لكن التحويلات بدأت في التباطؤ منذ عام 2011 حيث أدى الخلاف السياسي في لبنان إلى مزيد من التصلب، بالتزامن مع أزمة الفوضى في سوريا المجاورة.
باستمرار الأحداث، ابتعدت دول الخليج عن لبنان، بسب نفوذ إيران المتزايد في البلاد، عبر وكيلها حزب الله، فقفز عجز الميزانية وغرق ميزان المدفوعات بشكل أعمق إلى المنطقة الحمراء، حيث فشلت التحويلات في سد المطلوب لإكمال هرم بونزي.
كان ذلك حتى 2016، عندما بدأت البنوك في تقديم أسعار فائدة مرتفعة بشكل ملحوظ للودائع الجديدة بالدولار، ومعدلات أكثر استثنائية لودائع الليرة اللبنانية.
فتدفقت الدولارات مرة أخرى وتمكنت البنوك من الاستمرار في تمويل الهرم. لكن - كفاتورة - جرى القضاء على أصول البنك المركزي بسبب ما يدين به، لذلك تعرض لخسائر كبيرة.
في غضون ذلك ، ارتفعت تكلفة خدمة ديون لبنان إلى نحو ثلث الإنفاق في الميزانية أو أكثر.
وعندما احتاجت الدولة إلى كبح جماح الإنفاق، تباهى السياسيون بزيادة رواتب القطاع العام قبل انتخابات 2018.
كما أدى فشل الحكومة في تنفيذ الإصلاحات إلى امتناع المانحين الأجانب من تقديم مساعدات بمليارات الدولارات.
حتى جاءت الشرارة الأخيرة للاضطرابات في أكتوبر 2019 مع خطة لفرض ضرائب على مكالمات واتساب.
مشكلة واتساب هنا أنه كان وسيلة تواصل اللبنانيين مع المغتربين - الذين يعتبرون أحد أهم روافد العملة الصعبة، لبصبح فرض رسوم على الطريقة التي يتواصل بها العديد من اللبنانيين مع الأقارب كارثيًا.
اندلعت احتجاجات حاشدة ضد النخبة السياسية. وبالتبعية، جفت تدفقات النقد الأجنبي وخرجت الدولارات من لبنان.
لم يعد لدى البنوك ما يكفي من الدولارات لدفع أموال المودعين الذين يقفون في طوابير في الخارج، لذلك اكتفوا بإغلاق أبوابهم.
انهارت العملة، وانخفضت في البداية من 1500 مقابل الدولار إلى سعر السوق السوداء الذي يصل إلى 8,000 ليرة.
ثم وصلت الأمور إلى نقطة اللاعودة مع انفجار 4 أغسطس في مرفأ بيروت، الذي إلى مقتل حوالي 190 شخصًا وتسبب في أضرار بمليارات الدولارات.