضو منها خرج عضو منه في وسيلة مواصلات. عضو حقيقي، وليس مزحة. كما أن هذا الخبر حقيقي، وليس مزحة.

لكن ما باليد حيلة. الحقيقة تلكمنا في الشارع، والادعاءات تلكمنا في الإعلام. رسالة إحباط لأي أمل في مجتمع مختلف.

ألعاب إعلامية

الإعلام معني بالانطباعات. وهو – كما رأينا في السنوات السابقة – أهم سلاح في يد القوى السياسية. في الدول الكبرى والصغرى. في القضايا المحلية والإقليمية والعالمية.

وفي هذا الصدد هناك وعود كثيرة في الخطاب المحلي. وهناك أفعال شجاعة على صعيد المواطنة والعلاقة بين المواطنين من كافة الأديان واللا أديان. لكن هناك ترصدا ذا إيقاع ثابت، ينقل رسالة واحدة: أن هذا البلد مخنوق. وأن دكة الاحتياط التي تحتضنها مخابرات دول أجنبية أفضل من اللاعبين على أرض الوطن. وهذه لعبة قاتلة، تعميق الاستياء، أثبتت نجاحها منذ عودة قادة البلاشفة إلى روسيا قبل قرن، إلى عودة الخميني إلى إيران قبل عقود.

لقد تعلمنا من السنوات السابقة، أو هكذا أظن، عدم الاستهانة بالمباريات الإعلامية وانطباعاتها. أن نأخذ الموضوع بجدية، وأن نتفكر في الغرض النهائي من أي حركة على رقعة الشطرنج.

ما يخيفنا أكثر أننا نعلم أن الإناء في النهاية لن يمنح إلا ما فيه، خطب برلمانية تذكرنا بهذا إن نسينا. لكن ليس لنا إلا الأمل في معجزة. أو أن يكون الصياح في مالطة – على أضعف الإيمان – أجدى للصحة النفسية.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك