من يؤتمن على العرض لا يسأل | كيف نحمي المرأة بقص ريشها؟ | خالد البري

من يؤتمن على العرض لا يسأل | كيف نحمي المرأة بقص ريشها؟ | خالد البري

5 Jun 2021
خالد البري رئيس تحرير دقائق نت
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

مثل قديم لكنه باق بسبب قوته وحكمته. الشكوى من بثور على الجلد ثانوية بالنسبة للطبيب، الأهم منها سبب هذه البثور.

وهكذا في حياتنا الاجتماعية، البثور التي نعاني منها، ونصرخ منها، ونهرش فيها، ونأرق منها. كل هذه مجرد طريقة للتعبير عن مرض كامن. أي إجراءات تكتفي بمكافحة البثور لن تشفينا ، سيعبر عن نفسه بطرق أخرى، وربما ببثور جديدة.

خلل العلاقة بين الرجل والمرأة في مصر ليس موضوعا هينا. روافده متشعبة، وتجلياته أكثر تشعبا. لكنها كلها تدور حول مرض جوهري أكبر يخص الأحكام التي تدير حياتنا الاجتماعية: مرض القدم، الهرم، الشيخوخة.

أحكام متكلسة في شرايين الجسد، بدلا من مكافحتها نمنحها قداسة تمعنا من ذكرها في التشخيص، أو باستهدافها في روشتة العلاج.

يتغير المجتمع، تتغير بنية العمل، تتغير المسؤوليات الاقتصادية. ولكن تبقى الأحكام.

يتغير كل شئ وتبقى الأحكام

يتغير الزمن، تتغير المعرفة، يتغير الطموح، يتغير نمط السكن، يتغير نمط اختلاط البشر فيه، واختلاطهم في مقار أعمالهم ودراستهم، يتغير حجم تبادل الأنماط الاجتماعية. ولكن تبقى تلك الأحكام.

ولكي تبقى لن تكتفي بأثرها المرضي. بل ستحاول أن تقمع كل تلك التغيرات الأخرى التي تفضح شيخوختها.

ستحاول أن تبقي المرأة في المنزل. أو تبرر التحرش بها في الطريق.

ستحاول أن تغير نمط السلوك لكي تلغي التغير في نمط السكن، فتضع الأفراد في كبسولات ذاتية تعزلهم عن الآخرين، كما كانوا معزولين في نمط السكن القديم.

ستقص طموحهم.

ستزن على مسامعهم أن المسؤولية الاقتصادية ملقاة على الرجل، وهي مصدر “قوامته”. تسمعها المرأة وهي ذاهبة إلى عملها في الصباح، وتسمعها وهي عائدة من عملها في المساء. حتى تعتاد عليها فلا تشعر أن ما يقال ليس حقيقيا.

ستحاول منع الاختلاط.

ستحاول فعل المستحيل – جر المجتمع بالزمن إلى الوراء، إلى فترة شبابها.

صراع نفسي لو مر بشخص لاكتئب، وعجز عن العمل. وهكذا تفعل بالمجتمع.

صراع “مناعة ذاتية” لو مر بشخص لتسلط جسده على جسده، يأكل بعضه بعضا. وهكذا تفعل بالمجتمع.

صراع أوهام معرفية، لو مر بشخص لاتخذ أكثر القرارات بعدا عن الواقع، وخطورة على نفسه وعلى طموحه. أكثر القرارات افتقادا للجدوى، كونها لا تقف من الأساس على أرض صلبة. وهكذا تفعل مع المجتمع.

أحكام غير عادلة

أحكام الزواج القديمة غير عادلة. لا يمكن في علاقة أن يملك طرف واحد إنهاءها بكلمة، أو المساومة على إنهائها دون تكلفة عن طريق ابتزاز يتيحه له القانون.

والمجتمع يتعامل مع هذا الظلم البين، بمحاولة موازنته بـ “ظلم” آخر. ومن الطبيعي أن الإجراءات المقابلة تتحول هي نفسها إلى عطب اجتماعي. لأنها إجراءات – في الغالب – ليست محمية بالقانون التشريعي. تحتاج إلى حمايتها باكتساب القدرة على الإيلام.

الآن، في علاقة بدأت بالانحياز ضد المرأة. صار الطرفان يشكوان. والطرفان محقان في شكواهما، إن حاولت أن تشرح لأحدهما وجهة نظر الآخر رفضها.

صار كل منهما قادرا على تخريب حياة الآخر، بنوع من توازن الردع. والشاطر هو من يملك من الأدوات ومن القدرة على استخدامها، ما يمكنه.

ليس العلاج تفريط أب في حقوق ابنته، اتكالا على الثقة، وانطلاقا من مفهوم معطوب في حد ذاته، مفهوم العرض، الذي يؤتمن عليه من حاز المرأة. ولا أدري ما ثمن عرض الرجل!!!! لا يغرنك الكلمات البراقة، التي لا تتجاوز حلاوتها حلاوة استعراض جمال الخط الذي كتبت به. فالعبارات المنمقة لا تقيم مجتمعا.

العلاج هو العكس تماما. إذ لن تنصلح العلاقة إلا بتحريرها من التكلسات القديمة، وإعادة بنائها بشروط تناسب زمانها، وإتاحة الفرصة لأحكام شابة، بنت عصرها، مرنة، لكي تغذي علاقات المجتمع، سواء أرادت أن تبدأها، أو أرادت الاستمرار فيها، أو أرادت البدء من جديد.

#الولاية_حقي.. صراخ الولايا ونكوص الأوليا | فيروز كراوية

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك