في النسخة العبرية من الأسفار الخمسة الأولى في العهد القديم، والتي تسمى أسفار موسى، لا يوجد أي ذكر لكلمة ملائكة، بل تشير العبرية المستخدمة في التوراة إلى "رسل الله" أو حتى "أبناء الله" بدلاً من الملائكة، وفقًا للموسوعة اليهودية،
لا يوجد شيء في اللغة الأصلية ما يتيح لنا أن نعرف على وجه اليقين إن كان هؤلاء ملائكة. حتى النصوص التي رصدت تدخل "كائنات" لنقل أو تنفيذ أوامر الإله إلى البشر، كتدخل أحدها لمنع النبي إبراهيم من ذبح ابنه إسحاق، لا تصف الكائن بأنه ملاك
في الأسفار الأولى من الكتاب المقدس، تظهر الملائكة ككائنات لها جسد وتتفاعل مع البشر بطرق واضحة.
مثال ذلك، قصة يعقوب والملاك، حيث تصارع طوال الليل مع كائن ملائكي، وتسبب هذا الكائن في خلع وركه، مما يظهر أن له تأثير على العالم المادي.
كما تذكر قصة لوط استضافته لملاكين في سدوم، ولم يدرك أنهما ملائكة وليسا بشرًا.
لكن بحلول الفترة الهلنستية، بعد قرون من كتابة الأسفار الأولى من الكتاب المقدس، فقد الملائكة أجسادهم المادية وأصبحوا كائنات روحية بالكامل،
فوفقًا لبريتانيكا، يتحدث كل من أنبياء الكتاب المقدس حزقيال وإشعياء عن الملائكة باعتبارها أشكالا روحية كاملة، واصفين إياها بأنها بدون أجساد مادية.
وفقًا لأطروحة دكتوراه في جامعة ستيلينبوش، من المحتمل جدًا أن يكون العبرانيون القدماء قد أخذوا بعض الإشارات الملائكية من المصريين القدماء، حيث كان الشعب المصري منذ آلاف السنين قد أسس نوعًا من التسلسل الهرمي الإلهي، يستخده فيه الإله الوسطاء للتنقل بين عالم الآلهة وعالم البشر الدنيوي.
علاوة على ذلك، تلاحظ بريتانيكا أن المصريين القدماء استخدموا الأجنحة كثيرًا لتمييز الشخصيات الإلهية أو شبه الإلهية في نظام معتقداتهم، مثل قرص الشمس المجنح الذي يُقصد به تمثيل حورس.
هذه التشابهات مثيرة للاهتمام، وبالنسبة للعديد من العلماء المهتمين بدراسة الملائكة في التوراة يصعب تجاهلها.
بعض المصادر الدينية في اليهودية والمسيحية تؤكد أن النفيليم المذكورين في سفر التكوين ترجع أصولهم للملائكة التي نزلت إلى الأرض.
وفقًا لجمعية علم الآثار التوراتية، فإن الرواية الشائعة هي أن "أبناء الله" - يُفسرون عمومًا على أنهم الكائنات الإلهية التي نطلق عليها الآن الملائكة - نزلوا من السماء، واتحدوا مع "بنات آدم"، وأنشأوا المجموعة نصف البشرية التي ستُعرف باسم النفيليم، والتي تُترجم حرفيًا إلى "الساقطين".
كان هؤلاء الأبناء مسيئين على ما يبدو لدرجة أن الله أحدث فيالطوفان العظيم للتخلص منهم.
بالنسبة لكثير من الناس، فإن الملائكة والشياطين يشبهان جانبين مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بمعركة واحدة كبيرة، ويربطهما البعض من جانب آخر باعتبار أن الشياطين كانوا في يوم من الأيام ملائكة أيضًا.
الحقيقة في الكتب المقدسة أكثر تشابكًا مما قد تعتقد، فوفقًا لمجلة الأدب التوراتي، يوجد القليل جدًا من النصوص في العهد القديم تدعم فكرة تحول الملائكة الساقطة إلى شياطين.
في الواقع، لا يبدو أن اليهود القدماء اعتقدوا أن الصنفين مرتبطان على الإطلاق، بل يبدو أن الخلط بين الملائكة والشياطين كان من اختراع الكتاب المسيحيين، ولم يظهر لأول مرة إلا في العهد الجديد بلغة غامضة جدًا.
لم يكتسب مفهوم طرد الملائكة المتمردين من الجنة لأنهم أصبحوا شريرين شعبية إلا في وقت ما في حوالي القرن الثالث الميلادي،
وقد يكون الارتباك قد نشأ جزئيًا بسبب سوء فهم الكلمة اليونانية daimon، والتي كان من الممكن أن تشير إلى كل أنواع الأشياء روحية وبشرية.
كما أن قصة سقوط لوسيفر - الذي كان ملاكًا- لأنه تحدى الإله ملتبسة، وسبب الالتباس يأتي من سفر إشعياء 14: 12-14، الذي يشير إلى "لوسيفر" (غالبًا ما يُترجم "نجمة الصباح") الذي سقط من السماء،
ولوقا 10:18 الذي أشار إلى الشيطان بأنه "مثل البرق من السماء."
ومع ذلك، ليس من الواضح على الإطلاق أن لوسيفر والشيطان هما نفس الشخصية، بل إن هذا كله كان اختراعًا لاحقًا لأشخاص قرأوا الكتاب المقدس وترجموه، لكنهم بالتأكيد لم يكتبوا الأعمال الأصلية.
تنص تقاليد الفولكلور عمومًا على وجود سبعة رؤساء ملائكة، هم: ميخائيل، جبرائيل، رافائيل، أوريل، راجويل، سارييل، وريميل.
في حين أن هذا قد يقدم مفهومًا شاملاً للتسلسل الهرمي السماوي حيث يعمل هذا الفريق من الملائكة الكبار كإدارة عليا، إلا أن هذا ليس كتابيًا بشكل صارم،
الملائكة الأربعة الأخيرون مذكورون فقط في سفر أخنوخ، الذي ينظر إليه باعتباره كتابا ملفقا وغير قانوني يركز في الغالب على نهاية العالم (وفقًا لبريتانيكا).
كما يظهر بعض رؤساء الملائكة أيضًا في أعمال أخرى، مثل ظهور رافائيل في كتاب توبيدي.
هذا يعني أن اثنين فقط مذكوران في الكتاب المقدس:
- يظهر رئيس الملائكة ميخائيل في كتب دانيال، يهوذا، والرؤيا. ي
شير دانيال 12: 1 على وجه التحديد إلى ميخائيل على أنه "أمير عظيم" يراقب الشعب اليهودي وسيحمي الكثيرين خلال نهاية العالم.
- يظهر رئيس الملائكة المعروف باسم جبرائيل أيضًا في سفر دانيال، ويظهر مرة أخرى في كتاب لوقا في العهد الجديد، حيث تم تكليفه بإعلان مجيء يوحنا المعمدان للنبي زكريا ثم ولادة يسوع لمريم العذراء.
تصور العديد من اللوحات الملاك (السيرافيم) باعتباره إنسانا جميلا يرتدي ثيابًا مزدهرة وأجنحة ريشية رائعة تنبت من ظهره، لكنك إذا صادفت ملاكًا حقيقيًا بحسب وصف الكتاب المقدس ستصاب بالدهشة.
وصف النبي أشعياء الملاك (السيرافيم) بأن لديه ستة أجنحة، زوجا لإخفاء الوجه، وزوجا لإخفاء الأقدام، وزوجا للتحليق.
كما أن الصورة المرسومة والمنحوتة لملاك عبارة عن طفل سمين وهادئ بأجنحة صغيرة، ويسمى (الكروبيم)، ليست موافقة للرواية التوراتية.
تم ذكر الكروبيم لأول مرة في سفر التكوين، حيث أعطوا سيوفًا ملتهبة وكلفوا بإبقاء البشر الأشرار خارج جنة عدن وبعيدًا عن شجرة الحياة التي تمنح الخلود،
وتظهر صورهم في شكل ذهبي أعلى تابوت العهد لحمايته، فهذا يعني أنهم أشداء ويصعب العبث معهم.
وصفهم النبي حزقيال بأن لديهم أربعة وجوه تشبه وجوه الإنسان، والأسد، والنسر، ووجه "كروب" أكثر غموضًا.، ولديهم مجموعتان من الأجنحة، وأياد بشرية، وأجسادهم مغطاة بالكامل بالعيون.
بينما يحتوي الكتاب المقدس على بعض المعلومات عن الملائكة ذوي الرتب العالية، ما يشير إلى مكانتهم العالية، لكنه لم يضعهم في تسلسل هرمي شامل.
التسلسل الهرمي وضعه البعض بعد كتابة الكتاب المقدس، حيث كان المؤلف والفيلسوف المسيحي ديونيسيوس الأريوباجي الذي عمل في القرنين الخامس والسادس الميلاديين، من أوائل المسيحيين الذين رسموا التسلسل الهرمي للملائكة في تسع رتب.
وفقًا لموسوعة ستانفورد للفلسفة، كان ديونيسيوس يركز بشكل كبير على إنشاء التسلسلات الهرمية داخل دينه، ربما في محاولة لتقوية هيكل الكنيسة والمسيحية بشكل عام.