تانجو حزب الله وإسرائيل| إلى متى تؤجل رقصة الردع حرب لبنان الثالثة؟ | س/ج في دقائق

تانجو حزب الله وإسرائيل| إلى متى تؤجل رقصة الردع حرب لبنان الثالثة؟ | س/ج في دقائق

11 Aug 2020
إسرائيل لبنان
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

الصحف الإسرائيلية ربطت فورًا بين انفجار بيروت وتهديد الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله بتفجير ميناء حيفا الإسرائيلي بقصف شحنات نترات الأمونيوم بالصواريخ.

لا دليل واضحا حتى الآن على تورط طرف بعينه في تفجير بيروت.

لكن تزامنه مع التصعيد على حدود إسرائيل الشمالية من ناحيتي لبنان وهضبة الجولان فتحت باب التساؤل حول علاقة حزب الله بإسرائيل التي أصبحت علاقة معقدة جدًا منذ حرب 2006، التي أدخلتهما في مرحلة جديدة أسماها معهد الشرق الأوسط في واشنطن بـ “رقصة الردع”. ف

كيف بدأت؟

وكيف تطورت؟

وهل تستمر إلى الأبد؟

س/ج في دقائق


رقصة الردع .. ماذا يعني ذلك في علاقة حزب الله بإسرائيل ؟

لتعريف أهمية “رقصة الردع” في فهم علاقة حزب الله بإسرئيل سيكون علينا النظر لحادثة قريبة في نهاية يوليو الماضي، عندما اندلع اشتباك في مزارع شبعا. زعمت إسرائيل خلاله أنها تصدت لعناصر من التنظيم حاولت التسلل إلى حدودها الشمالية، بادر حزب الله بنفي أي خطوة مماثلة، وألقى باللوم على الإسرائيليين.

المناوشات لم تكن الأولى على حدود لبنان أو على حدود سوريا، لكن الطرفين سعيا بكل قوة لمنع الوصول إلى مرحلة الاشتباك المباشر.

في علاقة حزب الله بإسرائيل ، يحاول الجانبان الحفاظ على معادلة الردع – وفق القواعد نفسها، التي ظلت قائمة منذ حربهما الأخيرة في 2006، مع إدخال بعض المتغيرات من وقت لآخر.

تشير إسرائيل إلى أن القتل كان غير مقصود، وتواصل تجنب أو تقليص الضرر المباشر لعناصر حزب الله في ضرباتها على سوريا – إلا إن كان الهدف يستحق – بينما يعد حزب الله دائمًا لرد انتقامي محدود ومحسوب بدقة.

نائب الأمين العام نعيم قاسم يقيم الأجواء بأنها “لا تشير إلى حرب بين إسرائيل وحزب الله في الأشهر المقبلة”، مؤكدًا على عدم وجود خطط لـ “تغيير قواعد الاشتباك ومعادلة الردع”.

بهذا الصدد، تسير علاقة حزب الله بإسرائيل على خط ثابت مفاده أن الحفاظ على “رقصة الردع” تعني تجنب حرب أوسع نطاقًا. وخلال تلك الفترة، يستفيد الطرفان بمواصلة الاستعداد، مع بعض الضربات المحسوبة التي ربما يتبعها رد محسوب، بما يطمئن الناخبين الأساسيين في إسرائيل ولبنان بأن كل طرف يسيطر على الوضع لمصحلته.

لذلك، وعلى الرغم من المناوشات المتكررة على مدى السنوات القليلة الماضية، وسع قادة إسرائيل وحزب الله الحفاظ على “رقصة الردع” منذ حرب 2006.

الأمر لم يتغير حتى مع حوادث تبادل إطلاق النار الأخير، أو التراشق بالتصريحات النارية، أو حتى تكثيف إسرائيل لجهود اعتراض شحنات الأسلحة، وتدمير البنية التحتية، وقتل الإيرانيين أو المدعومين من إيران في سوريا والعراق، بل وحتى بعدما تجاوزت إسرائيل الخط الأحمر الذي رسمه حزب الله بقصف مواقع وقتل ناشطين تابعين للتنظيم في سوريا.


هل من فائز في رقصة الردع بين إسرائيل وحزب الله؟

بعد حرب 2006، روج حزب الله لمفهوم “الانتصار الإلهي” واستفاد منه سياسيًا رغم الدمار الهائل والخسائر البشرية المدنية، حتى صعد لفترة من الوقت إلى ذروة الشعبية والتأثير الأيديولوجي في لبنان والشرق الأوسط.

لكن الأمور تغيرت تباعًا في السنوات التالية؛ إذ نجحت إسرائيل في إعادة تأسيس معادلة الحفاظ على الردع ومراجعتها بما يتماشى مع التخطيط بعيد المدى، بعدما فرضت بنودًا أولية لتقييد انتشار حزب الله على حدودها بإعادته – على الورق على الأقل – إلى ما وراء نهر الليطاني، وانتشار القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان للمرة الأولى منذ السبعينيات، بعد عقود من هيمنة الفلسطينيين والإسرائيليين والوكلاء المدعومين من إسرائيل وحزب الله في المنطقة، وتوسيع وتمكين قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).

بالإضافة، أبطلت إسرائيل سلاح الضربات الصاروخية والغارات على الحدود وعمليات الخطف، والتفاوض بشأن تبادل الأسرى، والذي استغله حزب الله لسنوات لضمان وضع خاص في لبنان، ودفع التنظيم إلى خانة بات فيها أكثر حذرًا من خوض مواجهات أخرى مع إسرائيل.

كل ذلك وضع تحديات إضافية على حزب الله بين قاعدته الشعبية الصلبة وبين جميع اللبنانيين.

في السنوات التالية، واصلت إسرائيل وحزب الله اكتساب قدرات جديدة ووسعوا مناطق العمليات، بما أدى لتغيير بعض بنود معادلة رقصة الردع.

تبنت إسرائيل مفهوم الردع الشامل والتراكمي كجزء من سياسات بعيدة المدى لردع حزب الله عن اتخاذ قرار بالهجوم، بالتزامن مع توسيع خانة التفوق التكنولوجي، وتبني استخدامات القوة الوقائية والعقابية، والتهديدات بالقوة بشكل متزامن وفي تسلسل محدد للحفاظ على معادلة الردع.

وقرر الإسرائيليون العمل على جانبين: الحد من قدرات حزب الله – إجباره على إعادة النظر في نواياه نحو إسرائيل بمرور الوقت.

في غضون ذلك، صقل حزب الله إطار الردع البدائي نسبيًا – والكلاسيكي إلى حد ما – الذي صاغه لأول مرة في التسعينيات.

حسن نصر الله صرح عندما أطلق حزب الله الصواريخ على إسرائيل بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي: “إذا هاجمتنا، سنستخدم صواريخ الكاتيوشا. إذا لم تهاجمنا، فلن نستخدم صواريخ الكاتيوشا”.

نصر الله ونعيم قاسم وآخرون سعوا مرارًا وتكرارًا إلى حصر المواجهة من حيث الوقت والأرض والنطاق. ومن المؤكد أن الحزب لم يتخل عن تكتيكات حرب العصابات في جنوب لبنان.

والنتيجة أن حزب الله الذي داهم شمال إسرائيل لسنوات واختطف جنودًا ليبادلهم بعد ذلك بأسرى لبنانيين وفلسطينيين في السجون الإسرائيلية لم يعد قادرًا على فعلها بعد 2006، بينما إسرائيل تواصل تصفية عناصره وتدمير بنيته التحتية في سوريا سنوات.

التغيير الوحيد البارز الذي فرضه حزب الله على معادلة الردع حدث في 2019، عندما هدد التنظيم بالتصدي لتحليق الدرونز الإسرائيلية في محيط مراكزه التنظيمية في لبنان لأول مرة.

بالمقابل، باتت إسرائيل أكثر استعدادًا للصمت على ردود حزب الله المحدودة باعتبارها مناورات لحفظ ماء الوجه تغنيه عن اتخاذ إجراءات تصعيدية.


هل يستمر الحفاظ على رقصة الردع إلى النهاية؟

لا إسرائيل ولا حزب الله قادران على تأجيل أو تجزئة مواجهتهما إلى الأبد. لكنهما في نفس الوقت ليسا مستعدين للتفاوض. كل ذلك بينما حزب الله يطور البنية التحتية والتكنولوجية في جنوب سوريا لاستخدامها في أي حرب مستقبلية – أو على الأقل لمضايقة الإسرائيليين مع توسيع خطوط النفوذ الإيرانية في المنطقة.

بالمقابل، دمر الإسرائيليون بعض البنى التحتية والأسلحة المدعومة من إيران بالقرب من دمشق وجنوب سوريا، وفي أي مكان من العراق وحتى في الضاحية الجنوبية لبيروت.

لن يفصل أي من الطرفين إلى الأبد نشاطهما الخاص بسوريا عن الصراع الأساسي، الذي لا تزال ساحته الأساسية في جنوب لبنان وشمال إسرائيل.

إلى جانب الخبرة القتالية المكتسبة في سوريا، حصل حزب الله منذ حرب 2006 أيضًا على صواريخ وطائرات بدون طيار وقدرات مضادة للطائرات وأسلحة أرض – بحر أكثر تطورًا لاستخدامها في لبنان.

وعلى الرغم من الصعوبات المالية الحالية، أمضى الإسرائيليون أكثر من عقد من الزمان في تجديد وحداتهم الشمالية، وتطبيق الدروس المستفادة، وتحسين المعدات، بينما كانوا يشاهدون بحذر حزب الله وهو يعيد التسلح بعد حرب 2006.

وحتى لو حافظ الإسرائيليون على نهجهم الحالي، فإنهم لن يتوقفوا عن إحباط جهود الحزب لتطوير وزرع أسلحة أو بنية تحتية جديدة – وبالتالي سيحرجون حزب الله في الداخل وفي المنطقة، بينما يقتلون أحيانًا رجاله في الميدان.

هذا كله ناهيك عن التعثرات والالتزامات والدوافع الأخرى، فإن الحرب ليست وشيكة، لكنها تبدو حتمية.


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك