فرضية نموذج جهاز المحاكاة تقوم ببساطة على أننا جميعًا نعيش في فيديو جيم مفتوح، أنتجته حضارة أسبق وأكثر تقدمًا. يحركنا أفرادها أو تركونا نتحرك “كمبيوتر مود” واكتفوا بمراقبتنا من بعيد.
الفكرة غريبة؟
حسنًا. هناك من يتبنونها. أحدهم الملياردير إيلون ماسك، المتوج أغنى رجل في العالم، والرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس، الذي يخطط لإنشاء مستعمرة بشرية في المريخ.
معظم العلماء استبعدوا الفكرة. قالوا إنها غير عملية، أو على الأقل غير قابلة للإثبات.
لكن عالم الفلك نيل ديغراس تايسون يقول إن احتمالات فرضية نموذج جهاز المحاكاة (50-50).
فكيف بدأت فرضية نموذج جهاز المحاكاة؟ هل لها أي أساس علمي؟ هذا أولًا.
ثانيًا: هل نملك نحن كبشر الآن صنع نموذج جديد من جهاز المحاكاة؟
س/ج في دقائق
ما أسس فرضية جهاز المحاكاة؟
فرضية جهاز المحاكاة تأتي من حقيقة أن عمر الكون حوالي 13.8 مليار سنة.
لذلك يعتقد أنه من المرجح إحصائيًا أن حضارة ذكية سبقتنا توصلت لقمة التطور التكنولوجي، فأنشأوا جهاز المحاكاة الواقعي تمامًا، وأنشأوا أكوانًا متعددة وهمية، أحدها الكون الذي نعيش فيه، ثم اكتفوا بمراقبتنا من بعيد.
إيلون ماسك مثلًا يدلل على فرضية المحاكاة بأن معدل التطور التكنولوجي خلال الـ 60 عامًا الأخيرة “جرى تسريعه” بصورة غير واقعية.
خلال تلك الفترة، أرسلنا بشرًا للقمر، ووصلنا لتطور تكنولوجي وصناعي رهيب في البحر والبر والجو. ربما هناك من يراقبنا وشعر بالملل، فقرر تسريع وتيرة جهاز المحاكاة.
الملياردير إيلون ماسك بين أشد متبني الفرضية
هل يمكن إثبات فرضية جهاز المحاكاة علميًا؟
فلسفيًا ممكن.
يستدل مؤيدو النظرية بسيناريو الأحلام. ندرك حقيقة أننا في حلم، ونفرق جيدًا بينه وبين الواقع.
فيزيائيًا، يقول علماء إنها “احتمال وارد نظريًا”.
يستدلون أن الكون يسير بناءً على بعض الثوابت الفيزيائية التي من المستحيل تغييرها، كالجاذبية وقوانين الحركة والهواء وسرعة الضوء، التي يعتقد أنها تمثل سرعة جهاز المحاكاة الذي نعيش فيه.
ماذا لو صحت الفرضية.. هل يمكننا تكرار التجربة؟
في 2003، كشف الفيلسوف السويدي نيك بوستروم اعتقاده أن البشر سيسعون جاهدين لابتكار جهاز المحاكاة. ثم عرض 3 احتمالات حول نجاحنا في صنعه:
السيناريو (أ): نصل لنقطة في العلوم تمكننا من إطلاق جهاز المحاكاة الذي لا يمكن تمييزه عن العالم الطبيعي.
السيناريو (ب): نكتسب التكنولوجيا لصنع الجهاز. لكن لسبب ما، لا أحد يفعل ذلك على الإطلاق.
السيناريو (ج): لا نصل لهذه النقطة أبدًا؛ بسبب انقراض البشر قبل تمكنهم من إطلاق محاكاة.
السيناريو الأول.. هل نملك التكنولوجيا المطلوبة؟
حتى الآن، ليس بالدرجة الكافية. لكن التطورات الرقمية تتسارع بطريقة لا يمكن إيقافها.
هذا تحديدًا ما يستشهد به إيلون ماسك. الآن نملك جهاز محاكاة واقعيا ثلاثي الأبعاد يمكن لملايين التشارك فيه في نفس الوقت بتكنولوجيا تتسارع يوميًا.
مؤخرًا، أنشأ باحثون يابانيون نسخة رقمية من الكون باسم الفضاء الخارجي “Uchuu” تمثل المحاكاة الأكثر واقعية للكون حتى الآن، لكنها لا تحتوي على أشخاص داخلها. من يدري إلى أين تتطور؟
وفق بوستروم، هذا الخيار مستبعد تمامًا بالنظر لمدى سرعة تطور التكنولوجيا.
حالات نادرة قد تمنع الوصول لتلك التكنولوجيا، أن نهاية البشرية نفسها وشيكة،أي أن البشر سينقرضون بسرعة أعلى مما كان متوقعًا، أو أن يحدث شيء خارق يدمر كل زخم الأبحاث التكنولوجيا، مثل كويكب قاتل، أو وباء بلا مفر.
هل فرضية جهاز المحاكاة حتمية إذن؟
بالطبع لا، العديد من الفلاسفة والعلماء يقدمون حججًا مضادة لنظرية جاهز المحاكاة.
مثلًا، فريق من علماء الفيزياء النظرية من جامعة أكسفورد أكدوا أنه لا توجد ذرات كافية في الكون لإنشاء ذاكرة حسابية كافية لتخزين محاكاة واقعية للوعي.
وإن كان أنصار وجود المحاكاة يرون أن الخطوة الأهم ليست الأدوات، بل المعرفة.
كذلك، نحن لا نعرف حتى ما هو الوعي، ولا نقدر على تفسير الإدراك علميًا! بعض العلماء يفترضون أصلًا أن الواقع نفسه يمكن أن يكون مجرد تعبير عن أفكارنا الخاصة.
الأمر أشبه بهذا الفيديو جيم. فكر فيها: هل تعرف هذه الشخصية أنها جزء من محاكاة صنعها أحدهم؟ هل يدرك أصلًا أنه جزء من لعبة؟