صراع إيران والولايات المتحدة على لبنان.. من يحل أزمة الطاقة؟| س/ج في دقائق

صراع إيران والولايات المتحدة على لبنان.. من يحل أزمة الطاقة؟| س/ج في دقائق

24 Aug 2021
لبنان
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

 أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أن الحزب أمّن شحنات وقود من إيران. في تصريحات تأتي وسط أزمة كبرى في الوقود داخل لبنان.

بعد ساعات، أعلنت السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا أن الولايات المتحدة تعمل مع مصر والأردن والبنك الدولي لإيجاد حلول لنقص الوقود في لبنان.

أظهر هذا التصريحان حقيقة وجود صراع خفي بين أمريكا وإيران للتطاحُن في الساحة اللبنانية عبْر استغلال أزمة الطاقة في لبنان.

لكن ما قيمة هذين الاقتراحين من الناحية العملية، وما مردودهما السياسي؟

س/ج في دقائق


كيف استغل حزب الله أزمة الطاقة في لبنان لإحراج أمريكا؟

من خلال إعلانه الاستباقي تحركه لحل الأزمة، أجبر نصر الله الولايات المتحدة على اتخاذ موقف دبلوماسي أكثر فاعلية بشأن أزمة الطاقة في لبنان، وترك واشنطن أمام خيارين غير مريحين.

الخيار الأول: أن تتغاضَى الولايات المتحدة عن واردات الوقود من إيران، بغض النظر عما إذا كانت السفن سترسو في لبنان أو سوريا، وهذا الخيار سيُظهر أمريكا كدولة تُناقض نفسها، وتتراجع عن العقوبات التي فرضتها بنفسها على أي دولة تتعامل مع إيران بتروليًا.

الخيار الثاني: ألاَّ تغضّ الولايات المتحدة أعينها وتتعامل بحزم وتفرض عقوبات على لبنان، وهو ما سيُضعف موقفها في لبنان، ويُعطي رواجًا لـ”نظرية المؤامرة” التي يتبناها حزب الله ويتبناها التيار الوطني الحر، وتعتبر أن كافة ويلات لبنان هي نتيجة مباشرة لوجود الولايات المتحدة.

في كلتا الحالتين، سيستطيع حزب الله تحقيق نصر سياسي، وسيُسوّق لأي ردِّ فعلٍ أمريكي إزاء هذه الخطوة؛ بالمنع أو المنح، على أنه نجاحٍ إيراني مدوٍ مناهض للإمبريالية الأمريكية.


ما تأثير خطة حزب الله على لبنان سياسيًا؟

بعيدًا عن حسابات الربح والخسارة لحزب الله، فإن مثل هذه الخطوة ستضفي المزيد من الشقاق على لبنان.

خصوم حزب الله يستنكرون مرواغة حزب الله في السراء والضراء لتحقيق هدف واحد: تعميق الاعتماد على إيران. بغض النظر عن الصعوبات التي تقود إليه و المخاطر التي تأتي معه.

أما أنصار حزب الله فيسعتبرون التحرك دليلا على أن العلاقة الخاصة مع إيران تفيد لبنان.

وهو ما سيفتح الباب واسعًا في الساحة السياسية اللبنانية للمزيد من عمليات تبادل اللوم والاتهامات باسترضاء المؤيدين ومضاعفة الرهانات الخارجية.

وفي غياب فاعل لدبلوماسية لبنانية قوية تُجيد التعامل مع اللاعبين الأجانب، فإن مثل هذه الخطوات تُزيد من حدة الاستقطاب الطائفي اللبناني وفق محاور الشرق والغرب.

فورين فوليسي: لبنان بلا أمل .. عقوبات جماعية على مسؤوليه؟ أم التضحية بالشعب؟ | ترجمة في دقائق



هل تحل الشحنات الإيرانية أزمة الطاقة في لبنان؟

لم يتم بعد الإعلان عن كافة تفاصيل هذه الشحنات.

لكنها، بحسب أبرز التكهنات ستكفي احتياجات لبنان لأيامٍ وجيزة، وربما يحاول حزب الله الخروج بهذه الأزمة بأكبر مكاسب ممكنة، فيقصر التوزيع على المناطق التي تخضع لسيطرته.

وفي جميع الأحوال، فإن كلا الأمرين لن يُقدِّما حلاًّ قاطعًا لأزمة الطاقة في لبنان، لأن الشحنات الإيرانية القادمة -من المرجح- أن تزود المولدات بالديزل بدلاً من إعانة محطات الطاقة على العمل عبر تزويدها بالوقود اللازم.

وهو ما سيظهر ضرره على المدى البعيد، لأن الاعتماد على المولدات أكثر تكلفة واسمراريته غير مضمونة.


ماذا عن المقترح الأمريكي؟

الاقتراح الأمريكي يتضمن بيع الأردن الكهرباء للبنان، على أن تُمرّر الطاقة من خلال سوريا عبر شبكة الربط العربي.

يتطلب الربط مع سوريا تعزيز قُدرات محطة كسارة اللبنانية؛ تبلغ قُدرتها الحالية 160 ميجاوات، ولكن يجب زيادتها لتصل إلى حدود  400-500 ميجاوات.

سيستغرق تحقيق هذا التصور بضعة أشهر، لكنه قابل للتحقيق، خاصةً أن هناك مفاوضات تجري حاليًا مع البنك الدولي لتأمين تمويل للمشروع.

المقترح الأمريكي خطوة في الاتجاه الصحيح على الرغم من أنه يتطلّب وقتًا لإنجازه، هذا الوقت ليس في مصلحة أحد، وربما تزداد فيه فجوة إمدادات الطاقة في لبنان، والتي تتجاوز حاليًا 1500 ميجاوات.


ما المعوقات التي تواجه الاقتراح الأمريكي؟

هناك مشكلتان رئيسيتان يجب أخذهما بعين الاعتبار:

1- حالة خط الأنابيب على الجانب السوري، والذي تعرض لأضرار بسبب الأحداث الدامية التي شهدتها سوريا في العقد الأخير.

2- التخوف من امتلاك دمشق ورقة ضغط اقتصادية، تُمكنها من التهديد بقطع إمداد الغاز في حالة حدوث نزاع مع لبنان، مثل معارك الغاز بين روسيا وأوكرانيا.

خط الغاز العربي | النواة الأولى لنقل غاز مصر لتركيا وأوروبا.. ما القصة؟ ولماذا توقف؟ | س/ج في دقائق



وهل يملك لبنان مقترحًا خاصًا به لحل أزمة الطاقة؟

وقع لبنان في يونيو الماضي اتفاقًا مع العراق، بموجبه ستتولّى بغداد توريد زيت الوقود الثقيل إلى لبنان مقابل خدمات طبية واستشارية.

لم يتم الكشف عن تفاصيل الصفقة حتى الآن، ولم ترسُ سفن الوقود بعد على الشواطئ اللبنانية.

ويبدو أن هذا الاتفاق لن يرى النور قريبًا، وبالتالي لا يمكن التعويل عليه في حل أزمة الطاقة اللبنانية الحالية.


لماذا كل هذه الحلول المؤقتة لن تحل الأزمة؟

كافة هذه الحلول يُمكن أن تخفف وقْع شُح إمدادات الوقود في القطاعات الحيوية مثل الرعاية الصحية وتوفير المياه، إلا أنها لن تحل مشاكل قطاع الكهرباء في لبنان بشكل دائم.

نقص الكهرباء والطاقة مشكلة كبيرة بالفعل، لكنها ليست أكبر من مشكلة تقلص احتياطيات العملات الأجنبية وسط تقاعس حكومي كامل منذ ما يقرب من 18 شهرًا.

وفي وسط هذه الأزمات، سيظلُّ لبنان يواجه خسائر اقتصادية لن تنتهي اليوم ولا غدًا.

فبدون حكومة قوية وذات مصداقية لتنفيذ إصلاحات مستدامة في قطاع الطاقة بشكل نهائي، وللتفاوض على حزمة مالية مع صندوق النقد الدولي، ستستمر الليرة اللبنانية في الانخفاض، ولن تتحسّن أحوال اللبنانيين المعيشية أبدًا.

وفي النهاية، سيستمر استخدام لبنان كـ”أرض اختبار”، عالقة بين حملة حزب الله لتحريك البلاد شرقًا ومحاولات الغرب لاحتواء نفوذ إيران المتزايد في المنطقة.


هل هناك مصادر أخرى لزيادة المعرفة؟

السباق بين حزب الله والولايات المتحدة لحل أزمة الطاقة في لبنان(معهد الشرق الأوسط)


 

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك