لا تقلق | قلق الأعياد.. لماذا تحدث المشكلات الزوجية في العيد تحديدًا؟ | شادي عبد الحافظ

لا تقلق | قلق الأعياد.. لماذا تحدث المشكلات الزوجية في العيد تحديدًا؟ | شادي عبد الحافظ

27 Jul 2020
شادي عبد الحافظ دقائق.نت
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

حسنًا، إنه العيد. يفترض أن تكون الأجواء مليئة بالبهجة والسعادة. الملابس الجديدة منتشرة في كل مكان، والأطفال يلعبون في الشوارع مع أصوات عالية ضاحكة، لكن أمير وزوجته هناء قررا أن الأمر لن يسير بهذه الطريقة هذا العام.

قبل العيد بيوم حدث شيء تافه جدًا، لكنه تسبب في انفجار أمير غاضبًا، الأمر الذي تسبب في غضب مقابل من هناء، وكأنها كانت جاهزة للانفجار أيضًا، لكن الغريب في هذا الأمر – حينما قررا السكون قليلًا والتفكير فيه – هو أنه عادة ما يحدث في العيد!

قلق الأعياد

في استفتاء أجرته الجمعية الأمريكية لعلم النفس قبل عدة أعوام، أفاد حوالي 90% من الناس أن أوقات الأعياد في العموم تكون مليئة بالسعادة ودفء المشاعر والايجابية، لكن أكثر من نصفهم قالوا إنهم يشعرون بضغط أعلى من الطبيعي في أوقات الأعياد.

في نفس الاستفتاء، ظهر أن هناك نسبًا أعلى من المعتاد من الإرهاق والحزن والقلق والشعور بالوحدة ظهرت في الأعياد، وكان عدد الذين قالوا إن القلق والتوتر يزيد في الأعياد أكبر بفارق 5 أضعاف من الذين قالوا إنه ينخفض.

اكتئاب أو قلق الأعياد حالة غير مرضية لم توضع في الدلائل التشخيصية الخاصة بالأطباء النفسيين، لكنه حالة مرصودة. لفهم مدى تعقّد تلك الحالة وتأثيرها على حياتنا، دعني أبدأ بتعريف الإضطراب العقلي. هو حالة صحية تنطوي على تغييرات في العاطفة أو التفكير أو السلوك أو مزيج من هذه الأشياء، الأمر الذي يتسبب بالضيق الشديد مع مشكلات في القدرة على آداء في الأنشطة الاجتماعية أو في العمل أو مع الأسرة.

لكن المرض النفسي لا يمثل حالة منفصلة عن الحالة الطبيعية؛ بمعنى أن هناك دائمًا مدى واسعا، من النطاق الطبيعي وصولًا إلى الحالة المرضية، فقد تكون معدلات القلق عند أحدهم مرتفعة لكنها ليست مرضية، تؤثر على حياته لكنها لا تسبب ضررًا يمكن وصفه بأنه يحتاج لعلاج.

ماذا لو طلب صديقك مشروب بوريو لنفسه وشايًا عاديًا لك؟ | شادي عبد الحافظ

ملابس جديدة

في الكثير من الحالات التي تكون أكثر ميلًا للقلق، لكنها ليست مريضة، يمكن للأعياد أن تكون تحديًا صعبًا، خاصة لو كنت من طبقة متوسطة إلى فقيرة. ذلك لأن الأعياد – بجانب كونها مواسم للسعادة والتواصل – فهي أيضًا فرصة للتفاخر بين البشر، ما يتسبب في بعض الأحمال الإضافية على الأسر.

سيتطلب الأمر بعض النقود لشراء الملابس، كذلك الطعام الذي عادة ما يكون مرتفع الثمن، الحلوى والشيكولاتة والمكسرات وغيرها. من جهة أخرى يواجه البعض – خاصة الرجال – ضغوطًا في العمل للانتهاء منه قبل أجازة العيد. كذلك يشعر البعض – خاصة النساء – بحاجة لإتمام كل شيء على أكمل وجه وفي وقت قصير جدًا. يتراكم كل ذلك شيئًا فشيئًا خلال الأسابيع إلى الأيام القليلة قبل العيد. وفي لحظة ما يمكن أن ينفجر أحدهم.

أعراض-قلق-واكتئاب-الأعياد

من جهة أخرى، فإن القلِق – بشكل عام – يكره التغيير. في الأعياد قد نسافر إلى مكان آخر، أو نستقبل آخرين في المنزل، أو نضطر لحضور حفلات في أماكن مزدحمة. بالنسبة للأشخاص المصابين بالقلق، أو هؤلاء الأكثر ميلًا للقلق، فإن تلك الأحداث تمثل تحديًا حقيقيًا.

هناك مشكلة أخرى تواجهنا، في المجتمعات العربية بشكل خاص، وهي أن الكثيرين قد يكونون على حواف نطاق القلق، أو مصابين به بالفعل، لكن لم يتلقوا تشخيصًا بسبب خوفهم من الوصم، أو لأنهم يتعاملون مع الأمر على أنه “مزاج سيء”. هؤلاء عادة ما يواجهون مشكلات أكبر في العطلات والأعياد والرحلات.

ماذا لو قال أحدهم أنك تفكّر بمخ نملة؟ | شادي عبد الحافظ

كيف تتعامل مع الأمر؟

في كل الأحوال، فإن أول شيء لتلافي قلق الأعياد الذي يتسبب في “خناقة العيد” هو التعلم عن الأمر. في الأعياد يزيد الضغط العصبي، بحيث تصبح هناك فرصة أفضل لتفاقم الأمر، بالتالي فإن القلق هو السبب في ذلك وليس أنت أو من تتعارك معه.

القراءة عن القلق قد تكون مفيدة حقًا. وفي هذه الحالة يمكن أن تتأمل كتاب “القلق” لموشي ريدنر وجيرالد ماثيوس، صعب بعض الشيء لكنه ممتع، والترجمة جيدة، ويمكن أن تجد الكتاب بسهولة مع بعض البحث عبر الإنترنت.

من جهة أخرى، فإن الخبراء في هذا النطاق ينصحون بألا تضع توقعات كبيرة للأعياد. عادة ما يميل الناس للتخطيط أن كل شيء سيكون على أكمل وجه وكأنه أحد إعلانات أو مسلسلات التليفزيون، لكن في أرض الواقع لا يحدث ذلك.

على الأقل، ضع دائمًا توقعات واقعية، سواء بالنسبة لما سيحدث أو كذلك بالنسبة لحدود إمكاناتك ومسؤولياتك. إحدى المشكلات الكبيرة هي أننا عادة ما نتوقع أننا سنؤدي عددًا من المهام أكبر بكثير من الممكن، الأمر الذي قد يتسبب في الحزن والقلق ما ان نلتقي بواقع إمكاناتنا.

أضف لذلك أن ممارسة الرياضة، ولو عدة مرات في الأسبوع، إلى جانب العمل على حمية غذائية صحية، طريقتان سحريتان للتخلص من القلق، وعادة ما يهملهما الناس لأنه – بالنسبة لهم – لا يوجد رابط واضح بين الرياضة أو الأكل والمزاج.

هل يمكن أن نقع يومًا ما من حافة الكون؟ | شادي عبد الحافظ

إياك والعزلة

كذلك فإن التواصل مع أحبائنا عادة ما يكون له دور قوي في إنهاء قلق الأعياد أو منعه من الأساس. أسوأ شيء يمكن أن تفعله في العيد هو أن تنعزل عن الآخرين، فتبقى طوال اليوم في المنزل لمشاهدة التلفزيون أو تصفح منصات السوشال ميديا، أو فقط لأغراض اللعب.

أما إذا كان صديقك أو أحد أفراد العائلة مصابًا باضطراب نفسي ما، فإن الأعياد قد تكون تحديًا كبيرًا له، إلى جانب كونها ممتعة، لذلك سيكون من الجيد حقًا أن تساعده على تخطي الأمر.

في أحد الاستفتاءات الخاصة بالتحالف الوطني الأمريكي للأمراض النفسية، أفاد 64% من الناس أنهم حالاتهم تسوء في الأعياد.

وأخيرًا، نتمنى أعيادًا سعيدة للجميع، عسى أن تكون خالية من كل قلق ممكن.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك