دراسة جديدة توصف بـ “القنبلة” صاغها العالمان البريطاني أنجوس دالغليش والنرويجي بيرجر سورنسن تستبعد تمامًا أن يكون فيروس كورونا تطور من سلف طبيعي يمكن الاعتماد عليه، بعدما قال الباحثان إنهما اكتشفا ما وصفاه بـ “بصمات فريدة” في عينات الفيروس لا يمكن معها إلا القطع بأنها نشأت فقط من “التلاعب في المختبر”.
وفق الدراسة المكونة من 22 صفحة، يتوقع العالمان أن الصين استخدمت “هندسة عتيقة” للحصول على ما وصفاه بـ “العمود الفقري” لفيروس كورونا الطبيعي الموجود في خفافيش الكهوف الصينية، ثم إعادة تطويره ليتحول إلى كوفيد-19 المميت والأسرع انتقالًا.
بعد ذلك، وبحسب العالمين، تعمد العلماء الصينيون تغطية مساراتهم عبر ما يعرف بـ “الهندسة العكسية” لإصدارات أقدم من الفيروس لإخفاء أثار منتجهم، وجعل الأمر يبدو كما لو أنه تطور بشكل طبيعي في الخفافيش في تسلسل استمر لسنوات ثم انتقل إلى البشر.
لكن الصين – بحسب الدراسة – أخفقت في تفصيلة واحدة: أن بعض العلماء كانوا يرغبون فعلًا في مشاركة نتائج أبحاثهم؛ لذا لجأت إلى “التدمير المتعمد أو الإخفاء أو تلويث البيانات” في المعامل الصينية، وإلى إخفاء العلماء الذين حاولوا تسريب بعض المعلومات.
المشكلة الأخرى ليست صينية.. ستكون أمريكية: واشنطن تحظر تمويل أبحاث طفرة اكتساب الوظيفة “Gain of Function”. لكن إدارة أوباما / بايدن أمدت معهد ووهان للفيروسات – المتهم بتخليق كورونا – بمنحة 600,000 دولار.
س/ج في دقائق
هل تضيف دراسة دالغليش وسورنسن جديدًا لتغيير مسار أصل كورونا؟
تقول دراسة دالغليش وسورنسن إن علماء الصين أعادوا تخليق فيروس كورونا في معمل ووهان عبر استخدام “هندسة عتيقة” للحصول على ما وصفاه بـ “العمود الفقري” لفيروس كورونا الطبيعي الموجود في خفافيش الكهوف الصينية، ثم إعادة إنتاجه عبر أبحاث طفرة اكتساب الوظيفة ليتحول إلى كوفيد-19 المميت والأسرع انتقالًا، ثم حاولوا تغطية آثارهم عن طريق نسخ الهندسة العكسية للفيروس لجعله يبدو وكأنه تطور بشكل طبيعي من الخفافيش انتقالًا إلى البشر.
وتظهر دراسة دالغليش وسورنسن رسمًا تخطيطيًا لفيروس كورونا مع 6 “بصمات” كافية للقطع بأن فيروس كورونا مخلق في المختبر.
ويظهر الرسم الثاني كيف أن صفًا مكونًا من 4 أحماض أمينية موجودة في كورونا له شحنة موجبة تتشبث بالخلايا البشرية مثل المغناطيس، مما يجعل الفيروس شديد العدوى.
نظرًا لأن الأحماض الأمينية موجبة الشحنة تتنافر مع بعضها البعض، فمن النادر أن تجد حتى ثلاثة في صف واحد في الكائنات الحية التي تحدث بشكل طبيعي، في حين أن أربعة على التوالي “غير مرجح للغاية” وفق قوانين الفيزياء، حسب ما قال العالمان. لتصبح الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها الحصول على هذا هو إذا قمت بتصنيعه معمليا.
الدراسة الجديدة خلصت إلى أن فيروس كورونا ليس له سلف طبيعي، وأنه بما لا يدع مجالًا للشك، تم إنشاء الفيروس من خلال “التلاعب المختبري”.
ما أهمية الدراسة “القنبلة” حول تلاعب الصين بفيروس كورونا الجديد؟
أول نقطة هي منتجا الدراسة:
البروفيسور البريطاني أنجوس دالغليش، أستاذ علم الأورام بجامعة سانت جورج بلندن، والشهير بإنجازاته في إيجاد أول لقاح فعال لفيروس نقص المناعة البشرية، والنرويجي بيرجر سورنسن، عالم الفيروسات، الذي يرأس شركة الأدوية Immunor التي طورت لقاحًا مرشحًا لفيروس كورونا يسمى بيوفاك 19.
وخلال محاولة تطوير اللقاح، أجرى دالغليش وسورنسن تحاليل مكثفة لعينات فيروس كورونا وخرجا منها بنتائج الدراسة
الثانية تغير موقف المجتمع العلمي:
عمر هذه النتائج عام كامل.
يقول العالمان إنهما توصلا للنتائج مبكرًا، لكن المجلات العلمية الكبرى رفضت نشرها. حينها كانت كل المنشورات العلمية المهمة مجمعة على أن فيروس كورونا انتشر بشكل طبيعي من الخفافيش أو الحيوانات الأخرى إلى البشر. لكن الموقف تغير؛ فصلية اكتشافات الفيزياء الحيوية قررت نشرها.
الثالثة تغيير موقف الاستخبارات:
العام الماضي، حين جادل رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني الأسبق، السير ريتشارد ديرلوف، بأهمية التحقيق في الدراسة غير المنشورة والتي وصفها بالمهمة، رد قادة الجهاز حينها بأن النظرية “أخبار مزيفة”، وقالوا إنهم “يتفقون مع الإجماع العلمي الواسع.
الآن، يبحث مجتمع الاستخبارات جديًا في أدلة قد تدعم نتائج الدراسة.
ماذا تغير في فهم كورونا ليغير المجتمعان العلمي والاستخباراتي موقفهما؟
دراسة دالغليش وسورنسن كانت مثيرة للجدل منذ طرحها لأول مرة. وقتها اتفق ٢٧ عالمًا ذا شأن في المجتمع العلمي في “خطاب” نشرته مجلة لانسيت المهمة في المحال على أن “الزعم بأن كورونا بلا أصل طبيعي نابع من نظرية المؤامرة”، وأنهم استنتجوا بأغلبية ساحقة أن الفيروس “نشأ في الحياة البرية”. مما حكم على الدراسة المشار إليها بالإهمال.
ليس هذا فحسب.
في خطاب آخر، نشرته ناتشر لخمسة علماء، أهمهم البروفيسور كريستيان أندرسن من قسم علم المناعة والأحياء الدقيقة في منشأة أبحاث سكريبس في كاليفورنيا، وصفت دراسة دالغليش وسورنسن بـ “الهراء الكامل، غير المفهوم، والذي لا يمت للعلم بصلة لا من قريب ولا بعيد”.
لكن ٣ من الـ ٢٧ المشاركين في خطاب لانسيت تراجعوا في وقت لاحق، قائلين إنهم يعتقدون إن احتمال وقوع تسرب من معمل ووهان “معقول”. لتقول Bulletin of the Atomic Scientists في مايو 2021، إن رسالة لانسيت نظمت وصيغت من بيتر داسزاك، رئيس تحالف إيكو هيلث في نيويورك، التي تمول أبحاث فيروس كورونا في معهد ووهان، والذي سينضم لاحقًا لفريق منظمة الصحة العالمية للتحقيق في أصل كورونا.
تضيف المجلة أن الخطاب الثاني الذي نشرته ناتشر لم يكن مقالًا علميًا؛ إذ تجاهل عمدًا أساليب علمية أحدث بإمكانها محاولة إخفاء إمكانية التلاعب بالرؤية.
الخطابان كانا حاسمين في توجيه المجتمع العلمي، وبالتبعية تعامل المخابرات وتغطية الميديا مع أصل كورونا باتجاه كونه تطور طبيعيًا، وإزاحة الدراسات المخالفة إلى خانة “نظرية المؤامرة.
لكن التناول تغير مؤخرًا مع تسريبات مخابراتية ودراسات علمية جديدة أشارت إلى تفاصيل مختلفة، جمعنا أبرزها عبر الرابطين:
كيف يمكن أن تواجه إدارة أوباما اتهامًا بمساعدة الصين في تخليق كورونا؟
أبحاث طفرة اكتساب الوظيفة “إدخال تعديلات على فيروس طبيعي لدراسة تطور الأمراض الجديدة” مثيرة للجدل. تسمح بدراسة التأثيرات المحتملة والتعامل معها، لكنها بالمقابل تحمل مخاطرتين:
١- صعوبة تطبيق معايير السلامة الحيوية،
٢- احتمالات استخدامها لأغراض غير علمية؛
أو باختصار: احتمال تسرب الفيروس المطور دون قصد، أو تسريبه عمدًا.
لذلك، فرضت إدارة أوباما/بايدن في 2014 حظرًا على تمويل أبحاث طفرة اكتساب الوظيفة. لكن الإدارة الأمريكية مع ذلك مولت معهد ووهان بشكل غير مباشر (عبر إيكو هيلث التي ذكرناها سابقًا) بمنحة بلغت 600,000 دولار، لدراسة ما إذا كان يمكن أن تنتقل فيروسات كورونا خفاشية المصدر إلى البشر.
مستشار بايدن أنتونتي فاوتشي دافع عن التمويل باعتبار أن البحث كان ضروريًا، بالنظر لحدوث أزمات صحية سابقة من ذلك النوع من الفيروسات، وخصوصًا في أوائل القرن الحالي.
ثم قال إن التمويل لم يكن مخصصًا لأبحاث طفرة اكتساب الوظيفة، قبل أن يعترف أخيرًا في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ إنه “لم يكن متأكدًا من أن التمويل الأمريكي لأبحاث معمل ووهان لم تنفق على أبحاث طفرة اكتساب الوظيفة المثيرة للجدل والمحفوفة بالمخاطر.
لماذا تأخر العلماء في تبني احتمال تخليق فيروس كورونا معمليًا؟
في الورقة البحثية، يشير دالغليش وسورنسن إلى سبب علمي:
يقولان إن العلماء الصينيين اعتمدوا على “الهندسية العكسية” ليظهر وكأن الفيروس تطور بشكل طبيعي من مضيف طبيعي إلى آخر، مستندين على إدخال مفاجئ لمجموعة من السلالات الجديدة في قواعد بيانات الجينات من قبل علماء غالبيتهم من الصين في أوائل 2020، للإيحاء بأن الفيروس مر بتسلسل طبيعي لسنوات.
أشار دالغليش وسورنسن كذلك إلى التدمير أو الإخفاء المتعمد للبيانات في المختبرات الصينية وأشارا إلى أن العلماء الصينيين الذين رغبوا في مشاركة معلوماتهم إما منعوا من ذلك أو اختفوا.
السبب الثاني سياسي:
تقول “الصن” إن ترويج دونالد ترامب لنظرية تخليق كورونا معمليًا خلق حاجزًا في المجتمع العلمي؛ إذ تحول تبني الطرح إلى جنون أو تسييس أو ميل لنظريات المؤامرة.
السبب الثالث نفسي:
متعلق بالإجماع العلمي، إذ خشي العلماء المخالفون والمجلات العلمية نشر أي طرح مخالف لما ساد التصور الأول من أن فيروس كورونا تطور طبيعيًا