ولدت جيهان السادات في القاهرة في 29 أغسطس، 1933، وهي الطفل الثالث والبنت الأولى للجراح المصري صفوت رؤوف من زوجته جلاديس كوتريل، معلمة الموسيقى الإنجليزية ابنة الشرطي. التقيا عندما كان يدرس الطب في شيفيلد.
نشأت كمسلمة، رغم أنها، كالعديد من أطفال من العائلات الميسورة في مصر، التحقت بمدرسة ثانوية للراهبات في القاهرة.
حتى عندما كانت في سن المراهقة، كانت جيهان السادات مشغولة بالسياسة. أثار إعجابها نضال الفتى أنور السادات ضد الإنجليز الذي سُجن بسببه في عهد الملكية المصرية.
بالصدفة التقت فتى أحلامها في حفل عيد ميلادها الخامس عشر، في أغسطس 1948، بينما كان أبًا لطفلين، وخارج من السجن لتوه بعدما قضى عقوبة حبس بلغت عامين ونصف.
عقد العزم على الزواج منها، لكن والديها تشاركا شكوكًا جسيمة حوله: الفتاة عمرها 15 عامًا، بينما الرجل متزوج سابقًا، ذو بشرة داكنة، لا يملك مالًا ولا وظيفة. وليس مناسبا بالحساب الطبقي
مع ذلك، لم يمر العام إلا وتزوجا مع عيد ميلادها السادس عشر. ومنذ ذلك الحين وحتى وفاته، قدمت جيهان السادات لزوجها دعمًا سياسيًا ثابتًا، بالإضافة إلى ثلاث بنات: نهى وجيهان ولبنى، وابنهما جمال.
بحلول العام 1970، كان أنور السادات قد وصل رئاسة الجمهورية بينما مصر تكافح للخروج من أثر هزيمة 1967 وتعبر إلى استعادة سيناء في 1973.
وهنا كانت فرصة الإعجاب الأولى بشخصية جيهان السادات؛ لدورها في رعاية قدامى المحاربين. زارت الجنود الجرحى في جبهة السويس خلال حرب 1967، وأسست مركز "الوفاء والأمل" الذي قدم للمحاربين القدامى الخدمات الطبية وخدمات إعادة التأهيل والتدريب المهني. واستمرت مشاركتها مع القوات المسلحة عندما خاضت مصر حرب أكتوبر.
باكتمال النصر، نقل أنور السادات مصر في اتجاه مختلف تمامًا عن جمال عبد الناصر، حيث محاولة الانفتاح الاقتصادي وتخفيف القبضة الأمنية الصارمة على المجتمع.
لكن المشكلات الأساسية، كالفقر في القرى، ونقص تعليم النساء، وارتفاع معدلات المواليد، استمرت. وقررت جيهان السادات أن تستخدم نفوذها كسيدة مصر الأولى لمعالجة هذه المشكلات.
ساعدت في إطلاق جمعية تلا التعاونية لتعليم القرويات الخياطة والتريكو، بهدف مساعدة النساء على الاكتفاء الذاتي. كما شاركت في تأسيس الجمعية المصرية لمرضى السرطان، وبنك الدم المصري، وقرى الأطفال SOS في مصر.
حملة جيهان السادت الأوسع ضد ما اعتبرته "القهر القانوني والاجتماعي للمرأة" أكسبتها عداوة الإسلاميين والتقليديين، الذين اتهموها بمحاولة "تغريب" مصر.
لكنها نجحت في ضمان تمرير قانونين مهمين خلال رئاسة زوجها: أحدهما ينص على تخصيص 30 مقعدًا للنساء في البرلمان، والثاني أعطى المرأة الحق في رفع دعوى للطلاق والاحتفاظ بحضانة الأطفال.
السيطرة على النمو السكاني كانت قضية أخرى نادرًا ما أثيرت علنًا، لكن جيهان السادات ضغطت بشدة من أجل تنظيم الأسرة، وقالت إن جميع بناتها الثلاث المتزوجات يستخدمن وسائل منع الحمل.
كانت كذلك ناشطة دؤوبة ضد ختان الإناث التي تسببت في بؤس لا يوصف لملايين النساء، حتى نجحت في منعها رسميًا في المؤسسات الطبية التابعة للدولة.
حتى بعد وفاة الرئيس، استمرت ضغوطها لفترة طويلة بما أدى إلى تغييرات في تشريعات الحقوق المدنية التي أصبحت تُعرف باسم "قوانين جيهان" التي أعطت المرأة - من بين أمور أخرى - الحق في حضانة أطفالها في حالة الطلاق.
وعلى غير العادة، قادت جيهان السادات مبادرات بنفسها. كما شاركت أيضًا في السياسة الخارجية، وغالبًا ما سافرت إلى الخارج بمفردها، والتقت بقادة العالم، لشرح سياسات زوجها وأولوياته.
وعندما زار هنري كيسنجر معها مركز "الوفاء والأمل" فاجأته بقولها إنه نموذج يحاول حل معضلة خلقها الشعب الأمريكي.
عبر عن دهشته، فردت: "ربما كنا نقاتل الإسرائيليين، لكن معداتهم العسكرية جاءت من الولايات المتحدة. أموال الضرائب الأمريكية هي التي تسببت في فقدان جنودنا أذرعهم وأرجلهم وحاجتهم إلى إعادة التأهيل".
تتذكر: "ضحك، مدركًا أنه وقع في فخي".
لم تكن خائفة من إجراء مقابلات شخصية مع المجلات الغربية، وهو الأمر الذي أثار غضب النقاد التقليديين، خاصة عندما حلت ضيفة على "Playgirl" وهو خيار اعتبره مستشاروها "سوء فهم مؤسف".
عادت إلى الجامعة عام 1974، عندما كانت السيدة الأولى، وحصلت عام 1980 على درجة الماجستير في الأدب العربي من جامعة القاهرة، قبل أن تحصل على الدكتوراه هناك عام 1987.
شهدت جيهان السادات اغتيال زوجها على يد ضابط أصولي في الجيش، بينما كان في موقف فخر أثناء أداء التحية في عرض عسكري بمناسبة ذكرى انتصار 1973.
في مقابلات لاحقة، وفي مذكراتها الخاصة "سيدة من مصر"، كتبت بشكل مؤثر عن لحظات الرعب والذعر. قالت إنها كانت تتوقع اغتياله لكن أنور السادات لم يتوقع أبدًا.
كافحت للوصول إليه، لكنها سقطت أرضًا، ثم نُقلت معه بمروحية إلى المستشفى، حيث كافح الجراحون لإنقاذه، لكن الأوان كان قد فات.
أفادت الصحف المصرية أنها احتفظت بزيها الملطخ بالدماء في غرفتها بمنزلهم بالجيزة.
بعد وفاة السادات، تراجع دور جيهان السادات السياسي، لكنها واصلت الضغط من أجل القضايا التي تبنتها في حياته:
شغلت مناصب أكاديمية في عدة جامعات أمريكية، وتخصصت في قضايا المرأة والثقافة المصرية والدراسات الدولية، وشاركت في مؤتمرات حول قضايا المرأة والطفل في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا.
وفي 1980 ترأست الوفد المصري إلى مؤتمر الأمم المتحدة العالمي في كوبنهاغن حول عقد المرأة، حيث أثارت قضية محنة النساء الفلسطينيات تحت الاحتلال الإسرائيلي.
أصدرت كتابًا في الشعر العربي باسم مستعار، ونشرت مذكراتها الثانية "أملي في السلام" عام 2009.