صدر كتاب "حجاب الصمت: سوء المعاملة والعنف والإحباط في الحياة الدينية الأنثوية"، أواخر عام ٢٠٢١، في إيطاليا، ويتضمن الانتهاكات اليومية التي تتعرض لها راهبات في أديرة.
من أبرز الانتهاكات التي رصدها الكتاب؛ الانتهاكات الروحية والنفسية والجنسية التي تتعرض لها راهبات من جانب رؤسائهن في الكنائس، ما يؤدي في النهاية إلى طردهن من مجتمعاتهن، والتشكيك في إيمانهن بالله والكنيسة، واتهامهن بـ "إغواء الكهنة"، لينتهي المطاف ببعضهن في الشوارع، بينما تلجأ أخريات إلى منزل للنساء المعنفات.
واحتوى الكتاب على مقال كتبته ناتالي بيكوارت، عالمة اللاهوت الفرنسية، أكدت فيه أنه آن الآوان أن تنظر الكنيسة إلى الواقع السام للحياة في الطوائف الدينية، وتتضامن مع الضحايا من الراهبات، وتمنع حدوث مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.
قالت راهبة في ولاية كيرالا، تدعى لوسي كالابورا، في سيرتها الذاتية، إن القساوسة الذين كانوا يذهبون إلى الأديرة في زيارات، كانوا يتحرشون جنسيًا بالراهبات، مشيرة إلى أنها تعرضت للتحرش أربع مرات.
وأكدت لوسي، أن إحدى الراهبات أنجبت طفلا جراء الاعتداء عليها من جانب رجال دين، موضحة أن الكنيسة حمت الجاني الذي تسبب في حمل الراهبة وإنجابها.
كما كشفت تيريزا كامدن، أنها وامرأة أخرى تعرضتا للاعتداء الجنسي عام 1972، من مديرهم المبتدئ الأب ماري فين، الذي كان يدعوهما في أكواخ منعزلة، ويخبرهما أنهما بحاجة لتجربة الطبيعة ومن ثم يعتدي عليهما جنسيًا.
واستغاثت إحدى الراهبات بالهند بالفاتيكان أكثر من مرة بعد تعرضها للاعتداء الجنسي من جانب أحد القساوسة ويدعى فرانكو مولاكال خلال زيارته للدير، مشيرة إلى أنه اغتصبها نحو 13 مرة خلال الفترة من 2014 حتى 2016، إلى أن وصل الأمر للشرطة في مدينة كيرالا التي ألقت القبض عليه.
لم يتوقف الأمر عند الاعتداءات الجنسية من رجال الدين؛ بل وصل الأمر إلى اعتداء راهبات على بعضهن، أو على فتيات من زائرات الدير.
مثلما حدث مع الفتاة "ستار"، التي سُمِحَ لها في الثالثة عشر من عمرها بالانضمام إلى مدرسة راهبات نوتردام.
بدأت ستار تلقّي جلسات علاج نفسية تحت إشراف راهبة متخصصة في العلاج، لكنها تعرضت خلالها للتحرش.
حكت أن الطبيبة كانت تُجبرها على التعري وتدليلك جسدها، وفي إحدى المرات أزالت عنها ملابسها واعتدت عليها.
اعتقدت ستار التي كانت طفلة آنذاك أن ما تمارسه معها الطبيبة نوعًا من العلاج، وقالت في مقابلة لها: "أعلم أن الأمر يبدو غريبًا الآن، لكنها كانت طبيبة نفسية ولديها سلطة كبيرة عليَّ".
كل هذه الوقائع دفعت لوسيتا سكارافيا، المحررة بمجلة نساء الكنيسة إلى إبلاغ البابا فرانسيس بابا الفاتيكان بوقائع الاغتصاب والإجهاض السري، التي تتعرض لها الراهبات في الكنيسة، ما دفع بعض القساوسة إلى عرض الأموال عليها للحصول على الأدلة التي بحوزتها، لتضطر وفريقها إلى الاستقالة من عملهم.
ولم تتوقف سكارافيا عن ذلك؛ بل خطت خطوة أخرى إلى الأمام؛ من خلال سرد لاذع للعديد من حالات اغتصاب راهبات من قبل القساوسة والأساقفة، وإجبارهن على الإجهاض أو مغادرة الكنيسة إذا حملوا نتيجة لذلك،
وبعد أيام قليلة من نشر المقال، أقر البابا فرانسيس بابا الفاتيكان لأول مرة بقضية الإساءة الواسعة النطاق ضد راهبات.
قال البابا فرانسيس إن الكنيسة تدرك حجم الاعتداءات التي تواجهها الراهبات، مشيرا إلى أنها أوقفت العديد من القساوسة عن العمل.
وأكد البابا فرانسيس خلال جولته بالشرق الأوسط، أن الاعتداء الجنسي على الراهبات يرجع إلى الثقافة السائدة في المجتمعات بأن النساء من الدرجة الثانية.
وأشار إلى أن الاعتداء الجنسي يحدث بشكل كبير تجمعات معينة، لافتا إلى أن البابا بنديكت كان لديه الشجاعة للتعرض لهذه المشكلة من قبل وحل تجمّعات دينية ثبت أن الراهبات تعرضن فيها لإساءات جنسية من قِبَل رجال الدين.