لسنوات طويلة كانت الولايات المتحدة تعتمد على الصواريخ الروسية في نقل رواد الفضاء إلى المحطة الدولية، لكن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك غير المعادلة، عندما تمكنت شركته سبيس إكس من إنتاج صواريخ قادرة على الذهاب للفضاء ثم العودة إلى قواعدها على الأرض مجددًا، وتخفيض تكلفة الصواريخ إلى ما دون أسعار روسكوزموس وناسا معًا.
لكن هذا التفوق الكبير لماسك لم ينعكس على أوضاعه المالية.. في أول مايو 2020، أعلن الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس أنه سيبيع كل ممتلكاته المادية تقريبًا ولن يحتفظ بأي منزل.
بعدها، عرض إيلون ماسك ثلاثة من قصوره في كاليفورنيا للبيع، وطلب ما مجموعه 75 مليون دولار، قبل أن يخبر وول ستريت جورنال أنه يخطط أيضًا لبيع أربعة منازل أخرى في حي بيل إير في لوس أنجلوس. وقال إنه لا يعرف أين يمكن أن يسكن بمجرد بيعها، لكنه ربما سيستأجر منزلًا صغيرًا في مكان ما.
قرار ماسك بتصفية ممتلكاته جذب الانتباه إلى مركزه المالي المحير. فبينما تقدر فوربس متلكاته في تسلا وسبيس إكس وغيرها من الأصول بـ 39 مليار دولار، تؤكد سجلات المحكمة فقره في ما يخص السيولة؛ بما يجبره على الاقتراض كثيرًا (الإيداع المالي في 28 أبريل كشف أنه تلقى قروضًا شخصية بضمان نصف أسهمه في تسلا) لتمويل أسلوب حياته الشخصية واستثماراته التجارية.
حل اللغز في الأسهم.. إيلون ماسك لا يملك سيولة، لكنه يملك أسهمًا، لذا يقترض للحصول على سيولة تحميه من الاضطرار لتصفية الأسهم التي تساعده في الحفاظ على السيطرة على الشركات التي يديرها.
ليحافظ إيلون ماسك على نفوذه في شركة صناعة السيارات تسلا، فإنه مضطر للحفاظ على حصة 20% من الأسهم.
سياسة تسلا الداخلية تتطلب تصويت الأغلبية العظمى لإقرار أي تغيير رئيسي في الشركة. هنا تمنح حصة الـ 20% لإيلون ماسك حق النقض ضد أي محاولة للاستحواذ أو اتخاذ أي إجراء غير مرغوب فيه.
صحيح أن حصة ماسك في أسهم تسلا تقدر بنحو 28 مليار دولار، لكن أهميتها سجنته. امتناعه عن التخلي عن الأسهم يتسبب في فقره النقدي.
سياسة تسلا نفسها تزيد أزمة ماسك؛ إذ لا يتلقى ماسك أي راتب، انتظارًا للحصول على مكافأة مالية قد تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار إذا حققت الشركة أهدافها المقررة.. لكن هذا لن يحدث قبل 2028.
مؤخرًا، أصبح إيلون ماسك مؤهلًا للحصول على أول 12 شريحة من خيارات الأسهم بعدما احتفظ بالقيمة السوقية لتسلا فوق 100 مليار دولار لفترة زمنية محددة. لكن تجاوز هذا الهدف وضعه في أزمة أخرى, بات مطالبًا بتأمين دفع أرباح 1.69 مليون سهم، بقيمة تزيد عن مليار دولار. سيحتاج إيلون ماسك لنحو 592 مليون دولار لسداد تلك المبالغ دون الاضطرار لبيع الأسهم.. هذا سبب إضافي للاقتراض.
لتأمين دفع 1.69 مليون سهم ، بقيمة تزيد عن مليار دولار ، سيحتاج السيد ماسك إلى حوالي 592 مليون دولار لممارسة الخيار دون الاضطرار إلى بيع الأسهم.
كان يمكن لماسك حل هذه المعضلة لو طبق سياسة الفئة المزدوجة من ملكية الأسهم التي تنتهجها جوجل وفيسبوك مثلًا، والتي كانت ستمنح سلطة الإشراف على المساهمين العاديين مهما بلغت أسهمه، لكن مثل هذا الهيكل لم يكن شائعًا عندما أعلن عن إطلاق تسلا في 2010.
ساعدت رؤية ماسك لشركة تسلا ومستقبل السيارات الكهربائية والسائقين على إثارة حماس المستثمرين، مما دفع الأسهم إلى تسجيل ارتفاعات قياسية هذا العام، وتحويلها إلى ثاني أكبر صانع سيارات في العالم من حيث القيمة السوقية بعد شركة تويوتا.
مع ذلك، فإن شؤونه المالية الشخصية مهمة لمستثمري تسلا؛ لأن اقتراضه مقابل الأسهم يخلق مخاطر يصعب تحديدها. إذا انخفضت أسهم الشركة إلى ما دون مستوى معين، يمكن للمؤسسات المالية طلب القروض ما لم يعوض ماسك الفارق. والخوف أن ذلك قد يقوده لبيع عدد كبير من أسهم تسلا.
تشارلز إلسون، الأستاذ في جامعة ديلاوير وخبير حوكمة الشركات يقول: "إذا أُجبر على التصفية، فسيكون الضغط الهبوطي على السهم هائلًا". ويتخوف المستثمرون من أن الوصول إلى هذه النقطة قد يعني عمليًا سحق الشركة.
وفي ملفاتها التنظيمية في فبراير، حذرت تسلا مستثمريها رسميًا من تلك المخاطر. قالت إنه إذا انخفضت أسعار الأسهم بشكل كبير ولم يتمكن ماسك من تجنب بيع أسهمه، فقد يضطر لبيعها بموجب شروط قروضه للمصارف، بما يمكن أن يتسبب في انخفاض سعر أسهمها.