The Matrix | صحوة الماتريكس.. هل نحتاج فعلًا لجزء رابع؟ | حاتم منصور

The Matrix | صحوة الماتريكس.. هل نحتاج فعلًا لجزء رابع؟ | حاتم منصور

8 Sep 2021
حاتم منصور
سينما عالمية
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

للأسف لا يمكن إخبار أحد ما هو الماتريكس. لا بُد أن تراه بنفسك.

الجملة السابقة وسط أحداث The Matrix كانت مثالية في الإعلانات، كدافع تشويقي للجماهير لمشاهدة الفيلم، ومعرفة إجابة السؤال الذي لعبت عليه شركة وارنر تسويقيًا بنجاح:

ما هو الماتركس؟

الإجابة تتطلب العودة لعام 1994، مع الأخوين الشابين لاري وآندي واتشووسكي، وهما يطرقان أبواب هوليوود، بـ 3 سيناريوهات ومشاريع سينمائية، بعد سنوات عملا فيها في تأليف قصص كومكس متواضعة النجاح.

  • السيناريو الأول أكشن بعنوان القتلة The Assasins.
  • السيناريو الثاني أقرب للأجواء البوليسية والجرائم الجنسية، بعنوان الرابطة Bound.
  • السيناريو الثالث أكثر تعقيدًا وغرابة، ويمزج الخيال العلمي بالأكشن وعنوانه The Matrix.

أفلام تحدت الزمن | كيف أصبح “المهمة: مستحيلة” من علامات أفلام الأكشن؟ | حاتم منصور

سيناريو القتلة راق جدًا لمسؤولي وارنر. وبفضله قررت الشركة شراء السيناريوهات الثلاثة بصفقة واحدة، عملًا بنظرية (ربما).

تحول القتلة لفيلم أكشن ناجح في 1995 من بطولة سلفستر ستالون وإخراج ريتشارد دونر. وبفضله أمكن للأخوين واتشووسكي التفاوض على إخراج السيناريو الثاني Bound.

الأخوان واتشووسكي في كواليس Bound

وافقت وارنر لأن الميزانية المطلوبة لم تكن ضخمة. وانتهى Bound بنجاح تجاري مقبول عام 1996 قياسًا لتكلفته، لكنه حصد إشادة نقدية واسعة، وأصبح البرهان أن واتشووسكي اسم واعد.

ومن جديد، عاد الأخوان للتفاوض على إخراج المشروع الثالث والأضخم (الماتريكس).

10 أفلام وتجارب سينمائية يصعب نسيانها في العقد المنتهي | حاتم منصور

لكن الموافقة هذه المرة ستصبح أصعب. الماتريكس سيتعثر فترة بحكم تصنيفه كمشروع عالي التكلفة، وأغرب وأعقد من أن يتحول لفيلم ناجح على نطاق واسع في شباك التذاكر.

رغم ذلك، سينال المشروع مساندة المنتج المعروف جول سيلفر، الذي سيستوعب سريعًا فرص الماتريكس تجاريًا؛ بحكم خبراته وتاريخه الذي يتضمن سلاسل أكشن مهمة.

أشهر سلاسل المنتج جول سيلفر

الأخوان واتشووسكي سيُرجحان كفة قرار التنفيذ أكثر وأكثر، بعد نجاحهما في التفاوض مع رسامي كومكس، لتحويل السيناريو المعقد صعب التخيل، إلى قصة من 600 صفحة كومكس، تسرد أحداث الفيلم كما يتخيلاه مشهدًا بمشهد للعرض على المنتجين.

الرسومات مقارنة بالنتيجة النهائية

في هذه اللحظة فقط، بدأ تشكل الجنين لفيلم الماتريكس. وانتقل المشروع بأعين خبراء وارنر من خانة (الفكرة والسيناريو أعقد من اللازم يا رفاق) إلى خانة (اللعنة. هذا الماتريكس يبدو رائعًا للغاية)!


– لم يحاول أحد أن يفعل شيئًا كهذا أبدًا من قبل.

– لهذا سننجح.

رسومات الكومكس لخصت ما حاول الأخوان واتشووسكي شرحه للمنتجين: صناعة فيلم يمزج بصريًا جينات أفلام الخيال العلمي الأنيمي اليابانية، مع جينات مشاهد الأكشن ومبارزات المسدسات التي اشتهر بها المخرج الآسيوي جون وو، مع جينات أفلام الخيال العلمي المصبوغة بالنيو نوار، على خلفية قصة متعلقة بمصير البشر الغامض في عصر مستقبلي، ستصبح فيه الآلات هي الأذكى.

الفيلم نوار | 6 أفلام تدخل بك إلى عالم سينما الجنس والجريمة والظلام | أمجد جمال

الفقرة السابقة صداع غالبًا للقارئ الذي لم يشاهد فيلم الماتريكس بعد. لكن عشاق الفيلم سيمكنهم ربطها بالمشاهد والأفلام التالية، كأمثلة بصرية لمصادر إلهام صناع الماتريكس.

إخراج جون وو – (Hard Boiled (1992

إخراج ريدلي سكوت – (Blade Runner (1982

إخراج ريدلي سكوت – (Blade Runner (1982

Ghost In The Shell – 1995

ولأن 60 مليون دولار كميزانية مطلوبة كانت مبلغًا ضخمًا، احتاجت وارنر لنجم جماهيري في البطولة. وبعد مفاوضات غير ناجحة مع نجوم أشهرهم ويل سميث وبراد بيت، وصل الماتريكس في النهاية للمحظوظ كيانو ريفز.

وللمزيد من مذاق الأكشن الآسيوي للفيلم، اختار الأخوان واتشووسكي الاستعانة بالمخرج وخبير المعارك الأسطوري يوين وو بينج الذي أشرف على تنفيذ عشرات معارك القتال اليدوي والكونج فو، في أفلام جاكي شان وجيت لي.

يوين وو بينج في بروفات فيلم أكشن مع جاكي شان أواخر السبعينات

اشترط الخبير والأخوان واتشووسكي 4 أشهر من التدريبات لنجوم الماتريكس قبل التصوير؛ للوصول لمرحلة لياقة تؤهلهم للمطلوب، وهو ما وافق عليه كيانو ريفز وزملاؤه.

في هذه الجزئية تحديدًا، يمكن القول أننا كنا محظوظين بحصول كيانو ريفز على الدور؛ لأن خبراته السابقة في الأكشن، وهوسه بممارسة الرياضة، ورغبته في التفوق على منافسيه من النجوم، عوامل حسمت قراره بالموافقة على مدة التدريب.

5 أسباب جعلت “جون ويك” علامة في تاريخ الأكشن | حاتم منصور

هل كان من الممكن الحصول على نفس الموافقة من ويل سميث وبراد بيت؟ يصعب حسم الإجابة. لكن لنقل أن أغلب النجوم لا تُرحب بشروط من هذا النوع. وتزداد الصعوبة عندما يأتي الطلب من مُخرجين شابين، لا يملكان رصيدًا فنيًا مبهرًا كافيًا لإغراء نجم بمنحهما كل هذا الجهد والوقت من عمره.

إلى أي مدى استفاد فيلم الماتريكس من هذه التدريبات والاستعداد؟ وما حجم بصمة يوين وو بينج ورفاقه من خبراء أفلام الأكشن الآسيوية؟ شاهد هذا الفيديو الذي يتضمن مقارنات، واحكم بنفسك.


هل تعني أن بإمكاني تفادي الرصاص؟

كل الأيقونات السينمائية تحتاج لبصمة ما فريدة وثورية. لمشاهد يُقال عندها: لم أشاهد أبدًا شيئًا مماثلًا.

التقنية التي وظفها الأخوان واتشووسكي لهذا الغرض، تعتمد على عرض شيء ما يحدث خلال كسور من الثانية بالسرعة البطيئة. شيئًا مثل تفادي البطل لرصاصة، أو ركلة توجهها البطلة لخصومها. والمصطلح الذي أطلقوه على اللعبة هو: زمن الطلقة Bullet time.

هذه المشاهد الثورية وقتها، تعتمد على حيلة عتيقة في السينما، وهى ترصيص مجموعة من الكاميرات على مسافات متساوية، وخلق فاصل زمني قصير جدًا بين لحظة التقاط كل كاميرا فيهم للصورة، ثم دمج الصور الناتجة بالتتابع.

المقطع التالي يوضح الحيلة بشكل أفضل. الثقوب السوداء التي تراها في الجدران الخضراء، هى فتحات الكاميرات. والمشهد النهائي الذي تراه في الفيلم، كما لو كانت توجد كاميرا تتحرك بشكل دائري وسرعة جنونية حول البطلين، هو نتيجة دمج الصورة التي التقطتها كل كاميرا ثابتة تراها في الجدران.

قد لا تكون النتيجة مبهرة للغاية بمعايير اليوم، بعد حلب واستنزاف هذه التقنية في مئات الأفلام والكليبات الغنائية والإعلانات، لكن عام 1999 كان لها شأن آخر.


الماتريكس حولنا في كل مكان. حتى هنا الأن داخل هذه الغرفة.

نحن الأن في أوائل 1999. المنافسة بين شركات الرأسمالية متعددة الجنسيات واصلت مفعولها المفيد، وجعلت الكمبيوتر المنزلي يغزو منازل الطبقة المتوسطة عالميًا، ونقلت أيضًا الهاتف المحمول من مرحلة (للأثرياء فقط) إلى مرحلة (للجميع).

وصول هذه التكنولوجيات لقطاع أكبر من البشر، عجل بانتشار أشروحات مصطلحات لم تكن تهم سوى المتخصصين مثل (فيروس الكمبيوتر – مخترق الأنظمة – الإنترنت – هارد وير – سوفت وير).

الثورة الصناعية الرابعة.. هل يرث الذكاء الاصطناعي وظائف البشر كليًا؟ | س/ج في دقائق

مصطلح الألفية الثالثة يطاردك ليل نهار في عناوين الصحافة، وتطلعات البشر لعام 2000 تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم. وفي الحالتين يسيطر على الكل شعور نفسي ملخصه أنه حان الوقت لتغيير كل شيء، وأي شيء!

المجلات والصحف الفنية تتابع بحماس أخبار فيلم حرب النجوم الجديد المنتظر عرضه في مايو 1999 بعد توقف طويل للسلسلة منذ 1983.

Star Wars – The Phantom Menace 1999

وفجأة يخطف الماتريكس كل الأضواء في شهر مارس؛ ليس فقط لأنه الفيلم الأهم والأجود فعلًا، لكن لأنه الفيلم الذي يغازل ببراعة كل المعطيات السابقة، ويصلح ككارت التعريف لمستقبل السينما، في لحظة ميلاد الألفية الجديدة.

النقاشات الفلسفية الماتركسية عن العالم والواقع البديل والذكاء الاصطناعي وخلافه، تغزو جلسات المراهقين وتتحول لموضة، ومعها الملابس والمعاطف السوداء والنظارات الشمسية. الكل يريد أن يصبح نيو وترينتي. الكل يريد أن ينتمي لعالم ماتركس وروعته.

الواقع الافتراضي يفضل الرجال على النساء | فيديو في دقائق

آلاف وآلاف القراءات والتحليلات تتوالى عن الفيلم، وتفسيرات وتأويلات لا تنتهي لدلالاته.

وفي ليلة الأوسكار التالية، سيخرج ماتركس فائزًا بالفروع الأربعة التي ترشح لها كلها (مؤثرات بصرية – مونتاج – صوت – مؤثرات صوتية).


لا أعرف المستقبل، ولم آت هنا لأخبركم ما هي النهاية. أنا هنا فقط لأخبركم بشكل البداية.

عشرات الأفلام ستحاول استنساخ تجربة الماتريكس دون جدوى. الأجزاء التالية نفسها منه، التي صنعها الأخوان واتشووسكي، لن تترك نفس البصمة.

طموحات واتشووسكي في تقديم سينما ذكية، تمزج الفلسفة والميثولوجيا بالأكشن والابهار، ستتواصل في أفلام أخرى، لكن دون تكرار نفس النجاح مثل V for Vendetta – Cloud Atlas.

في الحقيقة سحابة أطلس Cloud Atlas بالأخص، سيلاقي المصير الذي خاف منه منتجو الماتريكس في البداية، وسيصبح فيلم الخيال العلمي الفلسفي المعقد للغاية عالي التكلفة، الذي لن يقبل عليه الجمهور.

وكيانو ريفز سيقدم عشرات الأفلام المتواضعة بعد ثلاثية ماتركس، قبل أن يصل لمعادلة ناجحة جديدة في سلسلة جون ويك، التي استفادت من خبراته في تنفيذ مشاهد الأكشن والقتال اليدوي.


تذكر، لا أعرض عليك سوى الحقيقة.

في انتظارنا قريبًا جزء رابع من سلسلة الماتريكس.. من تأليف واخراج لانا واتشووسكي. لا أخطاء في كتابة الاسم. هى نفسها التي عرفناها في الفقرات السابقة باعتبارها لاري واتشووسكي، قبل أن يقرر تغيير جنسه لأنثى.

والسؤال: هل يمكن أن ينتقل سحر الأصل، للفيلم الرابع المنتظر صحوة الماتريكس The Matrix Resurrections؟

#نتفرج_بعدها_نحكم؟ لسكورسيزي وسبيلبرج وبيكسار رأى آخر | حاتم منصور

القاعدة تقول أن الأيقونات السينمائية يصعب تكرارها، لكن بإمكان ماتركس 4 أن يصبح، على الأقل، عملًا طموحًا يحمل بعض جينات وشجاعة الأصل، يحاول أن يدمج أعقد الأسئلة والقضايا الفلسفية وأغربها، مع توابل جديدة من الأكشن والإبهار البصري.

شخصيًا وكملايين البشر، يمكنني الاستمتاع بفيلم من عالم مارفل السينمائي، وبآخر من عالم دي سي كومكس، لكن يحتاج العالم من وقت لآخر لفيلم دسم بطموحات أكبر.


ديجافو؟

أو ربما ما ينقص هوليوود اليوم أكثر وتحتاجه، هو إعادة تحميل برنامج ماتركس، لا بصناعة جزء جديد و‘عادة استنساخ الماضي واللعب على وتر النوسالجيا، لكن بالاستفادة من الدرس نفسه.

تحتاج إلى العودة إلى تلك المرحلة، التي أمكن فيها لشابين بصفر تاريخ سينمائي، أن يشقا طريقهما خلال 5 سنوات، إلى قمة هوليوود بمساندة منتج متحمس، ودعم من نجم مغامر، و600 صفحة كومكس تسيل اللعاب.

تحتاج إلى تذكر النصيحة الأهم من ماتريكس والحكيم مورفيوس:

يمكنني أن أرشدك الى الباب فقط، لكن عليك أنت أن تعبر خلاله.


إعلان الجزء الرابع – The Matrix Resurrections

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك