في حوارٍ أجرته أنس جابر، وهي بعد في الـ16 من عُمرها، وتستعد للمشاركة الثانية في "رولان جاروس"، بعد النسخة السابقة التي وصلت فيها للمباراة النهائية. قالت : "طموحاتي أن أستطيع فرْض طريقة لعب في الميدان".
اختصرت الجُملة الكثير من مسيرة نجاح أنس، وتحديدًا هذا الموسم المميز، بتمكنها من فرض طريقة لعبها على خصومها في كافة اللقاءات، حتى لو كانوا من المستوى العالمي.
شملت هذه النسخة من بطولة ويمبلدون، العديد من الأنباء السعيدة على أنس.
لتبلغ هذه المبارة، حققت أنس فوزًا تاريخيًا على الأمريكية فينوس ويليامز، والتي فازت بالبطولة 5 مرات.
بعدها قالت فينوس: "بفضلها، سترون جيلاً جديدًا من نساء شمال أفريقيا يلعبون التنس، إنها تُلهم الكثيرين، وأنا منهم".
هذا الأمر، لا تتردد أنس في الإعلان عنه عقب تحقيقها الانتصار تلو الآخر: "ما أريد قوله، إنني إذا وصلت فلا شيء مستحيل، هذا ما أحاول إلهام الأجيال الأخرى بشأنه".
بفضل الأداء المميز، الذي قدّمته هذا الموسم، ٢٠٢٠/٢٠٢١، تحتل أنس جابر المرتبة 26 في التصنيف الدولي، أفصل مركز حققته منذ احترافها التنس، وتمتلك فرصة كبيرة لإضفاء المزيد من التحسن.
لكنها تطلع لما هو أبعد.. فلقد بدأت موسمها بتصريحٍ واضح، أكدت فيه "لن أكتفي هذا العام بأدوار رُبع النهائي، أريد الفوز بالألقاب، وأن أكون ضمن الـ10 الأوائل. أنا أملك مستوى يحقق ذلك".
في يونيو2021، باتت أُنس أول لاعبة تنس في تاريخ المنطقة تُحرز لقبًا محترفًا هو بطولة برمنجهام.
كفلت لها هذه الإنجازات المتتالية أن تصبح أفضل لاعبة تنس في تاريخ تونس والمنطقة، وهي بعد لا تزال في منتصف مسيرتها الرياضية.
تعلن بشكل متكرر أنها لا تدين لأحد بالفضل في تحقيق هذا النجاح إلا تونس، تقول: "انا منتج تونسي 100%" بالإضافة لسابق رفضها عرضًا أستراليًا بنيل جنسيتها واللعب بِاسمها، وهو ما ضاعف من تعلّق التونسيين بها.
يأتي هذا، في وقتٍ تعيش في تونس أزمة سياسية واقتصادية خانقة، ضاعف منها انتشار فيروس كورونا على نطاق واسع، وفشل الجهود الحكومية لتحجميه، ليعتبر كثيرون تألق أنس بارقة أمل مضيئة وحيدة في واقع صعب تعيشه تونس منذ سنوات.
وهو تحديدًا ما قاله مدرب التنس التونسي برهان سليمان: "إنها تجعلنا ننسى ما يحدث هنا، ونؤمن بأنفسنا".
كلما حققت أنس المزيد من النجاح، تذكّر الجميع سيرة لاعب التنس المغربي هشام أرازي، ونجاحاته المميزة في بطولات التنس الكبرى.
تحكي أنس: "الجميع يقارنني بأرازي، الجميع يقولون لي، أنتِ تذكريننا بهشام".
حرص هشام أرازي، على تقديم دعم ٍمعنوي كبير لأنس منذ بداية هذا العام.
وكشفت، أنه حرص على مراسلتها عبر تطبيق "انستجرام" عقب بطولة أستراليا المفتوحة، التي أقيمت في بداية هذا العام.
ويمتلك أرازي مسيرة مميزة بدوره، بعدما وصل 4 مرات إلى الدور النهائي في بطولات التنس الكبرى.
تقول أنس: "بعث لي عدة رسائل، وقدّم لي العديد من النصائح حول اللعبة، بصراحة.. لقد ألهمني كثيرًا، وأحاول تحقيق ما حققه".
تعلمت أنس أصول التنس على يدي والدتها، التي كانت تلعب التنس أيضًا، وحرصت على تلقين أنس مبادئ اللعبة منذ أن كانت في الـ3 من عُمرها.
بعد "تأسيس الأم"، انتقلت أنس إلى معهد رياضي دراسي مكّنها من التدرُّب بِانتظام مع عدم تفويت أي دروس مدرسية، وهو مالم يُصبها بأي تشتيت مبكر عن عدم إمكانية النجاح في مجالي الدراسة والرياضة معًا.
بعد انتهاء دراستها في هذا المعهد، دخلت أنس مرحلة جديدة من حياتها الرياضية، وهي الاقتران بخبير اللياقة البدنية كريم كمون.
كريم بطل مبارزة سابق، متخصص حاليًا في علم النفس واللياقة البدنية، وأحد كوادر فريق أنس الرئيسي، مع مدربها المحلي عصام جلالي، والذي تمسكت أن تحتفظ به تونسيًا، ولا تلجأ إلى آخر أوروبي، بعد وصولها إلى عالم الكبار.
تحرص أنس على توجيه الشكر لزوجها عقب كل إنجاز تحققه، وتعتبر أنه كلمة سر رئيسية في نجاحاتها.
في 2018، قرّرت وزارة الرياضة إقالته من منصبه كمعدٍّ بدني في الجامعة التونسية للتنس، فتحدّت هذا القرار وأعلنت رفضها له حتى تم التراجع عنه.
ومن وقتها، استمر ارتباط كريم -الرياضي- بها حتى الآن. تحدثت في حوارٍ قديم عن علاقتهما، اعتبرت فيه أنه "أضاف لها الكثير، داخل الملعب وخارجه"، وهو يتحدث معها باستمرار عن التنس وعن كل تفاصيل المباريات والتدريبات، معتبرة عن أنها محظوظة لأنه معها.