أسماء البشر الأوائل على الأرض وفق الروايات الدينية كانت تحمل دلالات تعبر عن كل منهم: آدم يعني الإنسان؛ باعتباره كان الإنسان الأول على الأرض. وكلمة حواء مأخوذة من الحياة، لأنها مصدر الحياة للبشرية جمعاء.
كذلك، اسما طفيليهما الأولين كانا يحملان دلالات توحي مبكرًا بمصيرهما:
هابيل من "هيفيل"، ويشير إلى شيء لا يدوم طويلاً ويموت صغيرًا. أما قابيل فمن "كاناه" ويعني "الحصول"، لأن حواء حصلت على طفل من الله، بينما يرى الحاخام ديفيد زاسلو أن اسم قابيل يعكس معنى "البناء"، أي أنه من سيحمل مسؤولية تعمير الأرض.
وفقًا لأساطير يهودية، قابيل ليس ابن آدم على الإطلاق، بل ابن الشيطان.
يقول لويس غينزبيرغ إن حواء، بعد طردها من الجنة، حملت في قابيل، من الملاك سمايل، الذي هو الشيطان الأكبر. ولذلك كانت ولادتها مؤلمة، وكان لا بد من استدعاء اثني عشر ملاكًا، بمن فيهم رئيس الملائكة ميخائيل، لإبقائها تحت السيطرة، حيث أنجبت طفلاً متوهجًا وقف على الفور وهرب بعيدًا وعاد بحزمة من القش لأمه.
وفي كتاب القديس برثولماوس، عندما ينزل يسوع إلى الجحيم لينقذ جميع الموتى ويصعدهم إلى الجنة في اليوم التالي لقيامته، سيترك ثلاثة أشخاص هناك: يهوذا وهيرودس وقابيل.
وفقًا لنص يهودي يعود للقرن الأول الميلادي تقريبًا يُعرف باسم حياة آدم وحواء، بعد ولادة هابيل، استيقظت حواء ذات ليلة على كابوس مزعج.
رأت يدي قابيل ملطخة بدم أخيه هابيل، ثم رأت ما هو أسوأ من ذلك هو أن قابيل كان يشرب دم هابيل.
شعرت حواء بالرعب الشديد لدرجة أنها أخبرت آدم عن كابوسها، فقرر إبعادهما عن بعضهما البعض.
وفق الأدب الحاخامي، قسم الله ميراث آدم بين قابيل وهابيل ليحصل قابيل فقط على الأرض، بينما ينال هابيل كل شيء آخر، لتندلع الغيرة، ويشعر قابيل بالاكتئاب من مدى ازدراء الإله له. لكن هابيل لا يظهر أي تعاطف مع أخيه، فيقرر قابيل التحدي، ويبدأ تحقيق كابوس حواء من حيث أراد آدم منعه.
القصة الدينية تقول إن قابيل وهابيل قدما قربانين من اختيارهما للرب. فتقبل الله قربان هابيل وكره قربان قابيل.. لماذا القربان أصلًا؟ ولماذا تقبل الإله قربان أحدهما دون الآخر؟ لا تحمل الروايات الكتابية أية تفاصيل عن السبب.
الرواية الأكثر شيوعًا أن آدم قرر أن يتزوج ابناه قابيل وهابيل من توأم الآخر البنت. هنا، تفترض الروايات أن قابيل رأى أن أخته التوأم التي كان من المفترض أن يتزوجها هابيل أكثر جاذبية، بينما تقول روايات أخرى إن اختًا ثالثة بقيت "احتياطية" وكان يفترض أن يتزوجها أحدهما، فتقاتلا على الأكثر أحقية بها.
أما السبب المباشر لقبول قربان هابيل ورفض قربان قابيل فهو أن هابيل كراعٍ قدم قطعة من ماشتيته, أما قابيل كمزارع فقدم ثمارًا من حقله.
وفقًا للموسوعة اليهودية، يشير الأدب الحاخامي - ومن بعده كتب التفسير عند المسلمين - إلى أن خطأ قابيل كان في تقديم أسوأ محاصيله، والاحتفاظ بأفضلها لنفسه، بينما قدم هابيل أفضل ما لديه للإله.
لكن الحاخام ديفيد زاسلو يقدم تفسيرًا مختلفًا: القربانان مثلا الشكلين الرئيسيين من الاقتصاد في ذلك الوقت؛ الزراعة والرعي..
وبينما اختار هابيل التسليم لإرادة الإله برعاية خلقه من الماشية، كان قابيل أكثر تحديًا؛ إذ حاول تسخير الطبيعة تحت إرادته عبر الاختراع البشري من الزراعة والبناء وما يحتاجانه، بما اعتبره الرب "إهانة متعجرفة".
تخبرنا مدونة أبحاث دراسات القرون الوسطى في نوتردام، إن التفسيرات الشائعة لطريقة قتل قابيل تشمل خنق هابيل ثم قطع رأسه بعظم فك حمار، وهناك روايات أقل شيوعًا تتضمن لكمه في رأسه حتى الموت.
مع ذلك، فإن النص اليهودي "كتاب اليوبيلات"، المعترف به في الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية، يقدم تفسيرًا أبسط: ضرب قابيل هابيل على رأسه بصخرة.
السؤال الشائع الذي يطرح نفسه: هل نحن إذن أبناء قابيل القاتل؟
ليس بالضرورة، وفق المصادر الكنسية، إذ أنجب آدم وحواء طفلًا آخر بعد وفاة هابيل، أسمياه شيث، سيتزوج من أرملة هابيل
توضح الموسوعة اليهودية أن شيث هو الابن الذي استمر منه نسل عائلة آدم حتى داود، ثم المسيا في النهاية، الذي هو يسوع عند المسيحيين، ولم يظهر بعد عند اليهود.
ونظرًا لأن شيث كان المقابل الطبيعي لأخيه قابيل، فقد أصبح رمزًا للخير مقابل تمثيل قابيل للشر.
في حين أن قصة هابيل تنتهي بوفاته دون أي ذكر تالٍ في الكتب المقدسة، يرصد سفر التكوين مصير قابيل الذي لعنه الإله بأن يقتله أي شخص يجده، بعدما أعطاه علامة، قالت تفسيرات إنها إصابته بالجزام أو أن أنبت له قرنًا، بما أدى في النهاية إلى موت قابيل عندما خلط ابنه بينه وبين حيوان بري.
وبينما يقول سفر التكوين إن مصير قابيل بعد اللعن انتهى في مكان شرقي جنة عدن يُدعى نود أو "المتاهة"، حيث بنى مدينة يفترض أن تكون الأولى في العالم،
فإن المؤرخ اليهودي جوزيفوس، في كتابه الآثار القديمة، يتوسع إلى حد ما في مغامرات القاتل الأول، فبدلاً من التوبة والعودة إلى حياة السلام، يضاعف قابيل شره إلى حد الابتكار، مكرسًا نفسه للسعي وراء المتعة والثروة بأي ثمن.
جمع قابيل قدرًا كبيرًا من الثروة من خلال السرقة والتسليح القوي، حتى بنى جيشًا ضخمًا من الرجال بقيادته. كما ينسب له إنشاء الأوزان والمقاييس، وخطوط الملكية، والتحصينات العسكرية.
كما يُنسب لنسل قابيل اخترع تعدد الزوجات، و الموسيقى وتطويع المعادن.