عباس أبو الحسن – طبيب الاسنان المتحرش .. قضية من خارج كاتالوج عبد الله رشدي | خالد البري

عباس أبو الحسن – طبيب الاسنان المتحرش .. قضية من خارج كاتالوج عبد الله رشدي | خالد البري

3 Feb 2021
خالد البري رئيس تحرير دقائق نت
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

قضية التحرش التي رفعها الفنان عباس أبو الحسن نقلة ثقافية في مجتمعنا من عدة وجوه.

أولها أنه تحرش من خارج الكاتالوج. ليس فيه مجال للحجج السخيفة المعتادة في حالة التحرش بالنساء، والتي تصب لعناتها على المجني عليها، فإن لم يكن على المجني عليها مباشرة فبسبب الاستثارة التي يسببها غيرها من النساء.

حجة لا تخرج إلا من عقل قاصر عن فهم البيولوجي وطريقة عمله، وعن فهم القانون وفلسفته في التجريم حتى مع وجود “الإغراء”، وعن فهم وظيفة التحضر قديمًا وحديثًا: توجيه الرغبات البشرية نحو مسالك تحفظ كرامة الإنسان. من هنا نسمي طريقة تصرف الإنسان في حياته “سلوكًا”.

لو كانت فضيلة الرجال تأتي من إخفاء النساء لصار مجتمع السجن نموذجًا مثاليًا. قضية عباس أبو الحسن تثبت ذلك لمن لا يعرف.

”الشذوذ”؟

هنا يبدو أن أصحاب هذه الحجة السخيفة انتبهوا إلى ما تلحقه قضية التحرش “الرجولية” بحجتهم، حين تظهر أن المتحرش متحرش، بغض النظر عن “الملابس”، فأرادوا استثناء هذه القضية باعتبارها “حالة شاذة”، حيث إن المدعى عليه مثلي التوجه الجنسي.

مثلية التوجه الجنسي لا تعني سوى أن الشخص يتوجه إلى نفس جنسه بدلًا من الجنس الآخر. المتحرش “شاذ عن السلوك المحترم للآخرين” بغض النظر عن ميله الجنسي. يرتكب جريمة بغض النظر عن نوع الضحية. يلح في فرض نفسه بغض النظر عن شعور الطرف الآخر. لا يكترث سوى بما يريد أن يفعله بغض النظر عن حدود “السلوك السوي”.

لو ارتدى الرجال حجابًا سيظل الرجل المثلي يشعر بالرغبة نحوهم، وسيظل الرجل المثلي المتحرش يلاحقهم عنوة. ولو ارتدت النساء حجابًا ستظل المرأة المثلية تميل إليهن، وستظل المرأة المثلية المتحرشة تلاحقهن عنوة.

لو ارتدت النساء حجابًا سيظل الرجل الراغب في النساء يميل إليهن، وسيظل الرجل المتحرش الراغب في النساء يلاحقهن عنوة.

التحرش وﺍﻟﺼﺤﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ.. “ﻋﺸﺎﻥ ﺗﺒﻘﻲ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﻷ”| عمرو عبدالرزاق

كسر التابو

الجانب الآخر في أهمية قضية عباس أبو الحسن هي كسر التابو، والوصمة المجتمعية. الإنسانة التي تتعرض للتحرش ينبغي ألا تلوم نفسها، ويجب على المجتمع أن يتوقف عن لومها. تمامًا كما أخرس لسانه عن لوم الرجل الذي أفصح عن تعرضه للتحرش.

تتعرض النساء للتحرش بشكل أكبر لأنهن أضعف جسديًا، حتى الرجل الضعيف يملك الجرأة على المحاولة. كما يملك القدرة على تعنيف الطفل. المرأة تشعر بالمهانة هنا من أبواب كثيرة، أبرزها الإحساس بالعجز عن تغيير هذا. وخصوصا لو لم تجد عونا ممن حولها.

أما الرجل الذي يتعرض للتحرش فيشعر بالمهانة من باب إحساسه بأنه “غير مهاب الجانب”. أنه “مرَة” على ما تقول السبة الاجتماعية التي توجه له لو تعرض للتحرش ولم يكن في موقف يمكنه أن “يأخذ حقه”. أي أنه يشعر بالمهانة التي تمنعه حتى من طلب المساعدة. لأن طلب المساعدة في حد ذاته مهانة. عالم الذكور أيضًا لديه قوانينه العرفية.

وهذا ما أنبت الوجه الآخر للوصمة الاجتماعية، حين يصل الموضوع إلى الرجال. ولأن الرجال لا يتحدثون، فقد كثير من الرجال القدرة على وضع أنفسهم في دور المجني عليه. تجاهلوا أنهم هم أيضًا، وإن لم يتعرضوا للتحرش، يتعرضون للمهانة وكسر النفس حين “يثبتهم” من هم أقوى منهم.

شجاعة عباس أبو الحسن قد تساعد في رفع الوصمة عن الذكور الذين يتعرضون للتحرش، فترفع الوصمة عن ضحايا التحرش بوجه عام، رجالًا ونساء. وتجعل مزيدًا يفهمون ما معنى أن تكون مجنيًا عليه. وتجعل مزيدًا يتوقفون عن سفسطة المبرر، والسبب، والمبرر بس مش سبب، والسبب بس مش مبرر. إلى آخر كل هذه الأقاويل التي يتفتق عنها ذهن ونفسية المكرسين حياتهم للتخفيف عن المتحرش، والإثقال على ضحاياه.

بين السياسة والبيولوجي: غرائزنا التي حيرت أديان السماء والأرض| رواية صحفية في دقائق

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك