باحث في جماعات الإسلام السياسي والتراث الإسلامي
في خطوة متوقعة بعد التقارب المصري التركي، أطاح القائم بأعمال مرشد الإخوان، إبراهيم منير، بأمين عام التنظيم محمود حسين ومجموعته من مجلس شورى الإخوان، مع حرب إعلامية واتهامات بالفساد، مشكلًا مجلسًا جديدًا غالبيته من الشباب.
حاول محمود حسين ومجموعته عزل إبراهيم منير لكنه فشل، خصوصًا بعدما بدا واضحًا أنه يحظى بدعم القوى الداعمة في قطر وتركيا.
في أواخر 2019، وبعد فشل دعوات المقاول الهارب محمد علي لتدشين “ثورة جديدة” في مصر، انهارت آخر آمال الجماعة في تفجير الوضع الداخلي، رغم الدعم الإعلامي والمادي والتنظيمي.
هنا، أدرك حلفاء الاخوان فشل الرهان على الجماعة في الضغط على الدولة المصرية. بالتزامن مع فشل مشاريع تركيا في سوريا وليبيا وشرق المتوسط.
بالوصول لتلك النقطة، اتجهت قطر للمصالحة مع رباعي المقاطعة (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) وخفضت جبهة تركيا الدعم ضمن محاولاتها الملحة للمصالحة عبر عدة تقاربات، بتطبيق جزئي تدريجي لشروط القاهرة التي تتضمن إيقاف القنوات التحريضية، وتسليم الإخوان المطلوبين على ذمة قضايا إرهاب في مصر.
بدوره، أدرك تنظيم الإخوان أن مصيره مرهون بإعادة هيكلة تحافظ على ما تبقى من هيكله الأساسي وكياناته الاقتصادية التابعة.
وهنا يفهم سبب تحرك جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير للسيطرة على التنظيم، وتنحية الحرس القديم، وتقديم قيادة شابة.
متابعة قنوات الجزيرة والعربي والشرق ومكملين تشير إلى دعم قطر – تركيا للخطوة.
من يعرف الإخوان جيدًا يدرك أن بعض الانشقاقات والصراعات حقيقية. لكن بعضها الآخر تكتيكي. وفي الحالتين عادة ما يستفيد التنظيم. كيف؟
بالأرقام | كيف فتح القبض على محمود عزت مغارة اقتصاد الإخوان في مصر؟ | محمد نجم
من الأمور العجيبة التي كنت ألحظها قديمًا داخل صفوف الاخوان هو حفاوتهم بتغطية الميديا المحلية لأخبار صراعاتهم الداخلية، بينما على المستوى الداخلي، لم أكن ألمس حدة أو جدية الخلاف بنفس المستوى الإعلامي.
نظرة أعمق | معالم في طريق أسرار الإخوان.. متى ولماذا وأين يصبح الإخواني أليفًا؟
خلال السنة التي تلت ثورة 30 يونيو 2013، توحد موقف تنظيم الإخوان على رفض الاعتراف بالشرعية الجديدة والمطالبة بعودة محمد مرسي.
اعتمد الحراك على:
حينها، كانت ثقة مطلقة تسيطر على قيادات وأنصار تنظيم الإخوان في سقوط النظام الجديد وعودة محمد مرسي. بدت في حوار يوسف ندا على قناة الجزيرة في أبريل 2014، الذي حدد فيه سيناريو السقوط من داخل الجيش عبر ما أسماه “سوار الذهب المصري”، محددًا المدة بـ 6 أشهر.
تملك جميع الاخوان قيادات وأنصار في تلك المرحلة ثقة عجيبة في عودة مرسي وسقوط النظام الجديد
اندماج الهوية | من الزمالك إلى الإخوان.. لماذا ينضم البشر إلى جماعات الاستضعاف؟ | ترجمة في دقائق
بنهاية 2014 دون تحقق رهان تنظيم الإخوان الذي أعلنه يوسف ندا، تغير الجماعة استراتيجيها بداية من يناير 2015:
بدأت المرحلة بإصدار كتاب “فقه المقاومة الشعبية” الذي يوفر مسوغًا شرعيًا للعمل المسلح، بالتأصيل لتكفير الحاكم والخروج عليه، بعيدًا عن لغة السلفية الجهادية، مستخدمًا لغة الفقه الوسطي الأصولي الخاص بالجماعة على طريقة يوسف القرضاوي وكان الهدف من الكتاب توزيعه على الخلايا النوعية لتقديم مسوغ شرعي للعمل المسلح.
في نفس الشهر، أصدرت قنوات الإخوان التي تبث من تركيا البيان الذي طالب الأجانب والمستثمرين بمغادرة مصر، متوعدًا الدول التي تتعاون مع النظام باستهداف مصالحها.
في تلك الفترة وحتى 2018، ستشهد مصر اعتى موجة إرهاب داخلي في تاريخها عن طريق الخلايا النوعية للإخوان
أخطرها اغتيال النائب العام هشام بركات، بالإضافة لعمليات أجنبية تستهدف الدول الحليفة، وتحديدًا روسيا؛ لإفشال صفقات التسليح من خلال تفجير الطائر الروسية في سيناء، وإيطاليا لإفشال اتفاقيات الغاز من خلال محاولة تفجير القنصلية الإيطالية.
ستطرح جبهة لندن نفسها كطرف قابل للمصالحة، في ورقة مساومة لإيقاف أعمال العنف التي تمارسها جبهة تركيا. وتظهر كل فترة أخبار الخلافات والانتقادات العلنية بين الجبهتين لتكريس هذا التباين، وبينها التسريبات حول اتصالات مع النظام المصري كنوع من جس النبض، والتي ستواجه بنفي او تجاهل من الحكومة المصرية.
مما سبق يمكن أن نخلص إلى أن صراع جبهة تركيا الإرهابية وجبهة لندن الدبلوماسية ما كانت إلا لعبة عصا وجزة مع النظام المصري؛ حيث تعاقبه بالارهاب من خلال جبهة تركيا وتلوح له بالمصالحة لإيقاف هذا الإرهاب من خلال جبهة لندن.
حسن البنا يتسلل إلى الكونجرس.. لماذا “الدعوة” الإخوانية أخطر من سيوف داعش؟ | ترجمة في دقائق