قبل أمطار 2022، كانت سوريا تمر بواحدة من أسوأ موجات الجفاف في الذاكرة الحديثة، والتي وصفها وزير الزراعة السوري حسان قطنا بالأسوأ منذ 70 عامًا. بينما وصفتها الإدارة الذاتية في الرقة، شمال شرق سوريا بـ "كارثة حقيقية" تواجه سلة غذاء البلاد.
الأمطار الكثيفة الأخيرة كانت بشارة أمل رغم كارثيتها على مخيمات اللاجئين. لكن، ومع غياب البيانات حول كميتها، فالتحذيرات قائمة من غياب تناسب توزيع موسم المطر مع موسم الزراعة، ومن أن كميتها ربما تبقى أقل من المواسم السابقة.
وتوضح البيانات الكارثة الزراعية التي تواجه سوريا، حيث تُظهر بيانات مؤشر الهطول خلال موسم الأمطار من شهر أكتوبر 2020 إلى مارس 2021 أن جميع أنحاء البلاد عانت بشكل أساسي من ظروف أكثر جفافاً من المعتاد.
ومع تراجع الاعتماد على هطول الأمطار للحفاظ على محاصيل سوريا، يصعب الاعتماد على منظومات الري للإبقاء على الإنتاج الزراعي، لثلاثة أسباب رئيسية:
1- أنظمة الري تغطي 16 و 17٪ فقط من الأراضي المزروعة في سوريا، وفقاً لأحدث البيانات. ما يضاعف الأزمة هو شح الوقود المستمر، والذي يقلل القدرة على تشغيل الآبار باستخدام، مما يعني أن مساحة الأراضي المروية آخذة في التناقص أيضًا.
2- نقص كمية المياه الواردة من نهر الفرات بعدما عانت تركيا هي الأخرى من مواسم جفاف.
3- الاستثمار المستمر من تركيا في بناء السدود على طول الممر المائي، وبما أن هذه السدود تستخدم لامتصاص المزيد والمزيد من المياه حيث أصبحت السدود مركزية بشكل متزايد لإنتاج الطاقة في تركيا، فإن كمية المياه التي تصل إلى شمال شرق سوريا تتناقص بشكل كبير.
والنتيجة أن الكتلة الحيوية للحبوب باتت منخفضة أو مفقودة في جميع أنحاء الشمال الشرقي، لا سيما محافظة الحسكة، المنتج الرئيسي للقمح في سوريا، مع اختفاء الكتلة الحيوية للنباتات الأخرى، وبينها الفاكهة والخضروات والحبوب.
كما هو موضح في الرسم البياني، فإن قدرة سوريا على الاكتفاء الذاتي من الغذاء تستمر في الانحدار.
وفقًا لبيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي (WFP)، يعاني حوالي 12.4 مليون شخص (ما يقرب من 60٪ من السكان) من انعدام الأمن الغذائي ولا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية، وهو أعلى رقم مسجل في تاريخ سوريا، بزيادة قدرها 57% منذ عام 2019.
ومن أصل 12.4 مليون، هناك 1.3 مليون يعانون بالفعل من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
بجانب الإنتاج الزراعي المتضائل في سوريا، لا تستطيع سوريا الاستيراد لأن احتياطياتها من العملات الأجنبية تكاد تكون معدومة. حتى روسيا، الشريك الأقرب لسوريا إلى جانب إيران، لم تنفذ الاتفاق الذي وقعته مع دمشق لتصدير 1.5 مليون طن من القمح إلى البلاد بحلول نهاية عام 2021 بسبب نقص الأموال في سوريا.
رغم هذه الأزمات، فإن التمويل الإنساني لسوريا، من خلال الأمم المتحدة، آخذ في الانخفاض؛ فاعتبارًا من يونيو 2021، جرى تسليم 15٪ فقط من مبلغ 4.2 مليار دولار طلبته الأمم المتحدة لسوريا لعام 2021، مقارنة بـ 1.4 مليار دولار من 3.8 مليار دولار (أي 37٪) المطلوبة لعام 2020.
على الرغم من الاحتياجات المتزايدة، فإن تمويل الجهات المانحة الإنسانية لسوريا، اعتبارًا من 25 نوفمبر 2021، عند أدنى مستوى له منذ 2014، مع استجابة الحكومات في جميع أنحاء العالم للانكماش الاقتصادي الناجم عن كورونا. هذا قلص المساعدات التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي إلى أكثر من 5 ملايين شخص في جميع أنحاء سوريا شهريًا.
ثلاث علامات على المجاعة الوشيكة في سوريا (معهد الشرق الأوسط)
الإدارة الذاتية تحذر من “كارثة” جرّاء الجفاف شمال شرقي سوريا (عنب بلدي)
سوريا: أزمة مياه نهر الفرات وتوقعات الجفاف (Relief Web)
النقاط الساخنة للإنتاج الزراعي في سوريا (European Commission Joint Research Centre)
أزمة القمح والخبز في سوريا وأثرها على السكان (مركز الدراسات الشرق أوسطية)