يفترض أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو قام برحلة سرية إلى القاهرة في عام 2018 لمناقشة القضايا المتعلقة بغزة. لكن آخر زيارة رسمية معلنة لرئيس وزراء إسرائيلي إلى مصر كانت في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك في 2011 ،
توقع بعض المراقبين الإسرائيليين أن تحدث المقابلة الأولى بين بينيت والسيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث التقى نتنياهو والسيسي عدة مرات.
توقّع المراقبون الإسرائيليون أن تعامل القاهرة بينيت على ذات النحو، وأن يجري ترتيب لقاء خلال أقرب جمعية عامة للأمم المتحدة، لكنه لم يحدث.
فضّلت القاهرة دعوة الرجل إلى أراضيها مباشرةً، وهو ما يُعطي رسالة عن النظرة الإيجابية لتلك الحكومة التي تتبنّى برنامجا انتخابيا مُعارِضا لسياسات نتنياهو.
خلال حملته الانتخابية، وقبل فوزه بالرئاسة، وجّه الرئيس الأمريكي انتقادات حادة إلى القاهرة، متوعدًا بأنه لن يُقدِّم لها ذات الدعم الذي كان يحظى به السيسي في عهد ترامب.
صحيح أن هذه الانتقادات لم تظهر إلى العلن حتى الآن، بل على العكس وجّه بايدن الشكر للرئيس السيسي بعد "تدخّله البنّاء" خلال الحرب الأخيرة على غزة.
لكن هذا لا يعني أن المصريين لا يشعرون بالقلق من تدهور العلاقات مع أمريكا، وهو ما يدفعها للاستعانة بحليف أمريكا الوثيق في المنطقة؛ إسرائيل، لتلطيف الأجواء مع الديمقراط.
وهو الدور الذي لعبته إسرائيل، جزئيًا، بالفعل، عقب تحذير مسؤولين إسرائيليين إدارة بايدن من أن ممارسة ضغطٍ مُبالغٍ فيه على مصر، قد يدفعها لتحسين علاقتها بشركاء آخرين كالصين وروسيا.
في السنوات الأخيرة، وبعد تعافي الاقتصاد المصري إثر برامج الإصلاح المتتالية التي تبنّتها القاهرة، باتت مصر أكثر اهتمامًا باستعادة هيبتها السياسية في المنطقة، وهو ما سيجعلها تصطدم فورًا بمشروع إيران الساعي لنشر نفوذها في كل ركنٍ بالشرق الأوسط.
وجّهت القاهرة أكثر من رسالة مؤخرًا، للتأكيد أنها تستعد لمواجهة هذا التمدد الإيراني.
زار السيسي العراق في زيارة هي الأولى لرئيس مصري منذ 30 عامًا، لدعم البلد الذي يعاني من تغلغل النفوذ الإيراني في كافة مفاصله الحيوية.
وفي بلدٍ آخر يقع ضحية للنفوذ الإيراني؛ لبنان، بدأ النفوذ المصري في التكاثف مؤخرًا. كثرت جهود مقاولين مصريين تابعين للدولة في إعادة الإعمار، كما أنشأ الجيش المصري مستشفى ميدانيًا عامًا لعلاج مرضى كورونا.
بحسب تحليل معهد واشنطن، كانت اتفاقات تطبيع العلاقات الأخيرة بين عدة دول وإسرائيل ضمن إعلان أبراهام في سباق مع الاتفاقية الأقدم: كامب ديفيد.
فبعد أعوامٍ من طويلة من توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ظلّت مصر حلقة الوصل الوحيدة بين دول المنطقة وإسرائيل، وهو ما أكسبها حضورًا دائمًا في أي مباحثات تخصُّ هذا الملف.
هذه المكانة ربما تتغير بعد امتلاك دول أخرى صلات مباشرة مع إسرائيل.
من خلال هذه الزيارة، تسعى القاهرة لإثبات أنها اللاعب الأول مهما عقدت دول الجوار اتفاقات سلام مع إسرائيل.
وفق التحليل، نمت الثقة المبادلة بين مصر وإسرائيل بشكل ملحوظ في السنوات العشر الماضية، مدعومة بالتعاون رفيع المستوى الذي لم يكن موجودًا خلال العقود الثلاثة الأولى من معاهدة السلام.
ووفق المعهد، اختارت إسرائيل ألا تتدخل في شؤون مصر الداخلية في أضعف لحظاتها، ثم ساعدت البلاد في أمن الحدود والقضايا الاقتصادية والدعم السياسي في واشنطن.
في أغسطس 2021، خفف مجلس الأمن القومي الإسرائيلي قيود السفر إلى جنوب سيناء من أجل مساعدة قطاع السياحة في مصر.
بالتوازي، مهد تركيز السيسي الطويل الأمد على التنمية والتحسينات الاقتصادية الطريق أمام العلاقات التجارية الثنائية للانتقال إلى المستوى التالي؛ إذ ناقش المسؤولون خططًا لتعميق التعاون في مجال الطاقة، وتوسيع رحلات الطيران المباشرة، وتوسيع المنطقة الصناعية المؤهلة (الكويز) في مصر، مما سيخلق المزيد من قطاعات التجارة الثنائية وخلق فرص عمل.
أسئلة تحيط بالسياسة تجاه غزة أيضًا كانت تنتظر الحل في اجتماع السيسي - بينيت.
بعد مواجهة مايو بين حماس وإسرائيل، تعهد السيسي بالمساعدة في إعادة إعمار غزة وأرسل شاحنات مليئة بالمساعدات إلى القطاع ، لكن الوضع الحالي غير واضح.
قد تعارض إسرائيل تقديم مساعدة إضافية ما لم توافق حماس على إعادة جثث القتلى الإسرائيليين المحتجزين لديها - وهو تنازل قد يعتمد بحد ذاته على موافقة إسرائيل على إطلاق سراح سجناء فلسطينيين في صفقة تبادل.
وبدعم من إدارة بايدن، توسطت القاهرة في محادثات هادئة بشأن هذه الأمور، لكن دون إحراز تقدم يذكر.
في غضون ذلك، وقبل ساعات من لقاء بينيت والسيسي، ألقى وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد خطابًا اقترح فيه سياسة جديدة لغزة: التنمية الاقتصادية مقابل الأمن.
تضمن توقيت تصريحاته رسالة أخرى - إذا كانت إعادة إعمار غزة ممكنة كما يقترح لابيد، فستكون مصر لاعبًا رئيسيًا.
لقاء بينيت والسيسي: فرصة نادرة لتعزيز العلاقات علنًا (معهد واشنطن)