حين أسس حسن البنا تنظيم الإخوان في مصر منذ ما يقرب من قرن من الزمان، طالب أتباعه بالتضحية بالنفس من أجل المصلحة العامة.
لكن أفراد التنظيم اليوم يسيرون في طريق آخر، حيث تبدو أقدم حركة إسلامية معاصرة تمزق نفسها، بينما يتبادل قادة الإخوان في إسطنبول ولندن الإهانات، ويتهمون بعضهم البعض بالفساد وخدمة وكالات التجسس الأجنبية.
خلافات الإخوان الداخلية ظهرت بوضوح حول الاستراتيجية والتكتيكات منذ إنشاء التنظيم. لكن الخلافات تضاعفت بعد إسقاط رئيس الإخوان محمد مرسي من حكم مصر عام 2013.
بعد ثورة 30 يونيو، سجنت السلطات المصرية العديد من أعضاء الجماعة، فاختبأ آخرون أو فروا إلى الخارج.
وهنا، نشأت الخلافات حول كيفية الرد، بينما مال الحرس القديم للطريقة التقليدية في محاولة الحفاظ على بقاء التنظيم عبر نهج براجماتي يضمن استمرار التعامل مع الدولة المصرية، فضل آخرون العنف.
إبراهيم منير “الباقوري” | انقسامات الإخوان بين لندن وتركيا: صراع حقيقي أم تكتيكي؟ | هاني عمارة
الحرس القديم يحاول الآن، وفقًا للعديد من الأعضاء، إخراج أنصار الإخوان المحبوسين من السجون. لكن جهودهم تعرقلت بسبب خلاف جديد بين أعضاء الحرس القديم أنفسهم حول من يجب أن يقود جماعة الإخوان في هذه المرحلة.
من جهة، هناك إبراهيم منير، الذي خلف محمود عزت في منصب المرشد العام بالإنابة بعد القبض على الأخير في مصر العام الماضي.
ومن جهة أخرى، هناك محمود حسين، الأمين العام السابق، الذي علق منير عضويته في أكتوبر، مع خمسة أعضاء بارزين آخرين، بسبب مزاعم فساد، فردوا عليه بإقالته من منصبه.
بالأرقام | كيف فتح القبض على محمود عزت مغارة اقتصاد الإخوان في مصر؟ | محمد نجم
منير، الذي يعيش في لندن، يشرف على الشبكة الدولية للإخوان. وله علاقات جيدة مع الحكومات الأجنبية، لكن حسين، الذي يعيش في اسطنبول، يتحكم في إعلام الإخوان وحساباتها المصرفية.
أدى الخلاف العام غير المعتاد، الذي ينطوي على حملات تشهير من الجانبين، إلى أن أصبح الإخوان في حالة اضطراب بينما يتصارع الإسلاميون عمومًا في جميع أنحاء المنطقة.
أطاحت الانتخابات في العراق والمغرب بالإسلاميين من الحكم، بينما أطاح بهم رجال أقوياء في تونس والسودان من السلطة.
قدمت قطر وتركيا التي يقودها الإسلاميون الملاذ للإخوان في المنفى، ودعمت الجماعة كوسيلة لإظهار نفوذهما، لكن هاتين الدولتين لديهما الآن أولويات أخرى، فكلتاهما تسعى إلى المصالحة مع الجيران المناهضين للإسلاميين، مثل مصر والإمارات.
نتيجة لذلك، طلبت قطر من نشطاء الإخوان المغادرة، ومارست تركيا ضغوطاً على المحطات التلفزيونية الفضائية التابعة للتنظيم.
الصراع التاريخي بين مصر وتركيا.. لماذا لم يكن الإخوان مجرد مشروع عارض؟ | الحكاية في دقائق
علاوة على ذلك، يشعر الكثير من الأتباع بخيبة أمل، فيقول البعض إن قادتهم لم يبذلوا جهداً كافياً للتوصل إلى اتفاق عفو مع النظام المصري.
كما يشتكي الأعضاء الأصغر سنًا من قلة الوجوه الجديدة في أعلى التنظيم الهرمي.
انتعش الإخوان من موجات الملاحقة في الماضي، لكن ليس من الواضح كيف ستتعافى الجماعة من الأزمة الحالية؛ لأن الجماعة دومًا تعتمد على تسوية قادتها للخلافات، وهم منقسمون الآن، ولا يبدو أن الحل قريب.