غرائب الفتاوى (7) | لا عقوبة في الإسلام ضد المتحرشين | حسام أبو طالب

غرائب الفتاوى (7) | لا عقوبة في الإسلام ضد المتحرشين | حسام أبو طالب

15 Mar 2021
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

تجمع أناس كثيرون حول امرأه تبكي وهم يصيحون: “الزانية.. الزانية”. راحت تشكو إلى عمر بن الخطاب. فلما استفسر منها الأمر قالت: كنت في منى أصلي الفجر، ونمت في مكان مصلاي، فأيقظني رجل وهو يتحرش بي، وأنا لا أعرف من هو من خلق الله. (راجع مصنف أبي شيبة).

 الناس هنا تجمعوا كي يسخروا من امرأة كانت في مكان طاهر تعرض للتحرش بها وهي نائمة. ولم يشغلوا بالهم بالمتحرش؛ ليس لعدم وجود كاميرات في هذا الوقت، بل لعدم وجود عقوبة ضد المتحرشين في الإسلام.

 لذلك، حينما أتت امرأة لبائع تمر “نَبْهَان التمار” في “دكانه” تشتري منه، هجم عليها وأخذها بين ذراعيه وجعل يقبلها، ويبدوا أنها قاومته فتوقف عند هذا الحد. فنزلت الآية تبشر بائع التمر فتقول (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ).

 أوضحت الآية معالم الطريق للمغفرة. وكيف يتخلص من اقترف الفاحشة من معاناته النفسية بالاستغفار والتوبة. لكنها في نفس الوقت لم تضع حدًا أو عقوبة صريحة للمتحرش مثل أي جريمة اعتداء أخرى كالسرقة أو القتل مثلَا.

غرائب الفتاوى (١)| في المثلية الجنسية.. الشريعة الإسلامية فضلت المرأة على الرجل| حسام أبو طالب

عقاب الله أقوى

آخى النبي بعد الهجرة بين رجلين من المدينة وثقيف. وذات يوم خرج الزوج فابصر الثقفي زوجته وكانت قد اغتسلت وتجفف شعرها، فأعجبته فأمسك يدها يقبلها، فلما جذبت يدها خاف أن يفتضح أمره فرجع عما كان ينوى. فقالت له: “سبحان الله خنت أمانتك وعصيت ربك ولم تصب حاجتك”.

لم تذكر الروايات هنا أن المرأة قد اشتكت الثقفي للنبي وهو الذي هاجر معه، أو فكرت أن تخبر زوجها، فحالها هنا كحال كثير من نساء تعرضن يوميًا لمثل هذه المواقف ويعلمن أنه لا حد ولا عقاب لمتحرش، ولكنهن أيقن أن عقاب الله سيكون أشد.

ولما أتى رجل إلى النبي فاخبره أنه قابل امرأة في الطريق فأخذ يداعبها ويضع يده على أماكن حساسة بها حتى صرخت: توقف، ألست مسلمًا وقد أذهب الله الشرك؟ فابتعد عنها، فاصطدم رأسه بالحائط فشجه. قال له النبي: لقد أراد الله بك خيرًا، وإذا أراد الله بعبد خيرا عجل له العقوبة في الدنيا.

غرائب الفتاوى (4) | هل ربط الزوجة في السرير جائز شرعًا؟ | حسام أبو طالب

هل يجوز فضح المتحرش؟

يوضح أهل العلم أن ستر المسلم أفضل عند الله من فضحه على الملأ “فيما دون الجرائم التي توجب الحدود“، خصوصًا لو عرف عن هذا الشخص بأنه من أهل الصلاح والتدين.

وقد أوصانا النبي فقال (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود) وذوي الهيئات كما فسرها ابن القيم أنهم “ذوو الأقدار بين الناس من الجاه والشرف والسؤدد”، فإن الله تعالى خصّهم بنوع تكريم وتفضيل على بني جنسهم، فمن كان منهم مستورًا مشهورًا بالخير حتى كبا به جواده، وأديل عليه شيطانه فلا نسارع إلى تأنبيه وعقوبته، بل تُقال عثرته ما لم يكن حدًا من حدود الله”.

يقول ابن حجر عن قول النبي (من ستر مسلمًا): أي رآه علي قبيح فلم يظهره للناس. ويقول النووي “في هذا فضل إعانة المسلم وتفريج الكرب عنه وستر زلاته”. أما الفضل بن عياض فيقول “المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعيّر”.

غرائب الفتاوى (5) | حد السرقة | لماذا منعت الشريعة قطع يد سارق المال العام؟ | حسام أبو طالب 


مراجع:

مصنف ابن أبي شيبه – كتاب الحدود  ٢٨٥٠١

السنن الكبرى للبيهقي – كتاب الحدود ١٧٥٠٣

إرواء الغليل للألباني  ٢٣٦٢

الإلمام بأحاديث الأحكام لابن دقيق العيد ٢ / ٧٥٤

كتاب الخراج لأبي يوسف ص ١٦٥

أسباب النزول للواحدي ص٨١ / ٨٢


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك