بصرف النظر عن بعض الأدلة الواقعية على أن السباحات في اليونان القديمة وروما تنافسن في زي من قطعتين، فإن تاريخ أزياء الاستحمام النسائية وخلافاته طويل جدًا.
في مطلع القرن العشرين، لم يكن من الممكن تصور قبول المجتمعات الغربية للبكيني.
كانت السباحات تبذلن جهودًا غير عادية لإخفاء أنفسهن على الشاطئ؛ إذ كن مضطرات لاستخدام أداة غريبة من العصر الفيكتوري تسمى آلة الاستحمام، عبارة عن كوخ خشبي على عجلات، تدخله المرأة بكامل ملابسها، لترتدي في الداخل ملابس السباحة الضخمة، ثم تجر الخيول أو البشر العربة إلى البحر، لتنزل المرأة للسباحة دون أن يلاحظها أحد.
في العقود التي تلت ذلك، خففت قواعد الملابس على شاطئ البحر إلى حد كبير.
في 1907، واجهت للسباحة الأسترالية ونجمة السينما الصامتة أنيت كيليرمان، اتهامات بالظهور غير اللائق؛ لأنها ظهرت على شاطئ ريفير في بوسطن ببدلة سباحة بلا أكمام!
تلى الاتهام معارك قانونية أدت إلى تخفيف القيود المفروضة على ملابس السباحة على الشواطئ في جميع أنحاء البلاد.
ثم دخلت سباحة السيدات منافسات الألعاب الأولمبية بداية من أولمبياد ستوكهولم 1912، فبدأ صانع صوف في بورتلاند، يدعى كارل جانتزن، تسويق زي سباحة مبتكر من قطعة واحدة، بلا أكمام وبلا سيقان.
الابتكار الجديد استغرق 3 سنوات لإقناع الأمريكيات بارتداء زي سباحة من قطعة واحدة.
وبحلول أوائل الأربعينيات، ظهرت ملابس السباحة من قطعتين، والتي تشبه في قطعتها العلوية البكيني. لكن القطعة السفلى كانت كبيرة بما يكفي لتغطية السرة والوركين.
ومع الوقت، سمحت أستوديوهات هوليوود بظهور الفنانات مرتديات زي السباحة مع قطعتين على الشاشة، مع شرط مشدد يفرض حظر ظهور السرة.
كان صيف 1946 يمثل موسم الحرية في باريس.
أوروبا قد خرجت لتوها من الحرب العالمية الثانية، والأجواء صافية على الشواطئ، والفرنسيون الذين نالوا الحرية أكثر استعدادًا لمواصلة حراك التحرر إلى أبعد من ذلك بقليل.
في تلك الظروف، كان المهندس لويس ريارد، قد ترك الهندسة ليعمل في شركة لتجارة الملابس الداخلية تملكها والدته.
دخل سباقًا مع أبرز منافسيه حينها، جاك هايم، لتصميم أصغر لباس للسباحة في العالم، فظهر الابتكار الصادم: البكيني كما نعرفه حاليًا.
حاول ريارد عرض ابتكاره الجديد على عارضات الأزياء الفرنسيات، لكنهن رفضن، فاضطر إلى التعاقد مع راقصة تعرٍ تبلغ من العمر 19 عامًا، تسمى ميشلين برنارديني، لتكون أول من ترتديه.
بالتدريج، تجرأ بعض المصورين والموديلات على التصوير مرتديات البكيني.. ومن هنا، بنى ريارد شركته الخاصة حول التصميم الجديد.
لكن اختراق البكيني للحواجز المجتمعية نحو الشواطئ الأوروبية سار ببطء، ناهيك عن مقاومة الاختراع "البذيء" في الولايات المتحدة بعد الحرب.
أدان العديد من المعلقين المظهر، فحظرته الكثير من المجتمعات.
في 1950، أجرت مجلة تايم مقابلة مع قطب ملابس السباحة الأمريكي فريد كول للتعليق عن البكيني، فقال إنه لا يشعر إلا بالازدراء تجاه مثل هذه الملابس، لأنها صُممت لنساء فرنسا الضئيلات، مضيفًا أن الفتيات الفرنسيات لديهن سيقان قصيرة، ولذلك يرفعن ملابس السباحة على الجانبين لجعل أرجلهن تبدو أطول.
لكن المشاهير بدأوا مناورات السرة الخاصة بهم، فبعد ست سنوات من ارتداء برنارديني للبيكيني، أدت بريدجيت باردو دور البطولة في فيلم "The Girl in the Bikini"، ثم في 1962، خرجت أورسولا أندريس من الأمواج في فيلم "Dr.No " مرتدية البكيني وهي تمثل دور فتاة جيمس بوند.
كان عصر الطائرات النفاثة هو الذي نشر ثقافة الملابس الضيقة، حيث بدأ الأثرياء في التنقل داخل وخارج الريفيرا، ونقلوا معايير جديدة من ملابس الشاطئ إلى الشواطئ في جميع أنحاء العالم.
كما كان لانتشار حمامات السباحة دورًا كبيرًا في انتشار البكيني؛ إذ أعطى النساء مكانًا منعزلاً لاختبار الملابس الجديدة، وسرعان ما أصبح البيكيني في كل مكان.
في 1964، نشر أول غلاف لمجلة رياضية على غلافه فتاة ببكيني أبيض، ثم في 1967 كتبت مجلة التايم أن 65٪ من الشابات أصبحن ترتدينه.
ثم تعززت شعبية البكيني من خلال ظهوره في أفلام معاصرة مثل How To Stuff a Wild Bikini، وكانت الفنانات والعارضات تقمن بشفط معداتهن أثناء تصوير مشاهد البكيني لتبدون أكثر جمالًا.
وفي فترة السبعينيات، ظهرت عارضات أزياء مثل شيريل تيجس، التي امتلكت القوام الرياضي المثالي الرائج حتى اليوم.
أدى ظهور هذا النموذج المثالي إلى تساؤل العديد من النساء: من يجب أن ترتدي البيكيني بالضبط؟
في الستينيات من القرن الماضي، أصدرت إميلي بوست مرسومًا بأنه مخصص للشخصيات المثالية فقط، وللصغار جدًا، لكن منذ ذلك الحين، شجع عدد من مصممي ملابس السباحة، أبرزهم ماليا ميلز، النساء من جميع الأعمار وأنواع الجسم على ارتداء البكيني.
عندما واجهت مصممة ملابس السباحة نورما كمالي، سؤالًا عن الشخص الذي لا ينبغي له ارتداء البكيني، قالت أي شخص لديه بطن. لكن لاعبة الكرة الطائرة الشاطئية المحترفة غابرييل ريس قالت إن الثقة وحدها يمكن أن تجعل المرأة مناسبة لارتدائه.