هل يمكن أن يكون الانتشار الحالي لـ “فيروس جدري القرود” في العديد من دول العالم حربًا بيولوجية أو مؤامرة إرهابية؟
فرضية قد تبدو بعيدة. لكنها وجدت ما يدعم انتشارها. مبادرة التهديد النووي سبق أن قدمت نموذجيا افتراضيا إلى مؤتمر ميونيخ للأمن في مارس 2021، حول احتمال إطلاق سلالة مميتة للغاية من فيروس جدري القرود ليضرب أنحاء العالم، فيصيب 3.5 مليار شخص ويقتل 270 مليونًا.
المثير أيضًا كان ظهور اسم بيل جيتس، الذي ارتبط اسمه كثيرا بنظريات المؤامرة البيولوجية، مجددًا مع فيروس جدري القرود!
فما تفاصيل هذا النموذج؟
وما وراء تصريحات بيل جيتس؟
وهل تم إطلاق الفيروس بشكل متعمد؟
وماذا نعرف عن مصدره حتى الآن؟
س/ج في دقائق
لماذا درس مؤتمر ميونخ للأمن، في مارس ٢٠٢١، فيروس جدري القرود تحديدًا؟
في أعقاب جائحة كورونا، حاولت مبادرة التهديد النووي ومؤتمر ميونيخ للأمن دراسة التهديدات البيولوجية عالية العواقب، وفحص الثغرات في هياكل الأمن البيولوجي الدولية.
وبمشاركة 19 من كبار الخبراء الدوليين في قطاعات الصحة العامة وصناعة التكنولوجيا الحيوية والأمن الدولي، طورت الدراسة سيناريوهات لوباء عالمي قاتل يتضمن سلالة غير عادية من فيروس جدري القرود ظهرت لأول مرة في دولة برينيا الخيالية وانتشرت عالميًا خلال 18 شهرًا.
وفق السيناريو، يحدث التفشي الأولي بسبب هجوم إرهابي باستخدام عامل ممرض جرت هندسته في المختبر مع ضعف السلامة البيولوجية والرقابة الصحية.
سيناريو النموذج الخيالي ذكر أن بداية انطلاق وباء جدري القرود ستكون في 15 مايو 2022.
وتوقع أنه بحلول يناير 2023، ستتأثر 83 دولة، مع وفاة 1.3 مليون شخص بعد إصابة 70 مليونًا، ليصل بنهاية ديسمبر 2023 إلى إصابة حوالي 3.5 مليار حالة، ووفاة 270 مليون شخص.
في شهر أكتوبر 2021، حذر مؤسس شركة مايكروسوفت بيل جيتس، خلال قمة الاستثمار العالمية من احتمال حدوث هجوم إرهابي بيولوجي بنوع من أنواع الجدري.
لم يحدد جيتس فيروس جدري القرود تحديدًا. لكن أنصار نظرية المؤامرة يربطون عمومًا بين جيتس وانتشار الجوائح.
وجاء كلام جيتس في سياق الافتراض والاستعداد، لا في سياق التحذير من أمر يعلم حدوثه.
ولم يكن تحذير جيتس من الجدري هو الأول له.
منذ 2017، قال إن التقدم في علم الأحياء سهّل على الإرهابيين إعادة تكوين الجدري.
وفي العام نفسه، قال في مؤتمر أمني في ميونيخ إن الوباء القادم يمكن أن ينشأ من “نسخة اصطناعية من فيروس الجدري، أو سلالة شديدة العدوى ومميتة من الإنفلونزا”.
وما الذي نعرفه عن مصدر انتشار فيروس جدري القرود حتى الآن؟
لا دليل على سيناريو الحرب البيولوجية في انتشار فيروس جدري القرود الحالي.
كان يعتبر من الأمراض المستوطنة في أجزاء من غرب ووسط أفريقيا. لكن الجديد هذه المرة كان انتشاره في عدة دول بشكل متسارع.
لماذا ربطه بالمثلية الجنسية؟
لاحظ مسؤولو الصحة في العديد من البلدان أنه من بين الحالات التي تتبعوها، تظهر الآفات المرتبطة بجدري القرود في الغالب على الأعضاء التناسلية للمرضى الذكور، مما أدى إلى تكهنات حول انتقال العدوى عن طريق الاتصال الجنسي.
بينما لم يكن يُعتقد سابقًا أن جدري القرود ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، إلا أن معظم الحالات المكتشفة في بريطانيا وكندا، وكل الحالات في إسبانيا والبرتغال، كانت لرجال مثليين أو ثنائيي الجنس.
ماتيو بروشازكا، الباحث في وكالة الأمن الصحي في بريطانيا، اعتبر أن النسبة العالية من حالات تفشي فيروس جدري القرود الحالي بين المثليين أو ثنائيي الجنس توحي بشدة بالانتشار في الشبكات الجنسية.
ونصحت الوكالة، المثليين وثنائيي الجنس، بالحذر من الطفح الجلدي أو البثور غير المعتادة في الوجه والمنطقة التناسلية.
بدأت شركات أدوية تصنيع لقاح يشمل الجدري وفيروس جدري القرود بالفعل، وبدأ توريدها إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية.
هنا يجب الانتباه إلى أن اللقاح حاز موافقة الجهات التنظيمية في 2019؛ أي أن أبحاثه اختبرت على سلالات لا نعرف بشكل مؤكد إن كانت هي نفسها المسبب الأصلي للتفشي الجديد.
ويعقد وزراء الصحة في دول مجموعة السبع حاليًا اجتماعات لمنافشة تفشي جدري القرود وكذلك إجراء سيناريوهات محاكاة لتفشي مرض “جدري النمر”.