فستان بسنت شوقي ومايوه محمد صلاح| تقليل المسافة بين الموت والحياة | خالد البري

فستان بسنت شوقي ومايوه محمد صلاح| تقليل المسافة بين الموت والحياة | خالد البري

13 Jun 2021
خالد البري رئيس تحرير دقائق نت
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

الحياة الدينية – لو طبقت بحذافيرها – حياة مأساوية. الفرد فيها أتعس من أي كائن سواه، على مدار حياته، باستثناء لحظة اصطياده. حتى تلك اللحظة القاسية لا تقنع أبناء البراري بالرضا بالأسر تجنبًا لها وخوفًا منها،

لو أحصيت عدد الحيوانات البرية التي استطاع الإنسان أن يروضها لوجدتها ضئيلة للغاية بالمقارنة بالعدد الكلي، لا تكاد تذكر.

لكن الإنسان نفسه تروض. ويريد هذا المروض أن يروض بقية أبناء نوعه.

بلا مقابل فوري

ترويض الإنسان دينيًا وظيفة تتطلب أكثر من الدوام الكامل، من التاسعة إلى الخامسة، تتطلب الدوام التام، من الزيرو حتى ٣٦٠، حضور وانصراف متعدد، محدد المواقيت، تمتمات سرية، كاميرات رقابة مرئية في عيون المؤمنين من حولك، وأخرى لا مرئية تتابعك في حمامك وغرفة نومك وحين تهرش،

تدخل إلى أفكارك وتحاسبك عليها، تتخير لك أنثاك أو ذكرك، وما يمكن بينهما وما لا يمكن، وحجم المسموح بالغضب، وحجم المسموح بالود، وحجم المسموح بالتنوع.

ربما لا تجد في الكتالوج ما يناسبك أنت أبد. الكتالوج لم يخطئ. أنت الغلط، يا كائن يا غلط.

ثم بعد ذلك لا أجر فوريًا. هناك مكافأة موعودة في حياة أخرى.

ما دون ذلك ليس هناك من مكافأة في هذا العالم إلا السلطة. يجمع مشاهير رجال الدين بين السلطة والمال، ويجمع قادة الدين السياسي بين السلطة والمال والنفوذ المادي. ويكتفي صغار المتدينين بالتحزب لكي يمتلكوا سلطة على أقرانهم وجيرانهم. يتمتعوا بنظرات الانكسار في عيون مخالفيهم في الدين، وبسلوك الطاعة ممن روضوهم.

هذا الصنف الأخير من الجنود المجندة، الوضيع الرغبات، الراضي بما دون الحد الأدنى من أجر العاقل، ومكافأة الطموح، هو الكتائب التي تلاحقك.

الحل تضييق الفوارق

حياة لا تحتمل. ولا يمكن أن تحتمل إلا بالحديد والنار. إلا بالإرهاب والقمع. إلا بكسر النفوس المتماسكة، حتى لا يبقى على الأرض سوى “الركش”.

إن كان الأمر هكذا. كيف يمكن إبقاء البشر في حظيرة هذه الحياة التعيسة؟

الإجابة بسيطة.. بتقليل الفارق إلى حد الضآلة بين من هم داخل الحظيرة وما خارجها.

من هنا يأتي إصرار المتدينين على ملاحقة غيرهم. إن ارتدت امرأة فستانًا يزين جمالها، سارعوا إلى شن حرب شعواء عليها. ربما ترى فتاة في حظيرتهم ذلك فتشعر بالرغبة في التنعم بذلك الجمال.

إن ظهر شاب رياضي ناجح على البحر، بملابس البحر، سارعوا إلى ملاحقته. ربما يزين هذا لشاب غيره أن يترك نموذج الرياضي السمج المنغلق ذي الضحكة الصفراء، ويرى الحياة بوسعها. في متعها اليومية البسيطة.

الموضوع هاهنا لم يقتصر على الحلال والحرام فقط. فأحيانًا لا يسعفهم هذا السلاح. الموضوع هو سعة الحياة، في مقابل ضيق الحظيرة.

الموضوع الأكبر هو الكائن المروض. في مقابل الكائن الحر، الذي يختار بعقل نفسه ما يريد لنفسه، ولا يؤذي أحدًا.

مطاردة مفتوحة

سيظل قطيع ترويض الإنسان دينيًا يلاحقك، سيظل يتحرش بك، سيظل يحجز أذنك عن سماع متع المشاعر، وفمك عن تذوق عسل الحياة والحب، ويدك عن لمس ما يطرب الفؤاد، وإطلاق طاقة النشوى. سيظلون يمنعون النسمة عن شعرك، وصدرك. لهدف وحيد: أن يجعلوا الفارق بين الموت والحياة ضئيلًا، لا يستحق عناء صرخة … الميلاد.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك