في مارس 2021، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن افتتاج العاصمة الإدارية الجديدة سيكون إعلانًا لميلاد “الجمهورية الجديدة”.
إعلان كرره خلال إطلاق مبادرة “حياة كريمة” لتطوير الريف، الذي اعتبره بمثابة تدشين لـ “الجمهورية المصرية”.
بعد إعلان الرئيس السيسي عن خططه في المناسبتين، ربطت الميديا المحلية المصطلح بشكل أو بآخر بالتوسع في تطوير البنية التحتية، خاصة الطرق الجديدة والكباري – التي كان يُنظر إلى تطويرها على أنه ركيزة أساسية للتنمية الوطنية ومحاربة الفقر.
الحكومة المصرية اعتبرت المشروعين “العاصمة الإدارية كواجهة للمدن الجديدة عمومًا” ومشروع “حياة كريمة” أيقونتين لـ “الجمهورية المصرية”
السيسي أتبع ذلك بإعلان أربعة مبادئ لـ “الجمهورية المصرية الجديدة”: ديمقراطية – حديثة – مدنية – قوية
فماذا يعني الرئيس السيسي بـ “الجمهورية المصرية” ولماذا ربطها بالمشروعين تحديدًا؟
س/ج في دقائق
ماذا تعني “الجمهورية الجديدة” عمومًا؟
يحمل مصطلح الجمهورية الجديدة دلالات تاريخية. استخدم للإشارة إلى نقاط التحول الرئيسية في تاريخ الأمم.
يفترض أن الفكرة نشأت في فرنسا، إيذانًا ببداية تغييرات جذرية في هيكل الحكومة، وآخرها الجمهورية الخامسة “الأحدث” التي أعلنها شارل ديجول” في 1958 عندما أدخل تعديلات دستورية أدت لانتخابات رئاسية شعبية مباشرة وأنهت حالة فرنسا كقوة استعمارية.
بالمثل، استخدم المصطلح في الصين 1911 للإشارة إلى سقوط الإمبراطورية.
في حالات أخرى، استخدم المصطلح بشكل فضفاض. منها إيطاليا في 2001، عندما فاز برلسكوني بأغلبية برلمانية كبيرة، فقال أنصاره إنه يصنع التاريخ ويطلق الجمهورية الجديدة.
في مصر، استخدمت مجلة تايم الأمريكية مصطلح “الجمهورية الجديدة” في 23 يونيو 1953 بعد إعلان جمهورية يوليو. ولكن في سياق مختلف. حيث إن الاستخدام يعني ببساطة أنها جمهورية لم تكن من قبل.
الجمهورية الجديدة “الأولى” في مصر 1953 – مجلة تايم
وفي 2021، استخدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مصطلح “الجمهورية المصرية الجديدة” مرتين: الأولى للحديث عن افتتاح العاصمة الإدارة الجديدة والثانية عند تدشين مشروع حياة كريمة لتطوير الريف المصري.
لماذا اعتبار المشروعين تحديدًا أيقونتي “الجمهورية المصرية الجديدة”؟
وفق النسخة الإنجليزية من “الأهرام” الرسمية المصرية، يتحرك تصور “الجمهورية المصرية الجديدة” من إنهاء المخاوف الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، عبر إنهاء “العشوائية” التي يرى الرئيس السيسي أنها وفرت الحاضنة الشعبية لتلك المخاوف لعقود.
هنا، بدأ المشروع بحملة القضاء على العشوائيات، ثم تحرك نحو إلغاء البناء العشوائي، وصولًا إلى “أيقونتي الجمهورية الجديدة”:
العاصمة الإدارية الجديدية:
بتكلفة 300 مليار دولار، كأيقونة لبناء مراكز عمرانية جديدة بمعايير خاصة قابلة للتكرار في 44 مدينة جديدة بعيدًا عن وادي النيل، وفقًا لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. والتي تضمن بين أهدافها “إعادة بناء الإنسان المصري ثقافيًا عبر “إحياء الهوية المصرية”.
حياة كريمة:
بتكلفة تقارب 45 مليار دولار، كأيقونة لإعادة تشكيل الريف المصري الذي يضم 57% من السكان في القري وتوابعها عبر تحسين البنية التحتية والخدمات و”الثقافة”.
بالتالي، كانت المشروعات الأخرى، خصوصًا في قطاعات النقل والطاقة والمياه والصحة وغيرها، مكملًا للنواقص الخدمية المطلوبة لتغطية المجتمعات الجديدة.
ما أهداف “الجمهورية المصرية الجديدة” من بناء العاصمة الإدارية؟
سياسيًا، تعتبر القاهرة أن تدشين عاصمة جديدة يؤشر لانتقال النظام من مرحلة “التهديدات الوجودية” التي بدأت في يناير 2011 مرورًا بحكم الإخوان، إلى مرحلة “تثبيت الأركان على أسس جديدة”.
الأسس، وفق أستاذ القانون الدستوري شوقي السيد، تشمل تطوير القوة البشرية التي تدير مؤسسات الدولة نفسها لإظهار أن تحولًا حقيقيًا يحدث، لا مجرد تغيير للمكان.
يضيف أن الدولة المصرية تسعى لتحويل العاصمة الإدارية الجديدة إلى ما يشبه “الموديل القابل لإعادة الاقتباس” كأيقونة لحجم التغيير “التقني والفكري” الذي حققته، وإعلانًا للمواطنين الذين ارتبطوا بسياسات اقتصادية واجتماعية انتهجتها الجمهورية السابقة أن التطور الحاصل مردود إلى الإصلاحات التنموية التي أفضت لرفع يد الدولة عن دعم العديد من الخدمات.
السيسي نفسه أشار لتلك النقطة في أبريل 2021 حين قال إن الجمهورية الجديدة “تغيير في الجوهر والمضمون” بالإضافة إلى “الشكل”.
مواصفات العاصمة الإدارية الجديدة القياسية السبع المخطط اقتباسها في المدن الـ 44 الأخرى هي:
المواصفات القياسية السبعة في المدن المصرية الجديدة
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يعتبر مشروع “حياة كريمة” لتطوير الريف المصري “أكبر – أصعب – أشمل مشروع من شأنه تغيير وتحسين نوعية الحياة في التاريخ، ويقول إنه “الوحيد في العالم الذي يحقق كل أهداف التنمية المستدامة”.
خالد عبد الفتاح، مدير المبادرة بوزارة التضامن، يصفه بـ “الأكثر تنوعًا” باعتباره لا يقتصر على تطوير البنية التحتية، بل يركز بالأساس على “التمكين الاقتصادي والاجتماعي”.
ووفق منصة الأمم المتحدة لأفضل ممارسات التنمية المستدامة في العالم، والتي ضمت “حياة كريمة” إلى منصتها في يوليو 2021، يستهدف المشروع خصوصًا “الاستثمار في تنمية الإنسان” بالتركيز على الاقتصاد بشكل خاص عبر خفض معدلات الفقر والبطالة، وتدشين مشروعات استثمارية تتراوح بين المتوسطة ومتناهية الصغر.
محمود محيي الدين، النائب الأول لرئيس مجموعة البنك الدولي لخطة التنمية 2030، قال إن الأمم المتحدة أضافت المبادرة لقائمة أفضل الممارسات وفق معايير دولية تتضمن مكافحة الفقر والمساواة بين الجنسين.
ويشير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية لهدف “إعادة تشكيل وترسيخ للهوية المصرية فى الريف المصرى”.