في حرب كاراباخ، كانت أرمينيا تملك ميزة التفوق الكمي. لكن اعتماد أذربيجان المكثف على الطائرات دون طيار التي لا تملك أرمينيا نظامًا متقدمًا مضادًا ضدها، سمح لأذربيجان ببتحديد موقع مدفعية الدفاع الجوي الأرمنية المخفية.
يقدر المحللون أن ما يصل إلى 175 قطعة من المعدات العسكرية، معظمها قاذفات صواريخ متوسطة المدى روسية الصنع، خرجت من الخدمة سريعًا؛ ببساطة لأن أسراب الدرونز الآذرية تمكنت من تحديد مواقعها ومن ثم استهدافها سريعًا.
استخدمت أذربيجان نوعًا مختلفًا من الطائرات بدون طيار وهي الطائرات التركية "بيرقدار" للكشف عن أفواج صواريخ أرض-جو التي انتشرت في جميع أنحاء المناطق الجبلية، تليها طائرات بدون طيار إسرائيلية الصنع لتدميرها.
وحقق التكتيك فعالية ضخمة في قمع أهداف الدفاعات الجوية للعدو.
مع غياب نظام متقدم مضاد للدرونز عالميًا، ستصبح الدرونز إلى حين أحد أهم تكتيكات حروب المستقبل.
رغم أن أجهزة المعلومات الإسرائيلية فشلت في تقييم كمية الذخائر التي نجحت حماس في جمعها خلال السنوات السبع منذ الصراع الأخير في 2014، قالت المواقع الإسرائيلية إن الجيش تمكن من تصحيح الخطأ خلال المواجهة نفسها من خلال استخدام علم البيانات لتقليل الخسائر وتعظيم قوة الضربات.
من مركز تنسيق تحت الأرض، مرت الخوارزميات عبر رزم من بيانات الاستخبارات من جميع المصادر التي قدمت معلوماتها من المواقع المستهدفة، حيث حددت أنماطًا غير عادية من السلوك للمراقبين القتاليين، الذين نقلوا هذه البيانات إلى الطيارين المقاتلين.
تقول إسرائيل أيضًا إن تقييمات الأضرار وتتبع الهدف المتحرك في الوقت الحقيقي لمواقع إطلاق المدفعية تم إدخالها في القبة الحديدية، مما سمح لإسرائيل بالتوجيه الدقيق لأنظمة اعتراض صواريخ حماس عبر القبة الحديدية، التي لم تبد مثالية، لكنها أثبتت فعالية كبيرة في حماية الإسرائيليين من ضربات حماس.
كما تقول إسرائيل إنها اكتشفت، من خلال المعلومات الاستخباراتية، أن حماس كانت تستخدم برجًا لمحاولة التشويش على القبة الحديدية، فعطلت محاولات التشويش.
توسع الاعتماد على التطبيقات الخبيثة في الصراعين ضمن سباق الحصول على المعلومة.
أرمينيا حاولت اختراق رسائل البريد الإلكتروني للمسؤولين السياسيين الأذربيجانيين. لكن ذلك لم يترك تأثيرًا كبيرًا.
في غزة، نجحت حماس في اختراق هواتف مئات الجنود والضباط الإسرائيليين لمدة أشهر، بما مكنها من نقل المعلومات، وتشغيل الكاميرات والمسجل، قبل أن ينجح جهاز الأمن العام الإسرائيلي في تعطيل التطبيقات الخبيثة التي زرعتها حماس" في اختراق الهواتف.
خلال الحرب، قالت يديعوت أحرونوت إن الجيش الإسرائيلي طلب من سكان بلدات غلاف غزة إغلاق كاميرات المراقبة عقب معلومات استخبارية تفيد بأن حماس تشن حربًا إلكترونية تمكنت خلالها من السيطرة على أنظمة التشغيل.
دعائيًا، استخدمت كل أطراف الصراعين حسابات السوشال ميديا الرسمية وغير الرسمية في بث مواد دعائية تبيض صفحتها وتتهم الطرف الآخر بارتكاب جرائم ضد المدنيين. التكتيك لم يحقق النجاح المرغوب في معظم الحالات، وثبت أنه مرتبط بالاهتمام العالمي بالصراع نفسه.
مع ذلك، ظهرت أنماط أخرى من استخدام السوشال ميديا لـ "أنسنة" الحرب. إسرائيل أطلقت حسابات عديدة غير رسمية على تيك توك وإنستجرام مركزة فقط على الإثارة التي تتمتع بها مجنداتها، حتى في أوقات الحروب.
في حالة غزة تحديدًا ظهر استخدام إضافي؛ إذ استخدم الجيش الإسرائيلي تويتر ليبدو وكأنه يعلن أنه يستعد لإطلاق الحرب البرية، لتنقل الميديا الدولية الخبر، ويخرج مسلحو حماس من مخابئهم، وينتقلوا إلى أخرى، فترصدهم دوائر المراقبة الإسرائيلية ومنصات الاستطلاع، ثم ضربتهم إسرائيل، وضربت الأنفاق التي تنقلوا فيها.
أثبتت حربا كاراباخ وغزة أهمية اختيار التوقيت في الأعمال الانتقامية ضمن حروب المستقبل: ربما يكون اختيار توقيت انشغال العالم بأزمة عالمية كبرى هو الوقت المناسب لشن الحرب.
فشلت روسيا في الحصول على معلومات استخباراتية حول تبني أذربيجان للحرب الهجينة، على الرغم من أن الكثير من هذا التطور لم يكن مخفيًا.
قد يكون من الصعب للغاية التحكم في رواية الحرب عندما تكون الكيانات الجيوسياسية القوية قادرة على التركيز، وهذا أحد الأسباب التي جعلت الأذربيجانيين قادرين على تحقيق النصر دون أن تجد أرمينيا حاضنة دولية لمواجهتها.
أعطتنا غزة وناجورنو كاراباخ لمحات من مستقبل الصراع (فورين بوليسي)