تحركت دول الخليج مبكرًا لاحتواء فيروس كورونا. وهنا ظهرت أزمة المغتربين.
حكومات الخليج لا تنشر بيانات عن جنسيات المصابين، لكن الإيكونوميست تشير إلى أن الفيروس ينتشر أسرع بين العمال المغتربين.
اتخذت الحكومات بعض الخطوات الجديرة بالثناء. من بينها جعل الاختبار مجانيا للعمال مع محاولة توسيعه.
أزمة المغتربين مزدوجة.. من فقد وظيفته لا ترغب دولته الأم في استعادته.. ومن بقي يعيش في بيئة مثالية لانتشار كورونا.. خصوصًا في قطر.
س/ج في دقائق
كيف يتعايش المغتربون في الخليج مع تفشي كورونا الجديد؟
تحركت دول الخليج الست مبكرًا لاحتواء تفشي كورونا. بحلول منتصف مارس، فرض معظمها قيودًا على الحركة والسفر. لكن بعد أسابيع من النمو البطيء، ارتفعت الحالات الجديدة سريعًا.
حصيلة قطر تجاوزت أوكرانيا التي يبلغ تعداد سكانها 16 أضعاف الإمارة، بينما زادت الإصابات في السعودية بأكثر من الضعف إسبوعيًا اعتبارًا من 14 أبريل.
حكومات الخليج لا تنشر جنسيات المصابين رسميًا، لكن الإيكونوميست تقول إن انتشار كورونا أسرع بين العمال المغتربين. وقطر المثال الأوضح.
قطر كانت محط القدر الأكبر من الاهتمام بسبب مشروعات كأس العالم 2022 الضخمة، ونسبة العمال التي تمثل الغالبية العظمى من سكانها البالغ مجموعهم 2.8 مليون نسمة.
تقول الإيكونوميست إن المنطقة الصناعية جنوب الدوحة، التي تضم أكثر من 360.000 عامل تمثل بيئة مثالية لانتشار فيروس كورونا الجديد بالنظر لظروفها المعيشية التي تجبر كل ثمانية عمال على التشارك في غرفة واحدة، بخلاف مشاركة العشرات في الحمامات والمطابخ.
وفي 11 مارس، أبلغت قطر عن 238 إصابة كورونا في مجمع سكني واحد في المنطقة الصناعية، لتعلق عشرات الشوارع في منطقة مساحتها 9 كم مربع.
تقول الإيكونوميست إن الوضع لا يشمل الأجانب الأثرياء في قطر. حيث التباعد الاجتماعي يكاد يكون أسلوب حياة، مع استمرار دفع الرواتب المريحة، وتوفير فيلات أو شقق ساحلية وسيارات خاصة.
ارتفاع معدل إصابات المغتربين متكرر في دول الخليج الأخرى. وزارة الصحة السعودية أعلنت في 5 أبريل أن 53٪ من الحالات المؤكدة من الأجانب، لكن الإيكونوميست تتوقع ارتفاع الحصيلة مؤخرًا، بعدما بات المغتربون يمثلون أربعًا من كل خمس حالات حديثة.
عدد الإصابات في مكة، التي تضم عددًا كبيرًا من المغتربين، أكثر منها في الرياض، التي تضم ثلاثة أضعاف عدد سكان مكة. يشير الأطباء في الإمارات كذلك إلى اتجاه مماثل بين المغتربين.
هل تميز حكومات الخليج بين المغتربين والمواطنين؟
تقول الإيكونوميست إن حكومات الخليج اتخذت خطورات جديرة بالثناء، بينها إتاحة اختبارات كورونا مجانًا للعمال المغتربين مع محاولات لتوسيعه.
الإمارات التي تجري أكثر من 25,000 اختبار يوميًا وتتعهد بتوسيعها، نشرت إعلانات طرق ضخمة تخبر المغتربين أنهم جزء من “عائلة” قوامها 10 ملايين نسمة. وتعهدت معظم دول الخليج بدعم علاج مصابي كورونا بغض النظر عن جنسياتهم. لكن الوضع لم يتحسن في بعض بيئات العمال المغتربين.
الممثلة الكويتية حياة الفهد قالت في مقابلة تلفزيونية إن بلادها “سئمت” المغتربين الذين يشكلون ثلثي السكان باعتبارهم ناقلين لوباء كورونا الجديد واقترحت نقلهم إلى الصحراء.
الإيكونوميست تقول إن شخصية إماراتية أرادت أن تخفف من وطأة كلام حياة الفهد، فقالت إن الفهد كانت تعني الآسيويين، مضيفة أن الخليج “لا يمكن أن يساوي بين المغتربيين البنغاليين والمصريين”.
لكن الإيكونوميست ترى أن التحركات الإيجابية في كل الأحوال لا تشمل البيئات المزدحمة التي يعيش ويعمل فيها ملايين المهاجرين. حيث أعفت دول الخليج العمال من حالة الإغلاق.
وتضيف أن المقاولين حاولوا تقليل أعداد العمال في الحافلات من وإلى مواقع العمل. لكن يبقى من الصعب الالتزام بالمسافة .. “فاصل المترين صعب”.
حتى في الدول الغربية يصعب تحقيق فاصل المترين في وسائل المواصلات العامة.
لماذا لا يعود المغتربون لأوطانهم الأم؟
تقول الإيكونوميست إن العقد الاجتماعي بين دول الخليج والمغتربين فيها أشبه بالصفقة؛ يكسب المغتربون أكثر مما يحصلون عليه في بلدانهم الأم، حتى العمال غير المهرة منهم يحصدون دخلًا يكفيهم لتحويل الأموال إلى أسرهم.
بالمقابل، يقبل العمال بحالة عابرة دائمة؛ إقامتهم مرتبطة بالتوظيف. من المحتمل دائمًا أن يضطروا لمغادرة البلد بمجرد توقف عملهم مهما طالت مدته.
تشير أحدث توقعات صندوق النقد الدولي إلى انكماش اقتصادي بنسبة 2٪ في السعودية هذا العام، و4٪ في البحرين وقطر والإمارات. الأرقام قد تكون أكثر وردية من الواقع بالنظر لإصدارها قبل الانهيار الأخير في أسواق النفط.
ومع إغلاق قطاعات بأكملها، من الضيافة إلى البيع بالتجزئة، وفقدان الآلاف لوظائفهم، يكون المغتربون أول من يفقدون أعمالهم.
تستجيب الجمعيات الخيرية في الخليج لمناشدات المغتربين الذين يكافحون لتوفير الطعام. لكن التفاصيل أكبر.
ترغب دول الخليج في إرسال المغتربين العاطلين إلى أوطانهم الأم. لكن بلدانهم الأصلية ليست حريصة على استعادة الآلاف من مواطنيها العاطلين عن العمل.
الهند، التي تمد الخليج بالملايين من العمال، أغلقت أبوابها في 25 مارس وأوقفت جميع الرحلات التجارية. وتقول إنها لا تستطيع إعادة جميع مواطنيها حتى انتهاء إجراءات الإغلاق المحلية، في موعد أقصاه 3 مايو. بينما تتذمر إثيوبيا بسبب عمليات الترحيل من السعودية.
وهددت وزارة العمل في الإمارات بتحجيم عدد تأشيرات العمل مستقبلًا للبلدان التي لم تستجب لطلبات استعادة مواطنيها.