نظرًا لأن الرموز المستخدمة في الكتابة الهيروغليفية تبدو وكأنها صور صغيرة لأشخاص وحيوانات وأشياء، فمن السهل افتراض أن الحروف الهيروغليفية تمثل هذه الأشياء.
في الحقيقة، تشير بعض الحروف الهيروغليفية إلى الأصوات في اللغة المصرية القديمة، تمامًا كما تفعل الحروف في الأبجدية الرومانية، والبعض الآخر عبارة عن إشارات إيديوغرامية تمثل المفاهيم ولكن ليس لها صوت مرتبط.
نظرًا لأن الكتابة الهيروغليفية كتابة تصويرية، فهي تحتاج أموالًا تكفي لتحمل خدمات النحاتين. لذلك، ظلت مرتبطة بمقابر النخب الملكية فقط، ثم امتدت إلى الأثرياء القادرين على تحمل مثل هذه النفقات.
بيتر ف. دورمان، الأستاذ الفخري في المعهد الشرقي في جامعة شيكاجو، يوضح أن الكتابة الهيروغليفية المبكرة وجدت بشكل شائع في المقابر الملكية في أبيدوس.
وعلى الرغم من استخدام النظام في مصر القديمة في النهاية لأنواع أخرى من الكتابة، إلا أن الكتابة الهيروغليفية لم تفقد ارتباطها الأولي بسياقات النخبة في الأماكن التذكارية مثل المعابد والمقابر.
نظرًا لأن الكتابة الهيروغليفية كانت معقدة للغاية، فقد طور المصريون القدماء أنواعًا أخرى من الكتابة كانت أكثر سهولة في الاستخدام.
اخترعوا الكتابة الهيراطيقية، وهي عبارة عن نص متصل مكتوب على ورق البردي بقلم أو فرشاة، أو على قطعة من الحجر الجيري، لكنها لم تستخدم في المعالم الأثرية الرسمية.
استخدموا كذلك الديموطيقية، الشعبية، وهي شكل آخر من أشكال الكتابة طوروها في القرن الثامن قبل الميلاد، للوثائق اليومية، وكذلك للأدب الشعبي.
لا تحتوي الكتابة الهيروغليفية على مسافات بين الكلمات، ولا توجد علامات ترقيم. وهذا يعني أن القراء يجب أن يكون لديهم فهم جيد لقواعد اللغة المصرية القديمة وأن يعرفوا شيئًا عن سياق الرسالة حتى يتمكنوا من التمييز بين الكلمات والعبارات والجمل والفقرات والفصول الفردية.
بالإضافة إلى ذلك، على عكس اللغة الإنجليزية الحديثة، لا تُقرأ الهيروغليفية بالضرورة أفقيًا من اليسار إلى اليمين، بل يمكن كتابة الهيروغليفية في اي من الاتجاهين، عموديًا و أفقيًا.
في المراحل اللاحقة من الحضارة المصرية القديمة، كان الكهنة وحدهم قادرين على قراءة الكتابة الهيروغليفية، وفقًا لجيمس ب. ألين في كتابه "المصري الأوسط: مقدمة للغة وثقافة الهيروغليفية" فإن النقوش التي كانت موجهة للجمهور العام تم نقشها بالديموطيقية بدلاً من الهيروغليفية.
بعد أن احتل البطالمة، الذين كانوا من أصل مقدوني، مصر في القرن الثالث قبل الميلاد، حلت اليونانية محل اللغة المصرية كلغة رسمية للبلاط.
بعد حوالي 600 عام، في 384م، وافق الإمبراطور الروماني المسيحي ثيودوسيوس على مرسوم يحظر ممارسة ديانة مصر القديمة في مصر، والتي كانت بداية النهاية لاستخدام الهيروغليفية، وفقًا للمؤلف ستيفان روسيني.
وبحلول الوقت الذي نحتت فيه آخر كتابة هيروغليفية معروفة في معبد فيلة عام 394 بعد الميلاد، ربما كان هناك عدد قليل من النحاتين المصريين الذين تمكنوا من فهم ما يُطلب منهم نحته في الجدران.
في 1799، اكتشف الجنود الفرنسيون الذين خدموا تحت قيادة نابليون في مصر، والذين كانوا يقومون بإصلاح حصن في مدينة رشيد، لوحًا حجريًا أصبح يُعرف باسم حجر رشيد.
كان اللوح رسالة من الكهنة المصريين إلى بطليموس الخامس كتبوها عام 196 قبل الميلاد، مكتوبة بثلاثة نصوص مختلفة: الهيروغليفية، والديموطيقية، واليونانية القديمة، فمكنت اللغات الثلاث المنقوشة على حجر واحد الباحثين من فك رموز الكتابة الهيروغليفية.
استنتج العالم البريطاني توماس يونج، الذي بدأ دراسة الحجر في 1814، أن بعض الرموز كانت تهجئات صوتية للأسماء الملكية.
وفي 1822، تمكن اللغوي الفرنسي جان فرانسوا شامبليون من التوصل إلى أن الكتابة الهيروغليفية عبارة عن مزيج من الرموز الصوتية والأيديوجرافية، وكان قادرًا على فك رموز النص.
كان لشامبليون اليد العليا، بفضل دراسته العميقة للقبطية، والتي تعد أحدث مرحلة في اللغة المصرية القديمة (كتبت فيها اللغة بحروف يونانية)، فهذه المعرفة سمحت له بالتعرف على السمات النحوية التي صعبت على يونج.
لا يزال اكتشاف معنى النصوص المكتوبة بالهيروغليفية يمثل تحديًا كبيرًا للباحثين، ويتطلب قدرًا معينًا من التفسير الذاتي، وقراءتها بصوت عالٍ مهمة صعبة .
يقول دورمان: ليس استخدام الإشارات الصوتية هو ما يجعل الترجمات أمرًا صعبًا، بل حقيقة أن النطق الكامل للمصري القديم لم يتم كتابته، لذا فإن نطق الكلمات يخضع للتخمين.