في عام 534 تمكن البيزنطيون من استعادة شمال إفريقيا من سيطرة الفاندال، لكن سرعان ما أطلق المغاربة والبربر السكان الأصليون تمردًا ضد الرومان.
تمكن البيزنطيون من السيطرة على الوضع حتى تفشى الطاعون في جميع أنحاء الإمبراطورية في أربعينيات القرن السادس الميلادي، وعندما قُتل القائد الروماني ميليتوم سليمان في معركة عام 544، سارت الأمور من سيئ إلى أسوأ.
تبع ذلك سلسلة من المعارك والتمرد والغزوات الدموية، واستغرقت روما 15 عامًا لترسيخ سيطرتها على المنطقة في حرب طويلة أودت بحياة ما يقدر بنحو 5 ملايين شخص.
في القرن السابع عشر، سيطرت إمبراطورية المغول المسلمة على الهند.
كانت الإمبراطورية لامركزية، حيث اعتمد الإمبراطور المغولي أورنجزيب على ولاء النبلاء الأقل في جميع أنحاء أراضيه، وأتاح ذلك الفرصة أمام السكان الهندوس الأصغر لشن حرب من أجل الاستقلال والتي ستشكل في النهاية إمبراطورية الماراثا.
تشير كتب التاريخ إلى أن المغول كانوا يتمتعون بأفضل ميزة، بما في ذلك جيش أكبر وحكومة قائمة، لذلك كانت استراتيجية الإمبراطور أورنجزيب بسيطة: سحق عدوه الأصغر بالقوة المفرطة، لكن الماراثا استخدموا تكتيكات حرب العصابات التي أبطأت جيش المغول عن الزحف، مما أجبرهم على قضاء سنوات في احتلال مناطق صغيرة .
الإمبراطور أورنجزيب أمر قواته في كثير من الأحيان بالاستيلاء على المناطق بغض النظر عن التكلفة، مما أدى إلى خسائر كبيرة بشكل لا يصدق للجيش المغولي، وفي النهاية انتصر المغول عندما أسروا وقتلوا ملك الماراثا سامباجي.
موت سامباجي ألهم الماراثا لإطلاق مقاومة مضاعفة، فنجحوا في هزيمة المغول، وسيطروا في النهاية على دلهي في 1758 واستأصلوا إمبراطورية المغول بالكامل تقريبًا.
أسفرت هذه الحرب الطاحنة البطيئة - أطول حرب في تاريخ الهند - عن مقتل ما يقرب من 6 ملايين شخص.
بعد أن صنع لنفسه اسمًا كقائد عسكري، استولى نابليون بونابرت على السلطة في فرنسا، وأعلن نفسه إمبراطورًا.
بعد ذلك توجه للحرب مع القوى الأوروبية الكبرى في سلسلة من الصراعات المعروفة باسم الحروب النابليونية، وكانت كارثية من حيث الخسائر في الأرواح.
تختلف التقديرات، لكن ما يصل إلى 6 ملايين شخص لقوا حتفهم نتيجة لهذه الصراعات، وكان أحد عوامل تفاقم الضحايا هو استعداد نابليون للتضحية بجنوده.
يشير التاريخ إلى أنه عندما تعرض الوضع السياسي لنابليون للتهديد عام 1799، تخلى عن جيشه في مصر دون تردد، كما أن غزوه لروسيا عام 1812 تسبب في مقتل نصف مليون جندي من جيشه، وهم تقريبًا قوام جيشه الغازي لروسيا بالكامل.
استمرت حرب الثلاثين عامًا رسميًا من عام 1618 إلى عام 1648، على الرغم من أن جذور الصراع بدأت قبل ذلك بكثير.
ما بدأ كحرب أهلية دينية بين الدول الكاثوليكية والبروتستانتية في الإمبراطورية الرومانية المقدسة انتشر ليشمل كل قوة عظمى في أوروبا في ذلك الوقت
تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 8 ملايين شخص لقوا حتفهم خلال تلك العقود الدموية.
وفقًا لمجلة سميثسونيان، لم يتم توزيع هذه الخسائر بالتساوي، نظرًا لتركز القتال داخل حدود الإمبراطورية الرومانية المقدسة القديمة، فإن أكثر منطقة عانت منه كانت حدود ألمانيا الحديثة، التي فقدت حوالي 20% من إجمالي ساكنيها ماتوا خلال الحرب.
اندلعت الحرب الأهلية الصينية بين حزب الكومينتانغ القومي بقيادة تشيانغ كاي شيك والحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونغ.
كانت الحرب على مرحلتين - الأولى استمرت من عام 1927 حتى عام 1936، عندما غزا اليابانيون الصين، وجلبوا فوضى الحرب العالمية الثانية إلى الصين،
عندها وضع الحزبان خلافاتهما جانباً لصالح الدفاع عن بلدهما، وعندما هُزمت اليابان، تسابقا لاستئناف الأعمال العدائية، والتي كلفت البلاد ما يقدر بنحو 8 ملايين وفاة.
أدت الكوارث العسكرية والفشل الاقتصادي إلى تنازل لإمبراطور نيكولاس الثاني عن العرش في أوائل عام 1917 ودخلت روسيا إلى حرب أهلية.
الحرب الأهلية الروسية دارت بشكل أساسي بين البلاشفة بقيادة فلاديمير لينين والجيش الأبيض - وهو تحالف قوى معارض للشيوعيين.
بين عامي 1917 و 1922، لقي 9 ملايين شخص مصرعهم في الصراع حيث تقاتلت هذه الجماعات على جثة الإمبراطورية الروسية الضخمة، وإن كانت بعض التقديرات تصل بالعدد إلى 12 مليونًا مع حسبان المجاعات.
يشار إليه أحيانًا باسم تمرد تونجان أو تمرد المسلمين، وكان هذا أحد أكثر الصراعات دموية في تاريخ الصين.
في منتصف القرن التاسع عشر، تمرد الهوي - وهم شعب يغلب عليه المسلمون - ضد سلالة تشينغ في محاولة للفوز باستقلالهم.
تمرد الهوي كان بسبب التمييز الديني والعرقي، ومع تورط قوات تشينغ في صراعات أخرى، أجبرها ذلك على إبعاد قواتها عن المناطق الداخلية في الصين، مما أعطى فرصة للهوي للسيطرة.
لكن رد أسرة تشينغ على التمرد كان سريعًا ومرعبا، فلم تكن هناك محاولة للتفاوض أو فهم موقف الهوي، بل أطلقت أسرة تشينغ حملة وحشية لقمع الحركة، مما أدى إلى مقتل 10 ملايين ضحية على مدار حوالي 15 عامًا من القتال.
لفترة طويلة، كان يشار إلى الحرب العالمية الأولى باسم "الحرب العظمى" لأنها كانت أكبر صراع شهده أي شخص في تاريخ العالم، وفقًا لمكتبة الكونجرس .
تسببت الكنولوجيا والركود في إشعال الحرب العالمية الأولى مما أدى إلى وقوع 18 مليون ضحية.
تحركت الأيام الأولى للحرب بسرعة، وحققت ألمانيا انتصارات سريعة، لكن سرعان ما تعززت الخطوط الأمامية، تاركة ملايين الجنود يجلسون في الخنادق دون حركة.
في الوقت نفسه، جعلت زيادة الميكنة حتى المواجهات الصغيرة مميتة، وقد تسبب استخدام الابتكارات مثل الغاز السام والمدفعية الدقيقة بعيدة المدى في خلق السيناريو المثالي للوفيات الجماعية، ففي يوم واحد كان يمكن أن يموت أكثر من 50000.
يُقدر العدد النهائي للضحايا بنحو 18 مليونًا، لكن هذا لا يتضمن عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب الإنفلونزا التي انتشرت عن طريق تحركات القوات.
وفقًا للتاريخ، عاد رجل يدعى هونج شيوشيان إلى منزله بعد أن رسب في امتحانات الخدمة المدنية الصينية في عام 1837 وأصيب بالحمى، فظل لمدة يومين يحلم بمحاربة الشياطين في الجنة، ثم خرج من مرضه مقتنعًا أنه ابن الله.
حاول هونج العودة إلى الحياة الطبيعية، لكنه استسلم ببطء لهذا الوهم وشكل جمعية عبادة الله ، وانتشرت هذه العبادة في جميع أنحاء المناطق الريفية في الصين، وجذبت العديد من سكان هاكا الذين عاشوا إلى حد كبير في فقر.
انزعج الحكام من نمو الطائفة وشرائهم للبارود والأسلحة، بدعوى محاربة "الشياطين" التي رأى هونج أنها تدمر الصين، ثم سرعان ما تحولت الطائفة لحركة مسلحة وهجمت على القوات الحكومية، ولم تنته الحرب إلا بوفاة هونج عام 1864، بعد أن سقط أكثر من 20 مليون شخص خلال الصراع.
كان منتصف القرن السابع فوضويًا بالنسبة للصين، حيث حكمت أسرة مينج ما يقرب من 300 عام، ولكن كانت الحكومة غير مستقرة داخليًا بحلول أواخر القرن السادس عشر.
بالإضافة إلى ذلك، أدت سلسلة من الأباطرة غير الفعالين إلى إضعاف السلالة بشكل أكبر، وقد أدى تمرد 1618 الذي اندلع في شمال الصين إلى إطلاق واحدة من أكثر الحروب دموية في التاريخ.
في عام 1636 كانت قوات مينج تخوض حربًا دموية مع المتمردين، وأبرزهم الشون، ثم سقطت عاصمة سلالة مينج بكين عام 1644 على يد قوات الشون، وأعلن زعيم المتمردين تسي شنغ نفسه إمبراطورًا.
طلبت أسرة مينج من حلفائهم أسرة تشينغ التي تحكم المانشو إنقاذهم، فاستغلوا الفرصة لأخذ العاصمة بأنفسهم، وفي النهاية، أسسوا سلالة تشينغ – آخر أسرة إمبراطورية تحكم الصين، والتي ستظل في السلطة حتى عام 1912.
استغرق الأمر بضعة عقود أخرى لتسوية الأمور تمامًا، حيث انتهى القتال أخيرًا في عام 1683، بعد ستة عقود من الحرب المدمرة وما يقدر بنحو 25 مليون حالة وفاة.
في عام 755، قرر الجنرال آن لوشان إسقاط حكم سلالة تانغ الصينية وسعى لتأسيس أسرة جديدة - أسرة يان -، وتنصيب نفسه كإمبراطور.
حقق آن لوشان نجاحات أولية، وبحلول عام 756، طرد إمبراطور تانغ من العرش، لكن هذا الانتصار كان عابرا، حيث قُتل آن لوشان على الفور على يد ابنه، الذي قُتل بعد ذلك على يد جنرال متمرد آخر، شي سيمينغ .
طرفا النزاع استخدما التدمير الشامل للمدن والمحاصيل كتكتيك، مما أدى إلى معاناة لا تُصدق ووفيات كثيرة.
كانت سلالة تانغ قادة على إعادة تجميع صفوفها وخنق التمرد ببطء، واستعادت العاصمة في النهاية في عام 763، ومع ذلك، لم يحدث هذا إلا بعد مقتل ما يقدر بـ36 مليون قتيل في القتال والمجاعة المرتبطة به.
تنازع في الحرب العالمية الثانية أكثر من 30 دولة، وشملت كمية لا تحصى من اٍلأسلحة، وأعدادًا هائلة من القوات.
كان إنزال النورماندي وحده أكبر هجوم برمائي في التاريخ العسكري وشارك فيه مئات الآلاف من الجنود - وكانت تلك عملية واحدة للحرب.
لا عجب أن الحرب العالمية الثانية تحمل الرقم القياسي لأعلى حصيلة لقتلى الحرب حسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية، ويقدر المتحف الوطني للحرب العالمية الثانية الضحايا بحوالي 85 مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، حتى أن دولا لم تشارك مثل الدنمارك والبرازيل خسرا آلاف الأشخاص في الصراع.
الأمر المثير للصدمة حقًا بشأن عدد الضحايا الذين عانوا خلال الحرب العالمية الثانية هو مدى قصر مدة الصراع نسبيًا، فقد امتدت الحروب الأخرى لعقود وأنتجت عددًا أقل بكثير من القتلى، لكن الحرب العالمية الثانية استمرت ست سنوات فقط.
في تلك السنوات الست، وقعت بعض الأحداث المميتة بشكل لا يصدق خارج نطاق القتال والدمار المعتاد، ربما كان الأمر الأكثر ترويعًا هو أن النظام النازي في ألمانيا سعى إلى ارتكاب إبادة جماعية وقتل بوحشية ما يصل إلى 11 مليون شخص،
وفي أماكن أخرى، طور الأمريكيون واستخدموا أول قنابل ذرية في العالم، مما أضاف أكثر من نصف مليون حالة وفاة إلى العدد الإجمالي في فترة زمنية قصيرة جدًا.
لا تزال الحرب العالمية الثانية أكثر الصراعات دموية وتدميرًا في التاريخ