بدأت سلسلة جون ويك عام 2014، والآن يُعرض بنجاح فيلمها الثالث John Wick: Chapter 3 – Parabellum محققًا إيرادات تفوق أول فيلمين. والرابع قيد الإعداد بالفعل للعرض في مايو 2021.
لا يضيف الفيلم الثالث الكثير للسلسلة على صعيد الأفكار أو طريقة التنفيذ والإخراج، لكنه يحافظ على أهم خمسة عناصر جعلت من جون ويك علامة في مسار أفلام الأكشن المعاصرة.
الفيلم الأول يتحرك بمسار بسيط جدًا:
بالتأكيد لا يمكن تصنيف ما سبق كفكرة جديدة، أو كقصة لم نشاهدها عشرات المرات من قبل، وهي نقطة تنطبق أيضًا على الفيلمين التاليين. لكن عظمة هذه البساطة تأتي من طبيعة عصرنا الحالي، التي مالت فيه أغلب أفلام الأكشن لقصص أكثر تعقيدًا.
مستقبل الترفيه: كيف تحققت نبوءة مخرج تيتانك في لعبة العروش وأفنجرز؟
أبل بعد الأيفون .. اقتحام عالم المال والترفيه | الحكاية فى دقائق
يمكن القول أن السلسلة أقرب لروح الثمانينيات، ومذاقها الفريد الصافي في الأكشن مع نجوم مثل (سلفستر ستالون – أرنولد شوارزينجر – بروس ويليس)، عندما كان العنف والدم هدفًا في حد ذاته، وجمهوره يستمتع به بدون إحراج، وبدون الحاجة لأي تبريرات وتمهيدات درامية مكثفة. باختصار، أصبح جون ويك فريدًا مقارنة بالمنافسين في زمنه بالعودة لقالب بسيط اندثر.
استفادت السلسلة من خبرات مخرجها تشاد ستاهيلسكي كدوبلير ومصمم معارك بالأساس. مشاهد الأكشن دائمًا متقنة سواء كانت قتالًا يدويًا، أو مبارزات بالأسلحة النارية، أو مزيجا من الاثنين.
درجة الثقة العالية في التنفيذ تتضح من كل مشهد تقريبًا. وعلى عكس الأسلوب الحديث، الذي يعتمد على التقطيع السريع أو الكاميرا المهتزة لإضفاء طابع صاخب للأكشن، تعود السلسلة للجذور أغلب الوقت مع المشاهد الطويلة، وتحطيم الأثاث والزجاج، تاركة أغلب المهمة للأداء البدني للشخصيات المتصارعة.
تركت أفلام Bourne الشهيرة التي قام ببطولتها مات ديمون بصمة سائدة ما على كل ما بعدها، وجاء جون ويك بأفلامه ليتجاهلها. بهذه الطريقة تجنب فخ عدم الوضوح الموجود حاليًا في الكثير من مشاهد الأكشن، وهي نقطة لا يجاري فيها جون ويك إلا سلاسل وأفلام هوليوودية محدودة في السنوات الأخيرة.
أسست السلسلة عالمًا قتاليًا عنيفًا، غير خيالي بالدرجة الموجودة في عالم أفلام مارفل ودي سي كومكس مثلًا، لكن له قواعده السلوكية وطباعه البصرية التي لا تخلو من خيال.
كيف أصبح التمثيل أهم قوة خارقة في Avengers: Endgame؟ | حاتم منصور
العظماء السبعة: نجوم لا يجوز استبدالهم في هوليوود
يوجد كود أخلاقي بين السفاحين وشخصيات الفيلم، وفندق خاص بهم. وفي هذا العالم يستخدمون عملات ذهبية لشراء السلع والخدمات. يمكنك أيضًا ملاحظة طريقة توظيف فريدة للإضاءة والديكورات، وتركيبة ألوان نيونية ثابتة في السلسلة، تدمج درجات الأحمر والأزرق والقرمزي.
كيانو ريفز اختيار مثالي للدور؛ بفضل خبرات حركية سابقة اكتسبها أثناء تنفيذ أفلام مثل The Matrix. بدأ سلسلة جون ويك وهو في الـ 50 من عمره، لكنه لا يزال محتفظًا بقوام رياضي ممشوق، وبمهارات حركية، والأهم من هذا؛ بحضوره المميز.
النقطة الأهم هي رصيده السابق لدى عشاق الأكشن، المطلوب جدًا عندما تداعبنا السلسلة بمشاهد له مع لورانس فيشبورن (شريكه في فيلم ماتركس)، أو بتكرار جمل حوارية مرتبطة بهذا التاريخ الفني.
– حسنًا، ماذا تحتاج؟
– أسلحة. الكثير من الأسلحة.
الحوار السابق الشهير من فيلم ماتركس، كرره صناع جون ويك في فيلمهم الثالث، لمداعبة حس الحنين لأهم أفلام ريفز، وأغلى ذكرياته لدينا.
اختيارات صناع السلسلة متنوعة في هذه النقطة، وتشمل كل شيء من موسيقى الأوبرا حتى الروك والتكنو. وفي كل مرة تضيف الموسيقى توابل مطلوبة ومتناغمة مع المشهد.
السؤال الختامي إذًا:
الإجابة نعم، ويمكن ملاحظتها في أفلام عديدة مثل Atomic Blonde. لا نبالغ أيضًا لو قلنا إن مشهد القتال اليدوي الشهير في آخر أفلام سلسلة المهمة: مستحيلة دليل آخر على عودة الاهتمام الهوليوودي لهذا النوع من الالتحامات والمعارك.
عاد جون ويك ليذكرنا بمتعة ونوعية كدنا أن ننساها، في عصر معارك السوبرهيرو وترسانة الأسلحة الخارقة والأشعة التي لا تنتهي مع كل شخصية. عاجلًا أو آجلًا سيفقد بالتأكيد بريقه السينمائي، وربما بدأ هذا بالفعل مع الفيلم الثالث، لكنه إجمالًا سيظل علامة في مسار الأكشن هذا العقد، ولمسة منعشة بنكهة الثمانينيات.