ثغرة أمنية ضربت تطبيقًا شهيرًا لمكالمات الفيديو، أُعلن عنها في الاثنين الأخير من يناير/ كانون الثاني. تتسبب هذه الثغرة الأمنية في التجسس على المستخدمين، وتسمح لأصدقائهم بمشاهدة ما يدور حول هواتفهم من خلال كاميرا الهاتف المحمول، والاستماع إلى المحادثات عبر ميكروفوناتها، حتى دون الرد على الاتصال.
ربما يرد في ذهنك أنه مجرد واحد من ملايين التطبيقات الموبوءة عبر أندرويد، لكنك مخطيء. هذا ما حدث لخدمة FaceTime من أبل! صدمتك؟ الأفضل أن تعتاد على ذلك قبل مواصلة القراءة.
مؤخرًا، تكرر ظهور العديد من الثغرات والمشكلات الأمنية في أجهزة أبل، بعد أن كانت تتميز على جميع منافسيها بحماية بيانات وخصوصية مستخدميها أولًا وقبل أي شيء، وكان يُضرب بها المثل في احترام المستخدمين ومعلوماتهم، وعدم الاعتماد مطلقًا على بيع البيانات مقابل الإعلانات.
بداية 2019 لم تكن موفقة أبدًا بالنسبة للشركة الأمريكية، فتكشفت أخطاءها التقنية أكثر من مرة خلال أسبوع واحد.
توقع المستخدمون أن الأنباء المتلاحقة لاتعدو مجرد شائعات، قبل أن تتضح جديتها.
مع الاحتفال باليوم العالمي لخصوصية البيانات في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، صُدم العالم بخبر حول ثغرة تقنية في خدمة أبل لمكالمات الفيديو FaceTime تسمح للمستخدم بإنشاء مكالمة جماعية مع شخص آخر عبر إضافة نفسه كطرف ثالث، ليسمح التطبيق له بإجراء المكالمة، وعندها يستوعب التطبيق أن المكالمة قد بدأت، فيتيح للمتصل الاستماع لما يجري حول ميكروفون هاتف الطرف الآخر، فإذا حاول وقف صوت تنبيه المكالمة على هاتفة بالضغط على زر التشغيل أو خفض الصوت، يفتح التطبيق الكاميرا الأمامية مباشرة، ليصبح المتصل قادرًا على رؤية ما يجري حول الطرف الآخر. كل ذلك دون علمه.
المثير للانتباه أن طفلًا – 9 سنوات – اكتشفت الثغرة بالصدفة، بينما كان يحاول دخول إحدى اللعبات الإلكترونية، ليجري مكالمة “فيس تايم” بطريق الخطأ. الطفل أبلغ والدته، التي ظلت أسبوعًا كاملًا تحاول التواصل مع أبل عبر حساب الدعم الفني على تويتر، لكن دون فائدة.
آبل.. من مرآب للسيارات وحافة الإفلاس إلى التريليون دولار
التركيز في تفاصيل واقعة “فيس تايم” يكشف تجاهل أبل لطلبات الأم للتواصل والإبلاغ عن الثغرة، ليستمر التراخي حتى بعد تسليط الضوء على الثغرة إعلاميًا. إذ خرجت أبل لتعترف وتعتذر، لكن بيانها الرسمي خلا من الإشارة إلى تحديث أمني سريع لسد الثغرة، وقالت إنها لن تتمكن من إطلاق التحديث المنتظر إلا بعد أسبوع من كشف الثغرة.
عادة، كان مطورو أبل يعملون فورًا وعلى مدار الساعة لحل أية مشكلة تقنية تظهر في أجهزتها، للحفاظ بشكل كامل على رضا المستخدمين وولائهم، وحماية صورة الشركة كأيقونة للخصوصية في عالم السوق التقني.
يجعلك تشعر بتسلل الإهمال من بابٍ خلفي إلى قلعة أبل الحصينة، ما خرج للنور في 30 يناير/ كانون الثاني، حول خرق فيسبوك شروط استخدام برنامج أبل Enterprise Developer Certificate، والذي يسمح للشركات بتجربة إصدارات مختلفة من تطبيقاتها داخليًا على هواتف موظفيها قبل طرحها للمستخدمين.
فيسبوك استغلت اشتراكها في البرنامج لتتمكن من تحميل تطبيق Facebook Research لجمع معلومات موسعة حول استخدام المستخدمين الطبيعيين لهواتفهم الذكية، ونوعية التطبيقات المتوفرة عليها، وسلوك المستخدمين على هواتفهم، لتستفيد منه مقابل 20 دولارًا شهريًا في صورة خصومات للمشتركين في التطبيق.
المشكلة أن أبل فشلت في رصد العملية تمامًا، حتى كشفت التفاصيل صحفيًا.
وللمرة الثانية في نفس الأسبوع، اعتذرت أبل عن عدم مراجعتها لاستخدام برنامجها الخاص بخدمات الشركات، كما أنها لم تلتفت لوجود تحركات غريبة أو استخدام مخالف لقواعدها المفترض أن تكون صارمة، ومن ثم اتخذت قرارًا بمنع الخدمة عن فيسبوك، الذي حذف التطبيق المخالف، ليستعيد قدرته على استخدام خدمة أبل.
لست وحدك من يقرأ كود التأكيد عبر الـ SMS!
توصيل أجهزتك بالإنترنت أخطر من ترك باب منزلك مفتوحًا!
قبل إطلاقها لإصدار نظام تشغيل هواتفها iOS 12، أعلنت الشركة أنه لن يحمل أية مزايا ثورية جديدة، وأن الإصدار سيكون مخصصًا لمعالجة كافة المشكلات التي واجهت المستخدمين مع الإصدارات السابقة؛ بسبب انشغال المطورين بابتكار مزايا جديدة، في مواجهة إغفالهم لعملية المراجعة والاختبارات المستمرة لتلك المزايا على أرض الواقع قبل الدفع بها لهواتف المستخدمين.
تلك هي جذور المشكلة. عمليات المراجعة والاختبار من من أهم خطوات تطوير البرمجيات الجديدة وتحديثات أنظمة التشغيل، فدائمًا هناك احتمال لوجود ثغرة، وقوع خطأ، خروج كود برمجي عن وظيفته مهمته المقصودة، وبالتالي ساعات طويلة يستغرقها فريق الاختبار داخل أي شركة إنتاج أنظمة برمجية في محاولة لخلق كافة المشكلات المتوقع حدوثها عند تعامل المستخدم النهائي مع تلك الأنظمة، ليجري حلها دون شكوى واحدة من المستخدمين.
ويبدو أن غياب عنصر التجربة والاختبار لم تصب فقط قطاع تطوير البرمجيات والأمن الإلكتروني داخل أبل، فقد عانى أيضًا بعض المستخدمين من انحناء في أحدث أجهزة الشركة اللوحية آيباد برو، والذي بررته الشركة بمشكلة في عملية التصنيع، معتبرة أن التقاء البلاستيك مع المعدن أدى إلى نسبة من الانحناء البسيط.
المثير للجدل أن الجهاز تعرض للطي بالكامل في إحدى اختبارات مقاومة الصلابة.
أبل بحاجة إلى ترتيب أولوياتها، وإعادة المستخدم إلى قمتها مجددًا، وفوق رأسه تاج الخصوصية، كي يستعيد شعوره المميز القديم بالاستمتاع بالانضمام لمملكتها، ولتتحقق الأسطورة من جديد على أرض الواقع.