خلال حرب الاستقلال الجزائرية، دعم المغرب جبهة التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، فاستضاف قادة الثورة على أرضه، وخاصة في مدينة وجدة شرق البلاد، كما أمدّت الرباط ثوار الجزائر بالسلاح، وهو ما كان يضايق القوات الفرنسية.
لم يكن هذا الدعم المغربي مجانيًا، وإنما أراد المغرب منه خلق فرصة للتفاوض مع أي حكومة جزائرية مقبلة حول مستقبل منطقتي بشار وتندوف، اللتين انتزعتهما فرنسا من الأراضي المغربية وضمّتهما إلى الجزائر.
حقق المغرب ما أراده، وفي 1961م وقّع اتفاقًا مع فرحات عباس، رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، يعترف بوجود "مشكلة" في الحدود بين البلدين، وبضرورة بدء مفاوضات لحل هذه المشكلة عقب استقلال الجزائر.
بعد نيل الجزائر استقلالها رسميًا في 1962م، رفض أحمد بن بلة، أول رئيس للجمهورية الجزائرية، هذا الاتفاق، وأعلن أن التراب الجزائري"لا يتجزأ"، ورفض إجراء أي مفاوضات على أي أرض "حُرِّرت بدماء الشهداء".
في 1963م، زار الملك المغربي الحسن الأول الجزائر لأول مرة، وفتح موضوع "مشكلة الحدود" مُجددًا، ورفض بن بلة الاستجابة لمطالبه.
عقب عودة الملك، اندلعت حرب إعلامية متبادلة سمّمت الأجواء بين البلدين، اللتين وصلت خلافاتهما إلى ذروتها، فاندلعت حرب بين البلدين، بدأت في نهايات 1963م واستمرّت حتى فبراير 1964م، عُرفت إعلاميًا "حرب الرمال".
انتهت الحرب، رسميًّا، بعد تدخل الجامعة العربية والاتحاد الافريقي، لكنها تركت جرحًا لم يندمل في العلاقات بين البلدين حتى اليوم.
في 1975م، نظّم 350 ألف مغربي ما عُرف بـ"المسيرة الخضراء"، توجهت إلى الصحراء الغربية تزامنًا مع خروج الاستعمار الإسباني منها، طلبًا لفرض السيادة المغربية عليها.
انتهى الأمر بتسليم إسبانيا مسؤولية الصحراء الإدارية -وليس السيادة- للمغرب ومورويتانيا بواقع الثلثين والثلث.
رفضت جبهة البوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) هذا القرار، وأعلنت قيام الجمهورية العربية الصحراوية.
بسبب الأجواء المسمومة بينها وبين المغرب، سارعت الجزائر لدعم جبهة البوليساريو، واستضافت قيادات الحركة، وأقامت مخيمات للاجئين الصحراويين بالقرب من مدينة تندوف الجنوبية.
في أواخر الثمانينيات، تأسّس اتحاد المغرب العربي؛ وهو تكتل تجاري بين خمس دول: المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومورويتانيا،
تتيح بنوده حُرية التجارة بين البلدين، وتحقيق التكامل الاقتصادي.
لكن العلاقات المتوترة بين الجزائرة والمغرب حالت دون تفعيل اتفاقات الاتحاد، وتم تجميده فعليًا منذ عام 1994، بسبب إغلاق الحدود البرية بين البلدين.
في العام الماضي تدهورت العلاقات مجددًا، بعد سنواتٍ من الهدوء النسبي، إثر اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مقابل إقامة الرباط علاقات سلام مع إسرائيل.
أدانت الجزائر هذه الخطوة، واعتبرت أنها تستهدف استقرارها الداخلي وتسكين "الصهيونية" قُرب حدود الجزائر، فيما أعلنت جبهة البوليساريو في نوفمبر إنها ستستأنف "كفاحها المسلح" ضد "الاحتلال المغربي".
اعتبر المغرب أن الجزائر تقف وراء هذا التصعيد، وأنها هي "الطرف الحقيقي" في نزاع الصحراء الغربية.
عادت العلاقات بين البلدين إلى التوتر، بعدما دعا دبلوماسي مغربي في نيويورك إلى منح شعب القبائل الحق في تقرير المصير.
ومؤخرًا، عانت الجزائر من سلسلة حرائق غابات، أعلنت الحكومة الجزائرية أن هذه الحرائق متعمّدة من جماعات إرهابية، منها "جماعة ماك"، التي تسعى لاستقلال منطقة القبائل، وتتهم المغرب بدعمها.
وقدّم المغرب عرضًا لمساعدة الجزائر في إطفاء هذه الحرائق، لكنه لم يتلقَ ردًّا.
بعدها، أعلنت الجزائر أن الرباط تستخدم برنامج التجسس الإسرائيلي Pegasus للتجسس على مسؤوليها، وهو ما نفاه المغرب فورًا.
لم يُهدِّئ هذا النفي الرسمي من روع مسؤولي الجزائر، الذين ظلّوا ينظرون بعين الريبة لتصرفات المغاربة، وفي لقاءٍ مع مجلس الأمن الأعلى في البلاد، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إن الأعمال العدائية المتواصلة التي يرتكبها المغرب ضد الجزائر تتطلب إعادة النظر في العلاقات.
وهو ما ترجمه وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة بإعلان قرار قطع العلاقات بسبب أفعال المغرب التي وصفتها الجزائر بـ "الحقيرة" و"العدائية".